اعتبر المجلس الأعلى للتعليم أن الفرصة المتاحة اليوم لتجديد المدرسة المغربية ينبغي أن تستثمر في اتجاه الدخول في زمن جديد ، زمن الفعل والنتائج الملموسة ، وهو ما يمر بالضرورة عبر المزيد من التعبئة حول المدرسة وتوفير الوسائل اللازمة وتقوية انخراط الأسرة التربوية في مشاريع تنميتها ..المجلس الأعلى – في تقريره الصادر منذ سنتين - دقق محددات التعبئة الناجحة في التنظيم وتحديد الآليات والأهداف بشكل أدق حتى تصبح مهمة طبيعية ضمن النشاط العادي لمديرات ومديري المؤسسات التعليمية والفاعلين المحليين والإدارة الترابية والمجتمع المدني . من هذا المنظور كان تقدير المجلس أن كل أكاديمية وكل نيابة وكل مؤسسة ستتوافر على بنك للمشاريع والمبادرات المفتوحة على الشراكة والتعبئة ، على نحو يمكنها من التجاوب مع كل فكرة خلاقة أو مشروع مبتكر . ومن المؤكد – حسب المجلس - أن « التعبئة من الأعلى « ستكون أكثر فعالية إذا نجحت في تحقيق نوع من الانسجام لتمثل المؤسسة التعليمية ، وتنظيم النقاش العمومي حول المدرسة ، وجعل الفضاءات المؤسساتية المحلية ومنها مجالس التدبير ، وجمعيات الأباء بالخصوص إطارات للتشاور والتعبئة الفعالة . في هذا السياق ، و تفعيلا لتوصيات المجلس الأعلى للتعليم ، صدرت دورية مشتركة موقعة بين وزير الداخلية ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي تتعلق بتفعيل آليات التنسيق المشترك قصد إنجاح الإصلاح التربوي و النهوض بأوضاع المدرسة المغربية وتشجيع التمدرس ومحاربة الهدر والانقطاع المدرسيين ، إدراكا بالدور الذي يمكن أن تقوم به الجماعات المحلية لإعطاء عناية خاصة لقضايا التربية والتكوين ضمن أولويات الشأن المحلي ، وسعيا إلى إنجاح البرنامج الاستعجالي الهادف إلى إعطاء نفس جديد لإصلاح التعليم والتعجيل بإنجاز كل الأوراش التي انطلقت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين . وسعيا إلى تحقيق الأهداف المسطرة الواردة في الاتفاقية ، تم تحديد مجموعة من الآليات للتنسيق المشترك ومنها إحداث اللجن الإقليمية الرامية إلى تتبع إنجاز المخططات الإقليمية لتنمية التعليم والاضطلاع على نتائجه وتشجيع التقائية المخططات الجماعية للتنمية بمخططات التنمية التربوية ... كما أناطت الدورية رؤساء الجماعات بمسؤولية تدبير اللجن المحلية إلى جانب ممثلي السلطات المحلية ومديري المؤسسات التعليمية وكذا المفتشين وممثلي جمعيات آوباء وأمهات التلاميذ ، وتجتمع هذه اللجن مرة كل ثلاثة أشهر ، أوكلما دعت الضرورة إلى ذلك وتتولى المساهمة في وضع وتنفيذ وتتبع المخطط الجماعي لتنمية التعليم ودعم المشاريع المنبثقة عن هذا المخطط ، ومواكبة مجالس تدبير المؤسسات وتشجيع المبادرات الجماعية وإعداد تقارير دورية عن سير العمليات ترفع إلى اللجنة الإقليمية للتنسيق .الدورية تهيب بالولاة والعمال بالسهر على تعبئة كل الفاعلين من أجل المساهمة في تفعيل آليات التنسيق تحت إشرافهم المباشر من أجل خلق جو من التعبئة العامة لصالح المدرسة .. اليوم والدورية تطفئ سنتها الأولى من حق المتتبعين للشأن التربوي ، كما من واجب الموقعين على الدورية المشتركة أن يسائلوا حصيلتها الميدانية ، خاصة أن الفرصة كانت سانحة لتحضير المخططات الجماعية للتنمية بطريقة تشاركية ، فهل أفلحت الإدارة الترابية والمنتخبين في استحضار قضايا التربية والتكوين ضمن برامج التنمية المحلية ؟؟؟ للتذكير فقد سبق لوزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي السيد احمد أخشيشن أن أكد في افتتاحه لأشغال الندوة الوطنية حول «الشراكة في مجال التربية بالمغرب: أية حصيلة لأية فعالية»، والتي نظمت منذ شهر تقريبا والتي حضرتها السيدة لطيفة العبيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي، « أننا نستثمر الحاجة الماسة لملاءمة أدوات تدخلنا مع سياقات ومتطلبات المرحلة وآفاق بلورة معالم المدرسة المغربية للألفية الثالثة «، وهو ما يتطلب، يضيف الوزير « تحقيق انتقال منهجي من بنية تفكير الشراكة في طابعها الإداري الاختياري إلى بنية وعي التعاقد كمسؤولية واجبة وملزمة تستلزم الانخراط في نقاش مسؤول حول ملامح المدرسة المغربية بمرجعياتها القيمية ونموذجها البيداغوجي واختياراتها اللغوية «. وذكر الوزير بحدث التوقيع أمام جلالة الملك ، على تسع اتفاقيات للشراكة المؤسسية بين الوزارة وقطاعات حكومية ومؤسسات عمومية، أثناء تقديم البرنامج الاستعجالي في 11 شتنبر 2008، مشيرا إلى الدلالة العميقة لاقتران تقديم البرامج الاستعجالي بتوقيع الشراكات، والتي تؤشر على تدشين حقبة جديدة من عمر الإصلاح عنوانها الأساس حشد أوسع تعبئة والتفاف حول المدرسة. من جانب آخر أفردت وزارة التربية الوطنية ضمن مشاريع البرنامج الاستعجالي مشروعا خاصا للتعبئة والتواصل حول المدرسة ، وفي هذا السياق تم تعميم حقيبة التواصل على جميع المؤسسات التعليمية خلال الموسم الدراسي الماضي من أجل وضع الشغيلة التعليمية في صورة ما يتم تنزيله من مشاريع ومخططات بغاية تعبئة العاملين بالمؤسسات وضمان انخراطهم في جهود الإصلاح . كما تم تنظيم لقاء تواصلي خلال شهر أكتوبر الماضي ، تم تأطيره من طرف أعضاء الفريق المركزي والفرق الجهوية تم خلاله تقاسم التجارب الناجحة لبعض الأكاديميات ، وتدارس الحاضرون في هذا اللقاء سبل دعم وظائف وأدوار التواصل بقطاع التربية والتكوين ، وكذا التفكير في بلورة مخطط عملي يروم توسيع دائرة الشركاء وتعبئتهم حول المدرسة المغربية . اليوم ونحن على أبواب السنة الثالثة من عمر البرنامج الاستعجالي ، سيكون مطلوبا الخروج من دائرة التجريب والتردد ، والانفتاح أكثر على المنتخبين والفعاليات الاقتصادية وجمعيات المجتمع المدني ، ومأسسة العلاقة مع مختلف الشركاء عبر عقود برامج تسرع وتيرة الإصلاح وتجعل الجميع في قلب التعبئة وليس على هامشها ، كما سيكون حريا بالقيمين على مشروع التعبئة والتواصل حول المدرسة تطوير منظومة الاتصال الداخلي من أجل تعبئة اكبر للفاعلين من داخل المنظومة ... جمعويا ، و بمبادرة من جمعية الشعلة للتربية والثقافة يتم التحضير لتأسيس النسيج الجمعوي الوطني لتجديد الثقة في المدرسة العمومية ، وهو المشروع الذي التأمت حوله مجموعة من الجمعيات المدنية والمنظمات التربوية والهيئات النقابية والحقوقية . وسيكون من أهداف النسيج الجمعوي – حسب مداولاته - الترافع من أجل الرفع من قيمة الإنفاق العمومي على قطاع التربية والتكوين بالمغرب، والدفاع عن صيانة حرمة المؤسسات التعليمية ، إلى جانب مساءلة مضامين الإصلاح التعليمي في أبعاده التربوية والثقافية ، والعمل على تجسير العلاقة بين المدرسة ومحيطها الاجتماعي والاقتصادي، والدفاع على تحسين فضاءات المؤسسات التعليمية وتقوية جاذبيتها لدى الأطفال ، و المساهمة في إغناء وتطوير البرامج التكوينية لتأهيل الموارد البشرية..والحرص على دمقرطة التدبير العمومي لقطاع التربية والتعليم ، والدفاع عن حق أبناء المغاربة في التعليم الجيد تيسيرا لاندماجهم في متطلبات التنمية مع العمل على تنشيط الحياة المدرسية بما يجعل المؤسسات التعليمية فضاءات تربوية مفعمة بالحياة. فالمؤكد أن هناك دينايمة مؤسساتية ومدنية لتوسيع دائرة التعبئة حول المدرسة المغربية ، لكن يبقى المطلوب هو مأسسة العلاقة مع مختلف الشركاء و مصاحبة جهود جميع الفاعلين والتتبع الميداني لمؤشرات الوقع المباشر على المنظومة التربوية .