بنيونس عميروش هو أحد النقاد التشكيليين المغاربة الذي صنع اسمه في ساحة النقد التشكيلي، انطلاقا من حمولته المعرفية وثقافته الفنية البصرية، باعتباره أستاذا جامعيا، وباحثا في الفن التشكيلي، وهو إلى جانب هذا، وفي صلبه، فنان تشكيلي ممارس راكم العديد من الأعمال والتجارب والمعارض، لذلك، لابد وأن المتجول بين أعمال معرضه الأخيرة سيفاجأ بأنه يقف أمام لوحات تحمل الكثير من الجديد والمغاير والمختلف، هكذا تضعنا النظرة الأولى الماسحة لأعمال المعرض أمام الموسيقى وأمام السينما وأمام الغناء، وأمام المهرجين... أي أننا نجد أنفسنا أمام تجميع لعدة فنون في فن واحد هو التشكيل. لكن بأية تقنية يستطيع التشكيل أن يجمع من كل فن طرف كما يقال؟ إنها تقنية الكولاج، وإعادة إلصاق الملصقات داخل فضاء اللوحة وتوزيعها وفق رؤية جمالية لا تخطئها العين، إنها إعادة إلصاق ما التصق بالذاكرة واستقر في مكنون الوجدان، أو إنها محاولة لكتابة فصول من السيرة الذاتية تبتغي احتواء العالم أولا ثم دمغه بطابع مغربي يجعله مهضوما من طرف الهوية، هكذا يتجاوز في اللوحة وجه المهرج ووجه المغني ووجه الممثل مع القوس ومع الأسطوانة وغلافها ومع الزليج المغربي، لكنها مجاورة مموسقة بتدخل الفنان عبر لمسات ريشته، وعبر تخطيطاته فوق الوجوه والأسطوانات وفوق كل ما ألصق فوق سطح اللوحة، كما أن الموسيقى لا تخطئ التوزيع أفقيا وعموديا حتى تكاد العين تضيع بين حدود المرسوم وحدود الملصوق، ذلك أن ذات الفنان هنا هي التي تكتب سيرتها، وتتفاعل مع كل ما التصق بها، وتضفي عليه من ذاتيتها، لدرجة يكاد معها القماش يتحول إلى ذات، هي ما التصق بها وما أبدعته حين تفاعلها. ولأننا هنا إزاء الاسترجاع وإزاء الذاكرة ، ولأن الشيء بالشيء يذكر، كما يقال، فإن اللون هنا يذكر باللون، وهكذا ينتقل لون ما من مطبوع أو ملصق ما، إلى مكان أو أمكنة أخرى من اللوحة، كما تتنقل العدوى، لولا أنها عدوى فنية وجميلة وساحرة، إن من الجمال لسحرا. إنه فعلا معرض مغاير جديد، مختلف وأليف، حتى لكأنه يفضح ذاكرة الواقف أمام لوحاته أيضا.