كشفت مجموعة من الدراسات الحديثة التي أنجزت مؤخرا حول سوق العقار بالمغرب أن هذا القطاع بات يعيش على إيقاع صعوبات كبيرة في تصريف المنتوج على الرغم من الخصاص الهائل الذي ما زال يسجل في مجال السكن، وتكشف الهوة بين أسعار العرض والطلب عن إشكالية حقيقة الأسعار ومدى تلاؤمها مع القيمة الحقيقية للعقارات. فقد سجلت حصيلة القطاع العقاري انخفاضا طفيفا في سنة 2014. حيث بلغ معدل الشقق المتداولة للبيع بالدارالبيضاء 12448 درهم للمتر المربع مقابل 13805 درهم للمتر المربع بالنسبة للعاصمة الرباط. وحسب دراسة قام بها مؤخرا، الموقع الإكتروني أفيتو انطلاقا من مقياس منتظم يتعلق بكل إصدار لكل صنف من المنتوجات ما سمح بدراسة كاملة حول السوق العقاري الوطني برسم سنة 2014. فقد استمر نشاط القطاع العقاري المغربي في التدهور خلال السنة الماضية . ولطالما تمنى المهنيون العودة لتحقيق انتعاشة وازدهار بالقطاع، على شاكلة السنوات العشر الماضي إلا أن آمالهم تبخرت بفعل انخفاض مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8% مقارنة مع سنة 2013. الدراسة التي تمحورت حول أزيد من 700 ألف إعلان صغير لاستخلاص المعطيات ، والتي تم استغلالها إلى جانب السعر المرجعي للصفقات العقارية المصرح به من طرف المديرية العامة للضرائب بغية ضمان تجانس حقيقي مع واقع السوق. أكدت مع ذلك، هناك بعض المؤشرات الإيجابية خلال الأشهر الأولى لسنة 2015 والتي يشهد فيها نفس مؤشر الأصول العقارية ارتفاعا بنسبة (+15,29%) مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2014. واعتبرت الدراسة أنه في صنف الشقق، كانت مدينة الرباط هي أغلى مدينة بالمملكة بتسجيلها لمعدل يفوق 13800 درهم/متر مربع للبيع (6680 درهم للإيجار)، تأتي بعدها مدينة الدارالبيضاء بحوالي 12450 درهم للمتر المربع (5522 درهم للإيجار)، و8245 درهم للمتر المربع (5780 درهم للإيجار) بمراكش، و9018 درهم للمتر المربع(3 435 درهم للإيجار) بأكادير، و8 150 درهم للمتر المربع (3535 درهم للإيجار) بطنجة، و7273 درهم للمتر المربع (2240 درهم للإيجار) بوجدة، مع بعض التفاوتات تبعا لشهري أبريل وماي واللذين شهدا عموما أعلى ارتفاع- وحسب الأحياء كذلك. ومع ذلك، فقد ظلت المنازل والفيلات الرباطية المعدة للسكن (20795 درهم للمتر المربع للبيع و21775 درهم للإيجار) أرخص بقليل من الفيلات البيضاوية (26248 درهم للمتر المربع للبيع و27270 درهم للإيجار)، فيما سجلت مراكش الحمراء أسعارا أقل من المدينتين (9785 درهم للمتر المربع للبيع و12725 درهم للإيجار). وتبعا للأحياء، فالتفاوتات تبدو جلية لأول وهلة. فإذا أخذنا على سبيل المثال الأحياء البيضاوية، فقد يساوي سعر الشقة الواحدة بالحي الراقي "المثلث الذهبي"، ثمن فيلا واحدة مساحتها 200 متر مربع بحي ليساسفة ! أما بالرباط، فشقة واحدة بحي الرياض قد تساوي حوالي ضعف ثمن فيلا واحدة بحي العكاري. وتضيف الدراسة أن الثمن المتوسط للدكاكين والمحلات التجارية بالدارالبيضاء يبلغ 1628000 درهم عموما، ويشهد هذا الصنف من العقارات بالمدينة ارتفاعا قويا في السعر المتوسط للبيع (+13.9%) ما بين الثلاثة أشهر الأولى والأخيرة من سنة 2014. فالدكان الواحد بالدارالبيضاء يبلغ في المتوسط 19223 درهم للمتر المربع، أي بنسبة 13.3% أزيد من الرباط و35.2% أزيد من فاس. وبالضبط، فقد سجلت الدكاكين والمحلات التجارية بالعاصمة الاقتصادية بعض التفاوتات الملحوظة تبعا للأحياء، حيث وصلت بحي المعاريف 23375 درهم للمتر المربع، وبآنفا 27180 درهم، و13121 درهم بعين السبع، و14211 درهم ببلفدير، و31643 درهم بالمثلث الذهبي، أي بحوالي ثلاثة أضعاف السعر المسجل بحي الألفة. وبخصوص وضعية السوق أكد لنا الخبير الاقتصادي ادريس الفينا أن هناك حالة من الر كود والترقب تسود منذ مدة سوق العقار الذي يمر بمرحلة خاصة يمكن وصفها بالتصحيحية. فبعد سنوات من الإرتفاع المسترسل لأثمة العقار التي وصلت لمستويات لم يعد بالإمكان أن تجاريها القدرة الشرائية للأسر ، دخل القطاع مرحلة جديدة تتميز بتراجع الطلب وكثرة العرض. هذا الوضع يتطلب استراتيجيات جدية سواء من قبل المقاولات العقارية أو من قبل القطاع الحكومي المسؤول عن العقار . هذا الأخير يجب أن يقدم وصفات ذكية تساعد في خلق دينامية جديدة خصوصا لتحريك الطلب و ليس العرض.