كانت لحظة استثنائية بكل المقاييس.. وجوه اتحادية افتقدناها طويلا حضرت إلى القاعة الفسيحة بالمسبح البلدي.. ذكرتنا بخوالي الأيام الجميلة، يوم كان النضال جزءا من الخبز اليومي لدى أهل اليسار والسؤال التقدمي في هذه البلاد .. حضور نوعي سند ظهرنا التنظيمي في آسفي بمناسبة تنظيم لقاء تواصلي مع مبعوث القيادة السياسية للحزب الأخ ادريس لشكر.. الظروف غير الظروف.. و الغبن السياسي يلاحق مفكرة اليسار الذي كانت آسفي معقلا له .. فإذا بذلك يمسح بجرة قلم سلطوية في انتخابات 2009 .. ذاك كان الجو النفسي الذي عاشه الاتحاديون بكل -الصدق الممكن- و الجميع يتهيأ لإنجاح هذا اللقاء التواصلي الذي أطره لشكر .. كانت اللجنة التنظيمية تدرك تمام الإدراك أن هذا الخروج العلني هو رهان سياسي يشكل أكثر من جواب على العديد من الأسئلة المحلية المرتبطة بالتمثيلية والفساد السياسي وتواطؤ «الأجهزة» . ورغم هذا وذاك، انكتب على هذا اللقاء المفتوح الذي أشرفت على تنظيمه الكتابة الإقليمية بتنسيق مع الكتابة الجهوية لحزب القوات الشعبية في جهة دكالة عبدة والذي أداره الزميل منير الشرقي، أن تطرح فيه الأسئلة العميقة التي تتقاطع في ما بينها وتنتهي إلى سؤال الإصلاح السياسي الشامل في مغربنا . ادريس لشكر استفاض ووقف بالتحليل والتفكيك عند القضية الوطنية وتداعياتها .. مقترح الحكم الذاتي وصيغ تصريفه .. الهجمة الشرسة التي نفذتها جزائر بوتفليقة وأبناء فرانكو الذين يشكلون صوتا عدوانيا مدججا بشيزوفرينيا استعمارية عتيقة في إسبانيا يؤدى له من «الجيب الشقيق» بترو دولارا .. ؟ تأكد الإجماع الوطني مؤسسات رسمية وشعبية حول الوحدة الترابية وكذا ثقوب الممارسة في تدبير الصراع حول حق وطني وتاريخي مشروع والتسريع بالديناميات الإصلاحية لجعل هذا الشعب الذي قال كلمته في مسيرة الدارالبيضاء المليونية يعيش حاضره باطمئنان ومتوجها إلى المستقبل بكل الثقة بينه وبين الفاعلين، سواء تاريخيا أو دينيا أو سياسيا . تلك كانت من بين المضامين القوية التي انتبه لها عضو المكتب السياسي ادريس لشكر في عرضه . و لم يفت لشكر أن يذكر في البداية بالحس الوطني الذي ميز القادة التاريخيين لحزبنا في تعاملهم مع مختلف الأسئلة و المحطات الوطنية.. وساق نموذج عمر بنجلون كوطني ومناضل يساري صنديد ? قال عنه ادريس - .. « لقد علمنا عمر كيف نحب وطننا» .. هذا الشهيد الذي خرج توا من المعتقلات الى الدفاع عن القضية الوطنية وهو لم يلملم جراح السجن بعد. وفي مقاربته أيضا للوضع السياسي بالبلاد ، استنجد القيادي الاتحادي بالمتن التاريخي، حيث قال لشكر أن أهم المحطات السياسية في تاريخ المغرب و التي شكلت نقلة مهمة في تجاوز أعقد الإشكالات التي كانت تحصل لدى توافق السلطة السياسية و أحزاب الحركة الوطنية .. حيث أن المغرب - يتابع- صنع توافقاته عندما كان ويكون مهددا من الخارج وبلور استراتيجياته الكبرى في مسيرة التنمية والديمقراطية والاستقلال و الخطر الخارجي واقف على الأبواب .. وأعطى مثالا بوثيقة الاستقلال 11 يناير ، و التوافق الذي حصل بين محمد الخامس و القوى الوطنية ، و أيضا مع المرحوم الملك الحسن الثاني الذي أطلق المسيرة وجلس مع زعماء الأحزاب لإرساء إصلاحات