ركام من الأحجار، أكوام من الأتربة، نفايات و أزبال، أوحال و مياه متعفنة، برك آسنة، روائح كريهة ...تلك هي الحالة التي أصبحت عليها أرضية السوق القديم الذي تم تفويته مؤخرا إلى مجموعة عقارية لإنشاء مشروع سكني مكانه . حوالي ثمانية هكتارات أخليت من براريك التجار و الحرفيين و بائعي الخردة الذين تم نقل أغلبيتهم إلى السوق الجديد قرب المنطقة الصناعية في إطار مشروع شامل لإستئصال مظاهر الترييف و البدو التي تعاني منها مدينة بني ملال ، بهدف الرقي بها إلى مصاف المدن الأخرى . شاحنات و سيارات بيكوب و عربات مجرورة بالدواب تدخل هذا الفضاء المهجور يوميا لتفرغ فيه الأطنان من الأتربة و الأحجار و بقايا الإسمنت المسلح و أكياس الجبص و متلاشيات الحديد و أطراف الأنابيب الحديدية و البلاستيكية التي تنقل من البنايات و العمارات ، سواء بعد هدمها أو الإنتهاء من تشييدها أو إصلاحها ، حولت المكان إلى مطرح للنفايات وسط مياه متعفنة قادمة من محلات غسل السيارات المتواجدة بشارع العيون المحاذي . الروائح الكريهة المنبعثة بسبب الأزبال التي تعج بالجرذان و الحشرات تنذر بتكون بؤرة للأمراض و الأوبئة. «الشركة » التي فوت إليها المشروع من خلال مقرر جماعي صوت عليه أعضاء مجلس مدينة بني ملال بالأغلبية المطلقة، تعهدت بإنجاز المشروع السكني و المرافق المصاحبة له في ظرف سنتين ، لكن إفراغ المكان و تركه بدون حراسة منذ أكثر من شهرين، شجع على تحويله إلى مطرح للأزبال ينذر بكارثة بيئية . فهل مجرد المصادقة على التفويت يعفي الجماعة من الإشراف على هذا المرفق و يحول المسؤولية إلى الشركة ، أم أن الأخيرة غير ملزمة بذلك في انتظار استكمال الملف إداريا و ماليا ؟ الجواب عن هذا السؤال تحدده طبعا القوانين الجاري بها العمل ، لكن الخطر الذي يتهدد صحة المواطنين و كذا المنظر المقرف الذي يشكله المكان رغم تواجده بوسط المدينة لا يعفيان السلطات و المنتخبين و المعنيين من مسؤولية الأضرار التي قد تصيب المواطنين من جراء ذلك.