كتب على ساكنة مدينة ابن سليمان العيش وسط الأزبال وقطعان الماعز والدواب والكلاب والقطط الضالة التي تغزو أزقة وشوارع المدينة ليلا ونهارا، تتلف حدائقهم وتزيد من تعفن المدينة التي لم تحظ بأية مشاريع تنموية، رغم ما يتم تبذيره من أموال، من ميزانية البلدية أو على شكل قروض أو دعم من شركائها، كتب على شبابها البطالة والعزلة والوعود الكاذبة بتحويل المدينة إلى منتزه سياحي وبيئي وجامعي، وبات واضحا أن أزيد من 40 ألف نسمة من قاطنيها، وحوالي ربعهم من الضيوف والمهاجرين سيعيشون صيفا حارا تحت رحمة الروائح الكريهة المنبعثة من كل ناحية، وسيئنون تحت رحمة (قانون للسير) خاص بالمدينة، معظم إشارات المرور معطلة أو شبه معطلة، والأزقة والشوارع بلا علامات التشوير، وسيتضررون من الاحتلالات بالجملة للأماكن العمومية داخل الأحياء السكنية والأسواق الحضرية، والأزقة والشوارع، وينتظرون الإفراج عن قرارات المجلس البلدي والعمالة بخصوص منع ولوج الشاحنات الكبيرة إلى داخل المدينة، ومنع تربية الحيوانات بالمدينة، التي ظلت حبيسة رفوف المكاتب، بسبب تواطؤ بعضهم مع السكان المتجاوزين. مجلس بلدي عاجز عن تنظيف المدينة بلدية ابن سليمان، حسب ما ردده مكتبها المسير خلال دورة يوليوز الأخيرة وحسب تصريح مصدر من داخلها، لازالت تبحث عن تسوية لهذه الملفات العالقة، وخصوصا قطاع النظافة، حيث أوضح مصدرنا أن البلدية تعرف عجزا في العتاد بعد تدهور الأسطول المتواضع للنظافة، وعدم مبادرة البلدية بإصلاحه لكونها كانت تتوقع انطلاق عمل الشركة الفائزة بالصفقة. وأن الشركة التي فازت بصفقة التدبير المفوض للنظافة مقابل حوالي مليار سنتيم، لازالت لم تحدد تاريخ انطلاقها، وأن البلدية وبعد إغلاق مطرح النفايات والأزبال بضواحي المدينة، وتحويل عملية إفراغ الأزبال (مؤقتا) إلى مطرح ببلدية المنصورية، في انتظار إنجاز المطرح المشترك (ابن سليمان/المحمدية) بجماعة بني يخلف. قللت من عدد الرحلات في اتجاه المطرح، وخفضت من كميات الأزبال التي كانت تجمعها يوميا، إضافة إلى الصفقة (الخردة) ل360 حاوية لجمع الأزبال والقمامة التي كلفت البلدية زهاء أربعين مليونا، اتضح أنها دون المعايير المعتمدة وغير صالحة للاستعمال، لتظل مركونة داخل مرأب البلدية. كما سبق وأقر رئيس البلدية في دورة يوليوز الأخيرة بوجود الحيوانات الأليفة والضالة التي تغزو المدينة ليلا ونهارا، وتشارك المواطنين في جولاتهم اليومية، وتلتهم أغراسهم، وتبحث في حاويات الأزبال عن التغذية. رئيس المجلس أكد أنه وقف على 300 رأس من الماعز كانت تجول شوارع وأزقة المدينة في ليلة واحدة، وأن المدينة بها 6000 رأس من الدواب والمواشي تقتات من حاويات وأغراس المدينة. وأنه يصعب التعامل مع أصحابها بمنطق الزجر والعقاب، رغم أن المجلس السابق وبشهادة أحد المستشارين سبق وصادق على قرار إجلاء الحيوانات من المدينة. لكن القرار لم يفعل، والمنتخبون يرون أنه لا يمكن تطبيقه قبل أن تطبق البلدية نفسها ما عليها من مسؤوليات تجاه المواطنين. فالبلدية لا تتوفر إلا على شاحنتين وجرار دائمي العطب، كما أن آليات الجر والرفع معطلة ومركونة بمرأب البلدية عرضة للتلف والصدأ. كما أن محجز البلدية لا يوفر كلأ الحيوانات التي نادرا ما يتم حجزها، وهو ما يجعل بعض الحيوانات المحجوزة تتعرض للجوع والموت البطيء. ويحول دون حجز الحيوانات بالمدينة.