سياسية في السبعينيات من القرن الماضي . واليوم تبدو الظروف مواتية لمتابعة الإصلاح وتعميقه انطلاقا من تعبئة المغاربة والمجتمع السياسي وجعل القضية الوطنية مدخلا رئيسا وجوهريا لمتابعة أوراش التأهيل الاستراتيجية التي دشنها المغاربة ملكا وحكومة و شعبا . وليس أدَلَّ على ذلك مسيرة الدارالبيضاء الأخيرة التي نعتبرها - يؤكد القيادي الاتحادي- نوعا من تجديد التعاقد بين المؤسسة الملكية وجيل محمد السادس لمواصلة الإصلاحات الكبرى . ادريس لشكر اختار أيضا في مقاربته لأسئلة المغرب الراهن أن يحلل ويفكك انطلاقا من خلفية الفاعل السياسي المحكوم بمرجعيات حزبه وثوابته، وقراراته النابعة والصادرة عن مؤسساته التقريرية سواء المؤتمر الثامن أو المجالس الوطنية، معلنا أن النقاش والحوار يجب أن يكون مقرونا بالتعبئة الوطنية على جميع المستويات سواء في ما يتعلق بالإصلاحات السياسية أو الانتخابات أو الإطار المؤسساتي، أو صيغ الحكامة المطلوب تفعيلها في العديد من المجالات ومشددا على أن الإصلاحات كانت دوما على رأس الأجندة النضالية للاتحاد الاشتراكي ولم يتخل عنها ، بل أخذت الكثير من الصيغ والأشكال. لشكر في حديثه عما وقع مؤخرا في الصحراء، استشهد بالخطاب الملكي الأخير في ذكرى المسيرة الخضراء، وكأن الخطاب الملكي كان يتنبأ بما سيقع من تداعيات .. مشيدا بالمسيرة المليونية التي احتضنتها الدارالبيضاء والتي شكلت جوابا قاطعا حول الإجماع المغربي على الوحدة الترابية .. هنا أشار عضو المكتب السياسي للحزب إلى ألاعيب الجزائر التي تناوش المغرب باعتباره بلدا يقدم نموذجا متميزا للانتقال الديمقراطي في الجنوب المتوسط ، وليس كالجارة الشرقية التي لا يستطيع أحد أن يتوقع ماذا سيقع داخلها مستقبلا ؟.. و الأممالمتحدة التي لا تشتغل على ملف الصحراء بمنهجية تراكمية، بل تكتفي بالإنصات و لا تلعب دور الفاعل الذي يحاول تطوير المسار التفاوضي لإرساء المقترح المغربي الواقعي الذي ساندته الدول الصديقة والعظمى . الحياة السياسية كانت جزءا من المحاور التي قاربها لشكر في عرضه.. تحدث عن الاختلالات وعن المداخل المفترضة لتحسين الأداء السياسي والتدبيري كالمدخل المؤسساتي الذي يجب أن تمسه إصلاحات حقيقية و المدخل الحقوقي والمدخل الاقتصادي، لأن في توسيع التدبير الديمقراطي تطوير لرؤيتنا الاستراتيجية في التعاطي مع الملفات الوطنية الملحة . كان لشكر ينصت بإمعان للنقاش الذي احتضنته القاعة وللأصوات المختلفة من كل المشارب و الحساسيات السياسية.. ولم يكن ممثل القيادة الحزبية في «نزهة» فكرية أو سياسية.. فالمدينة لها تاريخ سياسي و نضالي معروف ويكون الحضور إليها مصدر اعتزاز كما أومأ لذلك لشكر . طرحت مسألة التحالفات والأسس التي تبنى عليها والمسوغات التي تؤطرها ، خصوصا في القادم من المحطات. تنوقش أيضا اليسار والسبل القمينة بتوحيده وتجميعه على قواعد ومداخل محددة تحفظ التاريخ المشترك وتقوي لحمة العمل الوحدوي بما يسمح بحفظ موازين القوة لصالح تدعيم المقترب الدستوري وأوراشه التي لم تفتح بعد في علاقة مع المقترح المغربي الذي سيغير لا محالة طريقة توزيع السلط و الثروات حتى ولو اكتفى المغرب بما سمي «بالجهوية الموسعة» . تم الوقوف على ظاهرة «الحزب الأغلبي» ..