إن غرفة الجنايات الابتدائية تصرح علنيا حضوريا ابتدائيا بمؤاخظة المتهمين مبارك ورقية من أجل المنسوب إليهما ومعاقبة مبارك بعشرين سنة سجنا نافذا من أجل القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد مع اعتباره في حالة استفزاز فيما أدينت رقية من اجل الخيانة الزوجية وعدم التبليغ عن وقوع جناية والحكم عليها بسنة واحدة حبسا نافذا.. فما الذي حدث؟.. كان مبارك ذاك المقاول الناجح الذي استطاع في ظرف سنوات أن يبني ثروة لا بأس بها واشترى منها منزلا ونمى منها مقاولته. وبعد ان أحس بالوحدة تدب في كيانه، قرر ذات يوم أن يكمل دينه، فأختار رقية ذات الجمال الأخاذ خطيبة له هي التي لم يتجاوز سنها العشرين سنة. كانت هي الأخرى قد سقطت في شراك مبارك الذي كان لحظتها قد بدأ يركب في سيارات آخر طراز. وبعد علاقة غرامية بينهما، قررا الزواج. لم تدم حياة العشق والوله أكثر من سنة حتى أصيبت العلاقة الزوجية بفتور جراء مشاكل مالية أصابت مقاولة مبارك اضطر معها إلى بيع المقاولة والشقة والانتقال للعيش مع عائلته في انتظار الفرج. إلا أن رقية لم تستسغ هذا الوضع الجديد وأضحت قليلة الاهتمام بالزوج وعائلته التي استقبلت الابن والزوجة في إطار التضامن العائلي. وأرادت رقية العودة إلى الحياة التي كانت تعيشها قبل الزواج. وذات مساء، وفي غياب الزوج الذي كان يبحث عن مخرج لمشاكله، قررت الاتصال عبر الهاتف بشخص غريب كانت قد تعرفت عليه أثناء مراهقتها.. وماهي إلا لحظات حتى أعاد الشخص الغريب الحرارة في هاتفها برسالة قصيرة جعلتها تتصبب عرقا وأعادت هي ذات الكرة لتصبح الرسائل القصيرة هي عشقها اليومي ما بينها وبين الشخص الغريب الذي احيت معه ذكريات عشق ممنوع سيقود إلى ارتكاب هذه الجريمة. الشك الذي قاد إلى اليقين.. وفي لحظة ما، وأمام إصرار الزوجة على إقفال هاتفها برقم سري وعدم تركه لحظة واحدة للاطلاع عليه، تسرب الشك إلى الزوج الذي كان يثق ثقة عمياء في شريكة حياته، حيث سرعان ما انقلبت حياتهما رأسا على عقب، خاصة بعد أن ضبطها وهي تتحدث هاتفيا مع هذا الشخص الغريب في حالة تلبس. وما هي إلا ساعات قليلة حتى تعرف على هوية العشيق الجديد الذي دمر حياة الزوج، حيث تمكن من الترصد لهما لعدة أيام قبل أن يعاين زوجته رفقة عشيقها. العشق الممنوع.. بعد حياة زوجية قصيرة، لم يكن مبارك، الشاب الذي كله حركة وحيوية، يتصور أن زوجته التي كان يغدق عليها بالمال والهدايا ستلجأ إلى خيانته مع شخص آخر، كما لم يخطر يوما بباله أنه سيقترف جريمة قتل ترهن بقية حياته خلف القضبان، لكن الحالة الهستيرية التي أصابته جراء اكتشافه خيانة زوجته، جعلته يفقد صوابه، ويقدم على ارتكاب جريمته بعد بضعة أشهر على زواجهما، حدثت أمور مغايرة في تصرفات الزوجة، فأضحت تعامله باللامبالاة والاستخفاف، خاصة بعد انتقالها للاستقرار مع والديه، إثر الضائقة المالية التي تعرض لها في عمله كمقاول. عندئذ لم يعر الزوج للأمر اهتماما، واعتبر ذلك مجرد سحابة صيف عابرة سرعان ما سيحل الفرج خاصة وأن أصدقاءه كانوا قد بدأوا في مساعدته للخروج من الأزمة، رابطا هذا التحول بتغير نمط حياتهما في ظل إحساس الزوجة بالعيش في منزل غير منزلها المستقل. ممارسة العشق الممنوع بمحضر العائلة وفي الوقت الذي كان مبارك يسارع الوقت من أجل الحصول على حل لأزمته وأثناء العودة إلى منزل العائلة باغت زوجته وهي تتحدث إلى شخص مجهول في هاتفها المحمول، بعد أن تفادت الحديث معه أمام زوجها وباقي أفراد العائلة، واختارت الانزواء داخل الغرفة وأغلقت الباب وراءها، حينها لم يصدر منه أي رد فعل