مدينة بيئية تعج بالنقط السوداء مدينة ابن سليمان المرشحة لتكون مدينة بيئية بحكم طبيعتها ومناخها، تعيش منذ سنوات أزمة تعفن بسبب كثرة النقط السوداء، فعلى طول الشريط الفاصل بينها وبين الغابة أكوام من الأزبال وبقايا مواد البناء، والحيوانات النافقة، وفي قلب المدينة، حدائق خلف المقاطعة الأولى تحولت إلى محطات لوقوف الشاحنات والجرارات والدواب، وفضاءات للحدادة والميكانيك، أسواق عشوائية بكل من الحي المحمدي والحي الحسني أحدثت ضدا على رغبة ساكني تلك الأحياء. وخلف جدار كولف المنزه يوجد الظلام الدامس والأزبال وكثرة المنحرفين. وحديقة الحسن الثاني التي تم إصلاحها قبل سنة بمبلغ حدد في 400 مليون سنتيم، تحولت إلى أطلال بسبب الغش الذي طال الكراسي والبركة المائية وفضاء الألعاب، والشلال الاصطناعي الذي تحج إليه آلاف الساكنة كل ليلة، لم تعد به ولو قطرة ماء واحدة. وتبقى أرض السوق الأسبوعي الأربعاء الذي تم نقله إلى منطقة الزيايدة، أكبر مساحة متعفنة (حوالي 6 هكتارات)، حيث يحتل جزءا منها أصحاب محلات البيع بالجملة الذين نصبوا خياما عشوائية، وبالجزء المقابل أكواخ ومحلات صفيحية وطينية لإيواء الدواب والمواشي، فيما تغطي الأزبال والحيوانات النافقة باقي الأرض. مدينة ابن سليمان التي يصر مسؤولوها على وضعها ضمن خانة المدن السياحية، نظرا لمناخها المتميز وأراضيها الغابوية، ليس بها أي مرفق سياحي، ولا فندق واحد، ولا حتى مطعم يغري السائح ويجنبه عناء البحث عن مرقد أو محل لتناول وجبة غذاء. والفندق الوحيد (ثلاث نجمات) مغلق بسبب نزاعات قضائية، والمقهيان اللذان كانا ملجأ للعديد من الضيوف والمثقفين بشارع الحسن الثاني تم الإجهاز على فضائيهما، الذي تم تحويله لأسباب مجهولة إلى إسمنت مسلح وموقف للسيارات توقفت به الأشغال العشوائية لعدم توفر السيولة المالية الكافية لإتمامه. تحدث الكثيرون، منتخبون ومسؤولون بالعمالة، عن الجامعات الدولية للتعليم التي سيتم إحداثها بالمدينة، وعن المشاريع الكبرى التنموية، لكن مع مرور الأيام والشهور، اتضح أن وزارة الشباب والرياضة هي وحدها التي التزمت بإحداث مشاريعها التي وعدت بها، لكن الجامعات أخذت طريقها في اتجاه المدن الواعدة، ومعظم المشاريع التي انتظرتها الساكنة، لم تكن سوى ذريعة لاستمرار لوبي العقار في الإجهاز على أراضي المدينة والضواحي بأثمنة هزيلة. وأن الكل يترقب مستقبل مطار ابن سليمان، لإنجاز مشاريعهم. تجاوزات بدون رادع مصادر «المساء» أكدت أن لجنة إقليمية حلت بالسوق الحضري من أجل الوقوف على مدى تعفن السوق وانعدام أدنى شروط التجارة داخله، بسبب انعدام الماء والكهرباء ومجاري المياه، كما وقفوا على وضعية سوق السمك، الذي يلجه المئات من الزبائن يوميا، والذي لا يتوفر على أدنى وسائل بيع السمك، ولا يصلح حتى كإسطبل للحيوانات. كما وقفوا على تجاوزات أصحاب المحلات التجارية الذين نصبوا خياما أمام محلاتهم، وأغلقوا الأزقة داخل السوق، وأكدت مصادرنا أن اللجنة الإقليمية ما إن ولجت السوق حتى تفرقت، وتراجع معظم أعضائها خوفا من مواجهة المحتلين للملك العمومي الذين تربطهم بهم علاقات شخصية(مصالح أو قرابة). كما علمت «المساء» أن عمالة ابن سليمان عرفت الأسبوع الماضي حالة استنفار قصوى، تجند فيها العديد من شركائها لتنظيف المدينة، حيث تمت العملية طيلة الليل. وجاءت مبادرة السلطات الإقليمية بعد أن علمت أن لجنة مركزية من وزارة الداخلية ستحل بالإقليم في اليوم الموالي للوقوف على بنيته التحية، وقد تم حشد واستنفار مندوبية الإنعاش الوطني ومديرية التجهيز من أجل توفير العمال والعتاد اللازم للقيام بعملية تنظيف سريعة للنقط السوداء بالمدينة. لكن اللجنة لم تكن سوى عابر سبيل في اتجاه بلدية المنصورية. معاناة الساكنة استفحلت بعد أن تدنت خدمات المكتبين الوطنيين للماء الشروب والكهرباء، حيث الاقتطاعات المتكررة والارتفاعات المهولة في الفاتورات، وعدم توصل الزبناء بالفاتورات الشهرية، وعدم التنقيط الشهري لفاتورات الكهرباء التي تتم بناء على تقديرات عشوائية. مدينة لقبت ب«القشلة»