مرامي ومقاصد ممارساته التي بدأت بثلاثة وجمعية وانتهت بمائة وحزب و أغلبية .. !!.. لم يميز في جمعها بين الغث والسمين ، بين الصالح والطالح .. والأمثلة كثيرة تمشي على رجليها تحت شمسنا الانتخابية .. !؟ .. وأيضا قيل الشيء الكثير عن العناصر الفاسدة المصنوعة التي التحقت «بالوافدين الجدد» على الحقل السياسي تحديدا في آسفي .. ماض مُريع و فاسد .. ارتباطات مشبوهة .. عنف سياسي مورس على الأطر السياسية داخل الأحزاب الوطنية .. مشترك الأمية والانبطاح .. كانت الأصوات التي ارتفعت في القاعة واضحة وصارمة في إدانتها لمثل هاته المطبات و «الأفكار الجديدة» التي تريد إصلاح المشهد السياسي بأدوات انتخابوية فاسدة نخرة و محروقة . تعرَّضَ الحضور إلى انسياق اليسار وانغماسه في التكتيك والتكتكة وترك الاستراتيجية التي هي أساس كل عمل رصين ودائم وعميق .. نمط الاقتراع وجد له هو الآخر مكانا في النقاش والتحليل .. قيل إن الأسلم للمغرب السياسي و الانتخابي اليوم ، هو اعتماد نمط الاقتراع اللائحي الوطني على دورتين.. لسبب بسيط وظاهري .. القطع مع الفساد وتوزيع المال القذر لأن نمط اللائحة الوطنية سيصعب وبالتأكيد مهام مافيات الانتخابات التي لا تعرف سوى شراء الذمم واستغلال فقر المسحوقين والمعوزين والاشتغال على مفاهيم الولاء والزبونية والمحسوبية .. وتعتقد نفس هذه المافيات أن دورها كنخبة محلية فاسدة هو «تجميع الولاء» وإظهاره وبعد ذلك لها أن تفعل ما تشاء . لشكر عضو المكتب السياسي للحزب والذي أتى في إطار إحياء ذكرى اغتيال عمر بنجلون للحديث عن الإصلاحات السياسية وأسئلة المغرب الراهن، تعامل بأريحية المناضل مع التدخلات وتماهت ردوده مع الموضوعي فيها والرصين . أجاب عن القضية الوطنية التي هي أولوية الأولويات ، ومستقبل التحالفات التي يحددها الاتحاديون في أجهزتهم الوطنية و مؤتمراتهم الحزبية، وألا أحد مخول له أن يتحالف أو يعقد صفقة سياسية دون العودة إلى الأجهزة التقريرية للاتحاد الاشتراكي . أعطى مثالا كأكبر دليل على تشبع الاتحاد الاشتراكي بثقافة التجميع و التوحيد ، بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي لم يجد مناضلوه صعوبة في الانصهار مع إخوانهم الاتحاديين، ولم «يسرطهم» الاتحاد أو أقصاهم أو «اضطهدهم» كأقلية .. وزاد لشكر قائلا بأن الاتحاد مستعد للنقاش الدائم حول هذا الورش، كما هو واقع الآن مع إخوة لنا في اليسار كالحزب العمالي والحزب الاشتراكي .. و ليس للاتحاد - يتابع- أي مركب نقص في الجهر برأيه في عديد من القضايا الراهنة التي تخص مستقبل مغربنا، ولا أحد يملي عليه أجندته أو يرسم للاتحاديين خريطة طريقهم .. فالمسؤولية الحكومية أو المشاركة والحضور في المؤسسات التمثيلية الوطنية ، لا تعفينا من طرح السؤال والتنبيه إلى المنزلقات والجهر بالتجاوزات والأخطاء بكل حس وطني وروح عالية من المسؤولية السياسية . ولم يفت لشكر الذي كانت له خرجات إعلامية في الأيام الأخيرة أو لقاءات حزبية تواصلية كما في سيدي بنور أن يكرر ويؤكد على التعبئة الوطنية المتوجب تقويتها خدمة لقضيتنا الأولى. على العموم كان لقاء جماهيريا بامتياز افتتح به الاتحاد دخوله السياسي