اعتقلت السلطات الأمنية بعد زوال الثلاثاء الماضي ، مجموعة من العائلات التي كانت تقطن عمارة برنار، قبل تعريضها للانهيار ، وذلك بسبب إصرار هذه العائلات التي معظمها من النساء والأطفال على التظاهر احتجاجا ، في نفس اليوم الذي كانت فيه الأميرة للا سلمى تدشن مركز علاج الأمراض السرطانية بمستشفى القبيبات بمكناس .. و الهدف من اختيار سكان عمارة بيرنار لهذا التوقيت ، هو جعل أصداء معاناتهم تصل الى السلطات العليا ، بعد أن نفضت السلطة المحلية ومندوبية الأوقاف أيديهما من الملف ، وبعد أن تم منع هؤلاء السكان من الدخول الى مساكنهم ، وتفقد أمتعتهم ، خاصة وأن العديد من الأخبار تتحدث عن تعرض بعض الشقق للسرقة .. وفي الوقت الذي انطلقت الوقفة على رصيف العمارة بشارع الجيش الملكي ، بطريقة سلمية .. لا شيء كان ينبئ بأن تنتهي الوقفة السلمية الى ما انتهت إليه من تعنيف واعتقال .. حتى نزلت التعليمات فجأة ، وقد قيل بأنها تعليمات صادرة عن والي جهة مكناس تافيلالت شخصيا ، ليتم اقتياد الجميع الى مركز الشرطة ، وليظل البعض تحت تدبير الحراسة النظرية بمقتضى تعليمات النيابة العامة . في نفس اليوم ، والساعة تقريبا ، ولتحقيق نفس الهدف ، كانت تنسيقية سيدي بوزكري تستعد للاعتصام أمام دار الميرسيديس بطريق الحاجب ، قبل أن يفاجأ بعض أعضائها بالاعتداء عليهم جسديا ولفظيا، من طرف المسؤولين الإداريين والأمنيين .. وبما أن الوقفة لم تكن قد ابتدأت بعد ، فقد تم اعتقال خمسة من أعضاء التنسيقية ، واقتيادهم الى مقر منطقة أمن الإسماعيلية قبل أن يخلى سبيل اثنين منهم ويتم الاحتفاظ بالباقين ، ويتعلق الأمر بيحيى فضل الله ، والبوعامي ، وبوزردة . أما الرسالة التي كان أعضاء التنسيقية يودون إيصالها الى الأميرة ، هي أنهم ظلوا لسنوات محط نصب واحتيال ، من طرف السلطات والأوقاف والمنتخبين ، واستعملوا كاحتياطي انتخابي ، ساهم في إنجاح العديد من صنائع السلطة في المؤسسات المنتخبة ، قبل أن تصبح هذه الصنائع الانتخابية سببا في تعريضهم للابتزاز المادي والانتخابي .. يضاف الى هؤلاء مسؤولو الأوقاف محليا ووطنيا ، الذين لم يحركوا ساكنا ، ولا طالبوا ب»حق « وهم يرون منذ السبعينيات كيف تباع الأرض وتشترى ، وكيف تسلم للسكان رخص البناء والسكن ، وإدخال عداد الماء والكهرباء .. وكيف قسمت السلطات السكان الى دوائر انتخابية .. وكيف بنيت المستوصفات ، والمدارس .. واليوم تستيقظ على مطالبة القضاء بطرد السكان من الأرض، التي يقولون عنها فلاحية وخالية من السكان ؟ كارثة سكان عمارة بيرنار ، ولا أجد لها اسما غير الكارثة ، لكون السكان وهم يعيشون آمنين بكرامتهم ، داخل بيوتهم التي يكترونها من الأوقاف منذ أكثر من أربعين سنة ، بسومة كرائية تلائم أقدمية علاقتهم بصاحب العمارة .. يجدون أنفسهم في لمحة بصر ، بدون مأوى ، وعالة على الغير، غير قادرين لا ماديا ولا نفسيا ، على اكتراء سكن ، ولو بنصف مواصفات سكناهم التي هم محرومون حتى من إخراج أمتعتهم منها ؟؟ و.. كارثة سكان منطقة سيدي بوزكري .. ولا أجد اسما آخر غير الكارثة لحوالي مائة ألف من السكان الذين كدحوا وكدوا لامتلاك بيت يسترهم وأبنائهم .. وكل المعاملات من عقود بيع .. ورخص إدارية مختلفة .. تطمئنهم على أنهم ملاك وليسوا مترامين ، كما تدعي الأوقاف ؟؟ يجدون أنفسهم وهم في خريف العمر ، مخيرين بين التنازل عن «شقا العمر» كما يقول المصريون .. والخروج للضياع والتشريد .. وبين أن يزج بهم في السجن : أمران أحلاهما مر ؟ كارثتان يضعاننا أمام سؤال حارق : هل نحن مواطنون كاملو المواطنة ؟؟ علينا واجبات .. و لنا حقوق على الدولة كالحق في السكن والأمن ..؟؟ أم أننا مواطنون ب»دون « وكيت من جات فيه .. يعوم فبحرو ولا يغرق فيه ؟