كتب على التجمع السكاني لقبائل الزيايدة وبني ورة وسلالة الشرفاء الأدارسة أولاد سيدي امحمد ابن سليمان أن يعيش ولادة عسيرة خلال الاحتلال الفرنسي، وأن تتم تسمية التجمع (المولود الجديد) سنة 1908 باسم فرنسي مركب يوضح تبعيتهم للحاكم الفرنسي حينها (بولو)، فأراد لها الفرنسيون الذين جعلوها قاعدة عسكرية لهم أن تحمل اسم (ثكنة بولو)، ونطقها السكان كما أرادها الفرنسيون وبلغتهم الفرنسية (كانبولو). مرت السنون ومرت معها عواصف المقاومة والنضال الذي أفرز جلاء المستعمر ومعه الاسم الفرنسي الذي تم تعويضه باسم الولي الصالح سيدي امحمد ابن سليمان. لكن ورغم حداثة الاسم وكونه نابعا من ثقافة وجذور الساكنة ويجسد رمزا للمنطقة، فإن اعتماد الجيش المغربي على المنطقة لتكون قاعدة عسكرية وحامية للقوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة، حول المنطقة إلى مدينة تعج بالعسكريين الذين استقروا وتزاوجوا وزاد عددهم، لتتحول مدينة الولي الصالح إلى منطقة عسكرية مائة بالمائة وهو ما جعل العديد ممن يقطنون المدينة أو زوارها، يسمون المدينة ب«القشلة»، ليصبح الاسم المتداول شفويا بين الأشخاص، ويبقى اسم الولي الصالح اسما رسميا يدون في الوثائق ويستعمل في المناسبات والأنشطة الرسمية للسلطات المحلية والقطاعات الحكومية. مرت السنين وبدأ اسم «القشلة» يشكل حرجا لساكنة المدينة التي تحولت إلى عمالة بتاريخ 19 يوليوز من سنة 1977، وجاء الفرج على لسان الملك الراحل الحسن الثاني، الذي وبعد أن زارها عدة مرات، ومارس رياضة الكولف داخل الكولف الملكي المنزه، ووقف على جودة مناخها، أمر بجعلها مدينة خضراء ومتنفسا للعاصمتين الاقتصادية والسياسية. لتعود البسمة إلى الساكنة وفرحة الاسم الجديد(المدينة الخضراء) الذي أصبح متداولا لدى كل الجهات الرسمية وغطى على اسم «القشلة». اخضرت المدينة وكثرت حدائقها في الثمانينيات وبداية التسعينيات، ولو أن شبابها كانوا ينتظرون أن تخضر معها آفاقهم المستقبلية في الشغل وبناء أسر، لكن تلك الخضرة لم تدم طويلا. فقد عادت المدينة لتعيش حالة فوضى وتعفن لم تشهد له مثيلا. ذبلت أزهار معظم الحدائق التي كانت تنعم فيها الأسر السليمانية إلى درجة سمي سكان المدينة بالفراشات. ولم يبق من تلك الحدائق سوى صور لها تباع داخل المكتبة الوحيدة بالشارع الوحيد. ورغم كل المتغيرات السلبية التي رافقت الأطفال وشباب المدينة اليابسة، لم تجد وزارة الداخلية من خبر تزفه للساكنة سوى أن تبشرهم بأنها تخلت عن الاسم الرسمي للمدينة (ابن سليمان)، وتعويضه باسم (بنسليمان). عدة تحليلات وأبحاث قامت بها كل فعاليات المدينة بحثا عن السبب الذي جعل وزارة الداخلية تختار تغيير اسم المدينة الذي يعود للولي الصالح باسم شخصي متداول ومجهول الهوية. بعض الباحثين أعطوا احتمال أن يكون الاسم (تيمنا) بالجينرال حسني بنسليمان القائد العام للدرك الملكي، وبحكم أن الجينرال أصبح من أبناء المدينة بعد أن اشترى ضيعة بضواحي المدينة. الغريب في أمر هذا الاسم الذي لازال يرفضه الجسم السليماني، أنه متداول بشكل رسمي فقط على مستوى وزارة الداخلية وأقسام بعض القطاعات الحكومية، وأن العامة ومعهم مندوبيات ومديريات لازالوا يستعملون اسم (ابن سليمان) أو (بن سليمان) في لوحاتهم الإشهارية أو التعريفية التي يضعونها أمام مقراتهم أو التي تشير إلى بعض مصالحهم، كما أن القليل منهم من ينتبه إلى كيف يكتب اسم المدينة رسميا كما أرادت له وزارة الداخلية أثناء الإعداد لملفات أو التوقيع على اتفاقيات أو شراكات، ولعل الأغرب أن مسؤولا محليا لازال يحمل طابعه اسم (ابن سليمان) ولازال يختم به الوثائق. لن تجادل وأنت متجه إلى مدينة الأسماء المختلفة والكتابات المتنوعة أن المدينة مصابة بانفصام في الشخصية، فعلى طول مداخل المدينة وشارعها الذي لازال يئن تحت الأوراش العشوائية، تجد اللوحات الإشهارية وعلامات التشوير تحمل كتابات مختلفة لمدينة لم يتفق بعد أصحابها على الاسم الجدير بإنهاء مأساتها ولو أن سكانها مستعدون لشراء الذبائح اللازمة لهذا الاسم المنتظر.