في آسفي في برنامج مسطر ستنزل مضامينه في الوقت المناسب وهو ما يتماهى مع وظيفة الحزب السياسي في الإشعاع والتأطير والتواصل وفضح الفساد وعرابيه في هذه المدينة المناضلة و التاريخية التي يريد البعض أن يحولها إلى قلعة مصالح بدون ذاكرة ولا مستقبل .. رحم الله عمر بنجلون في ذكراه الخامسة والثلاثين ... كانت اللجنة التنظيمية تدرك تمام الإدراك أن هذا الخروج العلني هو رهان سياسي يشكل أكثر من جواب على العديد من الأسئلة المحلية المرتبطة بالتمثيلية والفساد السياسي وتواطؤ «الأجهزة» . ورغم هذا وذاك، انكتب على هذا اللقاء المفتوح الذي أشرفت على تنظيمه الكتابة الإقليمية بتنسيق مع الكتابة الجهوية لحزب القوات الشعبية في جهة دكالة عبدة والذي أداره الزميل منير الشرقي، أن تطرح فيه الأسئلة العميقة التي تتقاطع في ما بينها وتنتهي إلى سؤال الإصلاح السياسي الشامل في مغربنا . ادريس لشكر استفاض ووقف بالتحليل والتفكيك عند القضية الوطنية وتداعياتها .. مقترح الحكم الذاتي وصيغ تصريفه .. الهجمة الشرسة التي نفذتها جزائر بوتفليقة وأبناء فرانكو الذين يشكلون صوتا عدوانيا مدججا بشيزوفرينيا استعمارية عتيقة في إسبانيا يؤدى له من «الجيب الشقيق» بترو دولارا .. ؟ تأكد الإجماع الوطني مؤسسات رسمية وشعبية حول الوحدة الترابية وكذا ثقوب الممارسة في تدبير الصراع حول حق وطني وتاريخي مشروع والتسريع بالديناميات الإصلاحية لجعل هذا الشعب الذي قال كلمته في مسيرة الدارالبيضاء المليونية يعيش حاضره باطمئنان ومتوجها إلى المستقبل بكل الثقة بينه وبين الفاعلين، سواء تاريخيا أو دينيا أو سياسيا . تلك كانت من بين المضامين القوية التي انتبه لها عضو المكتب السياسي ادريس لشكر في عرضه . و لم يفت لشكر أن يذكر في البداية بالحس الوطني الذي ميز القادة التاريخيين لحزبنا في تعاملهم مع مختلف الأسئلة و المحطات الوطنية.. وساق نموذج عمر بنجلون كوطني ومناضل يساري صنديد ? قال عنه ادريس - .. « لقد علمنا عمر كيف نحب وطننا» .. هذا الشهيد الذي خرج توا من المعتقلات الى الدفاع عن القضية الوطنية وهو لم يلملم جراح السجن بعد. وفي مقاربته أيضا للوضع السياسي بالبلاد ، استنجد القيادي الاتحادي بالمتن التاريخي، حيث قال لشكر أن أهم المحطات السياسية في تاريخ المغرب و التي شكلت نقلة مهمة في تجاوز أعقد الإشكالات التي كانت تحصل لدى توافق السلطة السياسية و أحزاب الحركة الوطنية .. حيث أن المغرب - يتابع- صنع توافقاته عندما كان ويكون مهددا من الخارج وبلور استراتيجياته الكبرى في مسيرة التنمية والديمقراطية والاستقلال و الخطر الخارجي واقف على الأبواب .. وأعطى مثالا بوثيقة الاستقلال 11 يناير ، و التوافق الذي حصل بين محمد الخامس و القوى الوطنية ، و أيضا مع المرحوم الملك الحسن الثاني الذي أطلق المسيرة وجلس مع زعماء الأحزاب لإرساء إصلاحات سياسية في السبعينيات من القرن الماضي . واليوم تبدو الظروف مواتية لمتابعة الإصلاح وتعميقه انطلاقا من تعبئة المغاربة والمجتمع السياسي وجعل القضية الوطنية مدخلا رئيسا وجوهريا لمتابعة أوراش التأهيل الاستراتيجية التي دشنها المغاربة ملكا وحكومة و شعبا . وليس أدَلَّ على ذلك مسيرة الدارالبيضاء