لا تنقطع حركية تبادل تسجيلات الفيديو والصور على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الهواتف الذكية بفضل تقنية «الواتساب». حوامل ذات مضامين دينية، هزلية، تثقيفية سياسية وجنسية على وجه الخصوص. ينتعش سلوك التلصص بقوة، وتتآكل حرمة الحياة الشخصية ومساحتها تدريجيا. لم يعد هنالك أي احترام للحق في الصورة، خصوصا وأن وسائل الإعلام، أحيانا، تعطي نموذجا سيئا في هذا الباب بفعل انتهاكها لهذا الحق عن سبق إصرار وترصد. واذكر هنا روبورتاجا على إحدى قناتينا الوطنيتين حول ظاهرة السمنة واستعمال حبوب «دردك» سمح مخرجه لنفسه بتصوير مؤخرات النساء المغربيات في الشارع بدون أي احترام لأبسط حقوقهن! أصبح تعامل المواطنين مع الكاميرات ومع زر تطبيق التصوير على هواتفهم، يتخذ طابعا مرضيا، يغرق الرأي العام في الإثارة، متغافلا عن الوجه الجرائمي والجنائي لهذه الدينامية التي تتم في مساحات خاصة وتسمح لنفسها في المقابل بانتهاك حدود خصوصية وحرمة الحياة الخاصة للآخرين. وتعد كاميرات المراقبة المثبتة أمام الأبناك، الشركات، صالونات الحلاقة ، محلات بيع الألبسة، مقاهي الانترنت، المطاعم، الملاهي، وغيرها، من مصادر الفيديوهات التي تنتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي و«الواتساب»، حيث لم تعد هنالك ضمانات لحماية الحيز الخاص بالمواطنين حيثما حلوا وارتحلوا بفعل التوظيف غير المراقب و«الإجرامي» في أحيان كثيرة لتسجيلات كاميرات المراقبة. «رأيت قبل أيام شريط فيديو لشاب يقوم بفعل فاضح داخل مقهى انترنت. المشهد التقطته كاميرا مراقبة مثبتة داخل المحل مما استتبع تدخل المسير لطرد الشاب. إلا أن الغريب في الأمر هو لجوء مسير المحل بعد ذلك إلى نشر فحوى الشريط على مواقع التواصل الاجتماعي والواتساب من أجل التشهير بالشاب. فأي الجرمين يعتبر أكثر فداحة ؟ ألا تجب معاقبة مسير المحل على فعل التشهير والترويج لمضامين بورنوغرافية متحصلة من كاميرا المراقبة المثبتة بمحله؟ هل هنالك، وقبل كل شيء، تشريع يؤطر استعمال هذه الكاميرات؟» تساءل مواطن بمدينة الصويرة. قبل أيام تم اعتقال مواطن مهووس بتصوير المؤخرات بمراكش، وقبله بسنوات تم اكتشاف تسجيلات لنساء داخل صالون حلاقة بالصويرة التقطت من كاميرا خفية. «الممارسات الشاذة متفشية بقوة، وتمكين بعض المهووسين من الكاميرات بهذه السهولة وبدون مراقبة أو تتبع ، يحولها إلى أسلحة تهدد الحياة الخاصة للمواطنين وحرمتهم وحقوقهم. الحاجة الأمنية مفهومة ولكن في إطار الرقابة على التسجيلات والمحتويات. صحيح أن الأبناك والشركات تخضع خدمة المراقبة لأنظمة داخلية واضحة، إلا أن الأمر يختلف بالنسبة لمحلات بيع الألبسة والصحون والحلاقة والتدليك وغيرها. الفوضى عارمة والمراقبة بالكاميرا لا يعلن عنها والضمانات منتفية بالمطلق. فإلى أين تذهب كل تلك التسجيلات؟ من يحفظها ؟ من يراقبها ويراقب زوايا تصويرها؟ هل يتم وضع رمز لكل كاميرا يتيح تعريفها وتتبعها؟ المواطن في حاجة ماسة إلى ضمانات في شأن احترام حرمة حياته الخاصة» صرح للجريدة فاعل جمعوي معلقا على فوضى كاميرات المراقبة التي تعرفها مدينة الصويرة. وحسب مصدر أمني، فإن شراء وتثبيت واستعمال كاميرات المراقبة لا يخضع لأي نوع من الرقابة أو المتابعة المسبقة أو البعدية بسبب غياب النص التشريعي المنظم. «ليس هنالك أي نص تشريعي يؤطر استعمال كاميرات المراقبة في المغرب. إلا أن القانون الجنائي المغربي يتضمن مجموعة نصوص تجرم توظيف تسجيلات فيديو أو صور لأغراض إجرامية كالتشهير والتهديد والابتزاز. من جانب آخر، يمكن لأي مواطن أن يعترض على تثبيت أو استعمال كاميرا مراقبة إذا كانت زاوية تصويرها تمس بخصوصيته وحياته الخاصة، ويمكنه بالتالي رفع دعوى أمام المحاكم المدنية». صرح للجريدة الأستاذ نور الدين الشرقاوي، عضو هيئة المحامين بآسفي. تبعا لهذا الفراغ القانوني الذي «تزهر» بسببه فوضى كاميرات المراقبة، فإن المؤسسة التشريعية مطالبة أكثر من أي وقت مضى باعتماد نص قانوني يراعي الاحتياجات الأمنية ويحمي في الآن ذاته مساحة الحياة الخاصة للمواطنين المغاربة.