تجاه تصرفها، وانتظر الفرصة المناسبة ليحادثها في الموضوع. شك منذ البداية في أن من كان يحدثها ليس شخصا عاديا، بدليل أنها لو لم يكن في الأمر حرج بالنسبة إليها لكانت تحدثت أمام الجميع، وأفصحت في نهاية المكالمة عن هوية محدثها. كانت هذه هي نقطة البداية، التي قلبت حياتهما الزوجية رأسا على عقب، ولأول مرة بدأت تراود الزوج شكوك حول احتمال انشغال زوجته بشخص آخر غيره، خاصة بعد إحساسه بتزايد نفورها منه وعدم اهتمامها به بما فيه الكفاية. لم يقو على التريث إثر هذا الحادث، وبات الهاجس الذي يؤرقه، صباح مساء، هو احتمال تورط زوجته في علاقة غرامية مع أحد الأشخاص، هكذا سعى الرجل الذي لم يسبق أن بخل من قبل على زوجته بالعطف والحنان والهدايا، حينما كان يوفر بعض العائدات المادية من وراء عمله، إلى الترصد لزوجته ومراقبتها، وهو يتساءل كل مرة عمن يكون هذا الشخص، الذي اقتحم حياتهما الزوجية. أصيب مبارك بالإحباط بعد أن تحولت شكوكه إلى حالة مرضية، وبدأ يعاين تصرفات زوجته داخل المنزل وخارجه، ويسألها عن كل صغيرة وكبيرة ويضطر أحيانا إلى اقتفاء أثرها لعله يضبطها في حالة تلبس مع عشيقها، وأصبحت العلاقة بينهما مشحونة بعبارات جارحة. كما أصبح يتعمد قضاء بضعة أيام بعيدا عنها وعن البيت لدى أصدقائه، ليتأكد على إثر ذلك أن زوجته لم تعد ترغب فيه زوجا بعد أن تعلق قلبها بهذا الشخص، الذي استطاع ان يخطف قلب الزوجة عن زوجها. الحقيقة الغائبة عن الزوجة فكر الزوج كثيرا في الطريقة التي تمكنه من اكتشاف حقيقة خيانة زوجته وضبطها مع عشيقها في حالة تلبس، فتمكن بعد البحث في ذاكرة هاتفها من الحصول على رقم هاتف العشيق، من خلال رسائل قصيرة كلها حب كان يرسلها إليها، حينها أحس مبارك بمهانة جعلته يقرر الانتقام لنفسه ولكرامته، قبل أن يهتدي إلى العشيق وتنقشع هويته. اشتعلت نار الغضب في دواخل مبارك، فتوقف تفكيره وشعر برغبة جارفة في الانتقام لشرفه، وتوجه توا إلى متجر قريب من مكان العشق الممنوع، حيث اقتنى أداة حادة تستخدم في النجارة، ثم عاد قريبا من منزل عشيق زوجته. وبعد نحو ساعة أحس أن باب الشقة التي كانت تأوي العشيقين يفتح، فأسرع الخطى نحو الدرج، وهوى بالأداة الحادة على رأس العشيق وبالحركة نفسها هوى على كتف زوجته، بعد أن كان يقصد رأسها إلا أن الضربة لم تنل منها، ففرت وهي تطلب النجدة بينما هو في حالة هستيرية. جريمة قتل في مكان ممارسة الرذيلة أثارت الجريمة فضول سكان الحي، الذين تجمهروا من هولها فسارعوا لاستطلاع ما حصل، وكان ذهولهم كبيرا، عندما عاينوا شخصا مصابا بجروح عميقة، وهو ما يزال حيا، بينما مبارك أمامه يحمل أداة حادة ويصيح بعبارات مبهمة، فسارع بعض الأشخاص إلى الاتصال برجال الأمن، وبعد دقائق حضر رجال الشرطة، الذين اتصلوا بسيارة الإسعاف من أجل نقل المصاب إلى قسم الإنعاش، بينما ألقوا القبض، دون أي مقاومة، على المتهم. يوم واحد كان كافيا ليفارق العشيق الحياة، واعترف المتهم بما اقترفت يداه، وأحيل رفقة الزوجة على المدعي العام الذي أحاله على التحقيق. وبعد انتهاء التحقيق، أحيل المتهم على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف، التي بعد أن اعتبرت القضية جاهزة وبعد أن اكد دفاع المتهم مبارك أن موكله كان في حالة استفزاز جراء معاينته شخصيا لزوجته تخونه مع شخص آخر، وبعد المداولة، أصدرت القرار أعلاه وهو ذات القرار الذي أيدته غرفة الجنايات الاستئنافية. تنبيه: تعمدنا اختيار أسماء مستعارة حفاظا على الحياة الخاصة للمتهمين والضحايا وأن كل تشابه في الأسماء والوقائع، فإنه مجرد صدفة ليس إلا.