الأخيرة التي نعتبرها - يؤكد القيادي الاتحادي- نوعا من تجديد التعاقد بين المؤسسة الملكية وجيل محمد السادس لمواصلة الإصلاحات الكبرى . ادريس لشكر اختار أيضا في مقاربته لأسئلة المغرب الراهن أن يحلل ويفكك انطلاقا من خلفية الفاعل السياسي المحكوم بمرجعيات حزبه وثوابته، وقراراته النابعة والصادرة عن مؤسساته التقريرية سواء المؤتمر الثامن أو المجالس الوطنية، معلنا أن النقاش والحوار يجب أن يكون مقرونا بالتعبئة الوطنية على جميع المستويات سواء في ما يتعلق بالإصلاحات السياسية أو الانتخابات أو الإطار المؤسساتي، أو صيغ الحكامة المطلوب تفعيلها في العديد من المجالات ومشددا على أن الإصلاحات كانت دوما على رأس الأجندة النضالية للاتحاد الاشتراكي ولم يتخل عنها ، بل أخذت الكثير من الصيغ والأشكال. لشكر في حديثه عما وقع مؤخرا في الصحراء، استشهد بالخطاب الملكي الأخير في ذكرى المسيرة الخضراء، وكأن الخطاب الملكي كان يتنبأ بما سيقع من تداعيات .. مشيدا بالمسيرة المليونية التي احتضنتها الدارالبيضاء والتي شكلت جوابا قاطعا حول الإجماع المغربي على الوحدة الترابية .. هنا أشار عضو المكتب السياسي للحزب إلى ألاعيب الجزائر التي تناوش المغرب باعتباره بلدا يقدم نموذجا متميزا للانتقال الديمقراطي في الجنوب المتوسط ، وليس كالجارة الشرقية التي لا يستطيع أحد أن يتوقع ماذا سيقع داخلها مستقبلا ؟.. و الأممالمتحدة التي لا تشتغل على ملف الصحراء بمنهجية تراكمية، بل تكتفي بالإنصات و لا تلعب دور الفاعل الذي يحاول تطوير المسار التفاوضي لإرساء المقترح المغربي الواقعي الذي ساندته الدول الصديقة والعظمى . الحياة السياسية كانت جزءا من المحاور التي قاربها لشكر في عرضه.. تحدث عن الاختلالات وعن المداخل المفترضة لتحسين الأداء السياسي والتدبيري كالمدخل المؤسساتي الذي يجب أن تمسه إصلاحات حقيقية و المدخل الحقوقي والمدخل الاقتصادي، لأن في توسيع التدبير الديمقراطي تطوير لرؤيتنا الاستراتيجية في التعاطي مع الملفات الوطنية الملحة . كان لشكر ينصت بإمعان للنقاش الذي احتضنته القاعة وللأصوات المختلفة من كل المشارب و الحساسيات السياسية.. ولم يكن ممثل القيادة الحزبية في «نزهة» فكرية أو سياسية.. فالمدينة لها تاريخ سياسي و نضالي معروف ويكون الحضور إليها مصدر اعتزاز كما أومأ لذلك لشكر . طرحت مسألة التحالفات والأسس التي تبنى عليها والمسوغات التي تؤطرها ، خصوصا في القادم من المحطات. تنوقش أيضا اليسار والسبل القمينة بتوحيده وتجميعه على قواعد ومداخل محددة تحفظ التاريخ المشترك وتقوي لحمة العمل الوحدوي بما يسمح بحفظ موازين القوة لصالح تدعيم المقترب الدستوري وأوراشه التي لم تفتح بعد في علاقة مع المقترح المغربي الذي سيغير لا محالة طريقة توزيع السلط و الثروات حتى ولو اكتفى المغرب بما سمي «بالجهوية الموسعة» . تم الوقوف على ظاهرة «الحزب الأغلبي» ..مرامي ومقاصد ممارساته التي بدأت بثلاثة وجمعية وانتهت بمائة وحزب و أغلبية .. !!.. لم يميز في جمعها بين الغث والسمين ، بين الصالح والطالح .. والأمثلة كثيرة تمشي على رجليها تحت شمسنا الانتخابية .. !؟ .. وأيضا قيل الشيء الكثير عن العناصر الفاسدة المصنوعة التي التحقت «بالوافدين الجدد» على الحقل السياسي تحديدا في آسفي .. ماض مُريع و فاسد .. ارتباطات مشبوهة .. عنف سياسي مورس على الأطر السياسية داخل الأحزاب الوطنية .. مشترك الأمية والانبطاح .. كانت الأصوات التي ارتفعت في القاعة واضحة وصارمة في إدانتها لمثل هاته المطبات و «الأفكار الجديدة» التي تريد إصلاح المشهد السياسي بأدوات انتخابوية فاسدة نخرة و محروقة . تعرَّضَ الحضور إلى انسياق اليسار وانغماسه في التكتيك والتكتكة وترك الاستراتيجية التي هي أساس كل عمل رصين ودائم وعميق .. نمط الاقتراع وجد له هو الآخر مكانا في النقاش والتحليل .. قيل إن الأسلم للمغرب السياسي و الانتخابي اليوم ، هو اعتماد نمط الاقتراع اللائحي الوطني على دورتين.. لسبب بسيط وظاهري .. القطع مع الفساد وتوزيع المال القذر لأن نمط اللائحة الوطنية سيصعب وبالتأكيد مهام مافيات الانتخابات التي لا تعرف سوى شراء الذمم واستغلال فقر المسحوقين والمعوزين والاشتغال على مفاهيم الولاء والزبونية والمحسوبية .. وتعتقد نفس هذه المافيات أن دورها كنخبة محلية فاسدة هو «تجميع الولاء» وإظهاره وبعد ذلك لها أن تفعل ما تشاء . لشكر عضو المكتب السياسي للحزب والذي أتى في إطار إحياء ذكرى اغتيال عمر بنجلون للحديث عن الإصلاحات السياسية وأسئلة المغرب الراهن، تعامل بأريحية المناضل مع التدخلات وتماهت ردوده مع الموضوعي فيها والرصين . أجاب عن القضية الوطنية التي هي أولوية الأولويات ، ومستقبل التحالفات التي يحددها الاتحاديون في أجهزتهم الوطنية و مؤتمراتهم الحزبية، وألا أحد مخول له أن يتحالف أو يعقد صفقة سياسية دون العودة إلى الأجهزة التقريرية للاتحاد الاشتراكي . أعطى مثالا كأكبر دليل على تشبع الاتحاد الاشتراكي بثقافة التجميع و التوحيد ، بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي لم يجد مناضلوه صعوبة في الانصهار مع إخوانهم الاتحاديين، ولم «يسرطهم» الاتحاد أو أقصاهم أو «اضطهدهم» كأقلية .. وزاد لشكر قائلا بأن الاتحاد مستعد للنقاش الدائم حول هذا الورش، كما هو واقع الآن مع إخوة لنا في اليسار كالحزب العمالي والحزب الاشتراكي .. و ليس للاتحاد - يتابع- أي مركب نقص في الجهر برأيه في عديد من القضايا الراهنة التي تخص مستقبل مغربنا، ولا أحد يملي عليه أجندته أو يرسم للاتحاديين خريطة طريقهم .. فالمسؤولية الحكومية أو المشاركة والحضور في المؤسسات التمثيلية الوطنية ، لا تعفينا من طرح السؤال والتنبيه إلى المنزلقات والجهر بالتجاوزات والأخطاء بكل حس وطني وروح عالية من المسؤولية السياسية . ولم يفت لشكر الذي كانت له خرجات إعلامية في الأيام الأخيرة أو لقاءات حزبية تواصلية كما في سيدي بنور أن يكرر ويؤكد على التعبئة الوطنية المتوجب تقويتها خدمة لقضيتنا الأولى. على العموم كان لقاء جماهيريا بامتياز افتتح به الاتحاد دخوله السياسي في آسفي في برنامج مسطر ستنزل مضامينه في الوقت المناسب وهو ما يتماهى مع وظيفة الحزب السياسي في الإشعاع والتأطير والتواصل وفضح الفساد وعرابيه في هذه المدينة المناضلة و التاريخية التي يريد البعض أن يحولها إلى قلعة مصالح بدون ذاكرة ولا مستقبل .. رحم الله عمر بنجلون في ذكراه الخامسة والثلاثين ...