تواصلت أشغال المؤتمر الوطني التاسع للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، على مدى يومي 11 و 12 أبريل، بمشاركة مؤتمرين منتدبين عن فروع المنظمة من كل مناطق المغرب. فبعد الجلسة الافتتاحية التي عرفت نجاحا كبيرا مساء يوم الجمعة الماضي، صادق المؤتمر على التقريرين الأدبي والمالي، وفي اليوم الموالي شهد المؤتمر مناقشة عميقة لمشاريع وثائق المؤتمر، وفي مقدمتها التعديلات على القانون الأساسي للمنظمة ، ثم تقديم الترشيحات للعضوية في المجلس الوطني، وفي صباح يوم الأحد بدأت عملية التصويت على لائحة المجلس الوطني الجديد. وكان الدكتور محمد النشناش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان قد افتتح المؤتمر، قائلا، " إن المغرب يتوفر اليوم على دستور متقدم ومنفتح بشهادة العديد من الفاعلين، لكن يجب تفعليه وإعماله بروح ديمقراطية وتأويله خدمة للمواطنين وفتح باب المشاركة الايجابية على مصراعيه" في إشارة واضحة للمنهجية الاقصائية التي تنهجها الحكومة الحالية لكل الفاعلين على جميع الأصعدة. وأضاف النشناش، الذي كان يلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني التاسع للمنظمة مساء يوم الجمعة الماضي بالمكتبة الوطنية بالرباط، أنه في نطاق تفعيل المقتضيات الدستورية، نلاحظ على سبيل المثال استمرار تهميش الأمازيغية، حيث لا تستعمل في كل المرافق العمومية، "والتي لا تتطلب في نظرنا تكلفة مالية بل تتطلب إرادة حاسمة". وبنفس المناسبة تأسف رئيس المنظمة المنتهية ولايته، على نوع التعامل السلبي من طرف السلطات مع بعض مكونات المجتمع المدني، واحتج على منعها من القيام بأدوارها التي ينظمها القانون، كحرمان العديد من الجمعيات من استلام وصل الايداع عند تأسيسها، ثم قمع بعض التظاهرات السلمية واستعمال العنف المفرط ضد المحتجين سلميا. وشهدت الجلسة الافتتاحية التي استقطبت عددا كبيرا من الفعاليات الحقوقية والسياسية والجمعوية والنقابية والفكرية، وفي مقدمتها الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر، ورئيس اللجنة الادارية الوطنية الحبيب المالكي وأعضاء من المكتب السياسي للحزب، شهدت تكريم بعض الوجوه المغربية التي بصمت تاريخ الحركة الحقوقية بالمغرب وبعض الفعاليات التي ما فتئت تقوم بأدوار طلائعية للمساهمة في النهوض بثقافة حقوق الانسان، وعلى رأس المكرمين الوزير الأول السابق لحكومة التناوب التوافقي عبد الرحمان اليوسفي الذي يشهد التاريخ على عطاءاته المتعددة في المجال السياسي والحقوقي، ليس فقط على الصعيد الوطني وإنما على الصعيد العربي والدولي. كما كان من بين الفعاليات المكرمة الاعلامي جامع كلحسن، الصحفي بالقناة الثاني ومقدم برنامج "مباشرة معكم" بنفس القناة، لمساهمته المتميزة في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان، ثم عبد السلام الباكوري رئيس جمعية حنان بتطوان التي تعنى بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن الدكتورة عايدة حشاد كامرأة مناضلة من عائلة حشاد، التي عانت وسط أجواء سنوات الجمر والرصاص من مأساة معتقل تازمامارت، كما تم تكريم أحمد عصيد كمدافع عن حرية التعبير والفكر وكمدافع شرس عن حقوق الانسان، حيث تسلم هؤلاء درع المنظمة المغربية لحقوق الانسان تحت تصفيقات الحضور . ومن جهته ذكر المحجوب الهيبة المندوب الوزاري لحقوق الإنسان ،بنفس المناسبة، بالتحديات التي تواجه حقوق الإنسان في ظل التطورات والتحولات التي يعرفها العالم، بداية من تحدي ترسيخ المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، ثم تحدي مواجهة العولمة وكيفية التعامل معها لضمان حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تحدي وسائل الاتصال والتكنولوجيات الحديثة في إشاعة حقوق الإنسان، فضلا عن تحدي احترام الأديان لمواجهة كل التفسيرات المنحرفة للدين. واعتبر الصبار محمد، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه لا يمكن الحديث عن تاريخ حقوق الإنسان بالمغرب دون الحديث عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان التي لها باعها وبصماتها في المجال، كما أنها توجد في معادلة حقوق الإنسان بالبلاد، مضيفا في هذا السياق أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا يمكن أن يقوم بمهامه، ولا يمكن تصور أنه سينفذ ووظائفه دون أن يكون المجتمع المدني شريكا حقيقيا له في دلك. ومن جهتها عبرت أمينة بوعياش ، نائبة رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، عن قلقها إزاء أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، كالتوترات الحاصلة مع الجمعيات الحقوقية، ثم مشروع القانون الجنائي الذي جاء ليضيق على الحريات الشخصية والفردية، كما عبرت عن قلق الفدرالية بخصوص عدم إخراج قانون يسير في اتجاه تحسين وضعية المرأة المغربية في ما يتعلق بقضية الإجهاض الذي يدور النقاش حوله حاليا. وعرفت كذلك هذه الجلسة الافتتاحية كلمات لمنظمات حقوقية حلت ضيفة على مؤتمر المنظمة المغربية لحقوق الانسان، من الجزائر وموريتانيا وتونس، تحيي المؤتمر وتتمنى له النجاح والتوفيق في أشغاله.