«ما بقيناش كنقراو كيف ما كنا.. ما بقاتش ماما وبابا كيضحكو معانا بحال شحال هاذي ..ولينا معصبين.. وحنا كالسين غير عند الناس..». عبارات خرجت كالنار في الهشيم، تقطع الأكباد، من فم طفلة من أطفال عمارة بيرنار، في الشريط الذي عرض في الندوة الصحفية، التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمكناس، يوم الأربعاء 4 مارس، تحت شعار الحق في السكن، وذلك للتعريف بمحنة سكان سيدي بوزكري المهددين بالإفراغ، وسكان عمارة بيرنار الممنوعين من العودة الى مساكنهم. وفي الكلمة التقديمية للندوة، ذكر كاتب فرع الجمعية بالمواثيق الدولية ذات العلاقة بالحق في السكن اللائق ، قبل أن يتناوب على بسط معاناة الساكنة كل من ممثلي عمارة بيرنار ، وسكان سيدي بوزكري . وقد بسطت الأستاذة ماجدة لمني كرونولوجيا المأساة بدءا من تاريخ انهيار قبو العمارة ، بسبب ورش البناء الذي شرعت فيه شركة تجارية لبناء مركزها أسفل العمارة ، قبل حتى حصولها على التراخيص، وانجاز الدراسات؟.. كان ذلك يوم 16 نونبر 2013، حيث قامت السلطات المحلية على الفور بإخراج السكان من شققهم، ومنعهم من الرجوع إليها، بمبرر الخوف من انهيار العمارة بالكامل.. والحال أن غالبية السكان، أخرجوا من شققهم بلباس النوم.. كما ذكرت الأستاذة ماجدة باللقاءات المتكررة مع ممثلي السلطات المحلية ، ومندوبية الأوقاف.. مرورا بالوقفات الاحتجاجية أمام باب العمارة صيفا وشتاء، بما في ذلك أيام الأعياد والشهر الفضيل.. متسائلة في ذات الوقت: إذا كانت السلطات المحلية ومندوبية الأوقاف، تخاف على السكان، وتمنعهم من العودة الى مساكنهم، بدعوى حماية أرواحهم من الهلاك تحت سقف عمارة آيلة للسقوط ؟ فلماذا تم التغاضي عن الشركة وهي تشرع في البناء بدون ترخيص، بدليل توقيف الورش من طرف قائد المقاطعة التاسعة ثلاث مرات، قبل انهيار سقف القبو ؟والأدهى والأمر هو أن تقدم الجماعة الحضرية وباقي المتدخلين في مجال التعمير، بتمكين الشركة التجارية من رخصة البناء، بعد وقوع الواقعة؟ لينتصب السؤال: هل المنطق والقانون يسمحان بترخيص المسؤولين لشركة بالبناء في أسفل عمارة حرم قاطنوها من الدخول الى مساكنهم، بدعوى أنها آيلة للانهيار؟ أما الأستاذ اكريني باسم سكان سيدي بوزكري المهددين بالإفراغ ، فقد لخص معاناة السكان مع الأوقاف في قصيدة زجلية، قبل أن يعرض في كلمة التنسيقية، كيف كان السكان ينعمون بنعمة الاستقرار، وقد نجحوا في الظفر ب «قبر الحياة «بعد كد وجهد ، وكيف بنوا مساكنهم ومتاجرهم في واضحة النهار، وكيف سايرت الدولة ذلك ببناء المدارس، والمستوصفات، والمقاطعات، والأبناك ، ودور الشباب.. وكيف أحدثت الدوائر الانتخابية ، وكيف تم تسجيل المواطنين في اللوائح ، التي على أساسها شارك السكان في العشرات من الاستحقاقات ، بدءا من الدساتير المتعاقبة، وانتهاء بالانتخابات الجماعية والبرلمانية ، والغرف التي عرفتها البلاد.. وفجأة انقلب هذا الوضع ، فأصبحوا في حكم الأوقاف، محتلين لأرض خلاء، طبيعتها فلاحية! وأصبحت الأوقاف التي حازت الأرض، بعد ربح دعوى ضد حفدة سيدي بوزكري، تطالبهم قضائيا بإفراغ مساكنهم التي اشتروها وشيدوها، كونهم محتلين، وليسوا مالكين؟. والسكان اليوم، فضلا عن كونهم قدموا معتقلين في سبيل قضيتهم ، فقد أصبحوا مروعين وغير آمنين، مما انعكس سلبا على التحصيل المدرسي لأبنائهم، بسبب الخوف من المجهول الذي سيطر على كل الأسر في المنطقة. وفي معرض الإجابة عن أسئلة الصحافيين، عبر ممثل سكان سيدي بوزكري عن الرغبة الأكيدة في إيجاد حل توافقي مع الأوقاف والسلطات عنوانه الكبير، إيقاف المتابعات وإطلاق سراح المعتقل، وتأكيد تمليك السكن للسكان، بمراعاة للوضعية الاجتماعية والعلاقة التاريخية بالأرض، دون هضم لحقوق الأوقاف. أما ممثلة سكان عمارة بيرنار فقد أكدت رفضها لمبدأ التعويض الذي يحرم السكان من مساكنهم بأبخس الأثمان، لتسلم العمارة بموقعها الاستراتيجي، وتاريخها المعماري فوق طبق من ذهب.