في الوقت الذي تشن فيه وزارة الداخلية حملة واسعة عبر التراب الوطني لمحاربة السكن العشوائي، ووضع حد للمخالفات في مجال التعمير وزجر المخالفين للقوانين بلغت بعضها إلى حد عقوبة الحبس، أو إقالة بعض مسؤولي السلطات المحلية إما بسبب تقاعسهم أو تواطؤهم إن الحزم الذي أبداه وزير الداخلية الحالي في تعاطيه لمسألة التعمير، قد لا نجده بنفس الحد والحزم في بعض الجهات والعمالات. وهناك أمثلة كثيرة تؤكد انتشار البناء العشوائي وسلطات الوصاية لا تحرك ساكنا، وتظل مكتوفة الأيدي رغم توفرها على المعطيات الضرورية التي تؤكد ذلك، بناء على تقاريرها الخاصة، ونسوق هنا مثالا حيا من جماعة أربعاء العونات إقليم سيدي بنور التي لحق ساكنتها ضرر جراء إقامة بناية فوق الحزام الأخضر في خرق سافر لما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل، لاسيما وثائق التعمير التي كرست المنطقة لهذا الغرض. لقد شكلت عمالة سيدي بنور وهي عمالة محدثة مؤخرا، لجنة بحث وتقص قامت بزيارة ميدانية وسجلت هذه الخروقات وتسلمت أيضا تقريرين الأول من طرف قائد المنطقة والثاني من الجماعة المشيد فوقها المشروع، إلا أنه ومع كامل الأسف مازالت البناية قائمة. لقد كان من الممكن للسلطات المحلية بإقليم سيدي بنور أن تحذو حذو وزير الداخلية وأن تتعامل مع الموضوع بحزم دون محاباة وأن تقوم بهدم البناية المذكورة، لأن قانون التعمير يجيز ذلك عندما يتعلق الأمر باحتلال ملك عمومي، لأن مثل هذه التجاوزات إن استمرت قد تتلف الحزام الأخضر بكامله، وتصبح إدمانا لبعض المتربصين الذي يعتبرون أنفسهم فوق القانون. إن الرأي العام المحلي بإقليم سيدي بنور، خاصة سكان أربعاء العونات، منشغل بهذه النازلة وهي نقاشه اليومي. متسائلا حول من سيضع حدا لهذا البناء العشوائي الذي يجد دعما غير مشروط من طرف رئيس الجماعة المذكورة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمجال عمومي قد يمكن السكان من استغلاله كفضاء للاستراحة والتنزه والترفيه، وأيضا يضمن التوازن البيئي، وهو مجال بدون شك جاء ثمرة مجهودات ميدانية نتيجة الضغط الذي تعيشه المنطقة، وأيضا قد يشكل المتنفس الوحيد في مركز أربعاء العونات، فاستمرار البناية داخل هذا المرفق العمومي قد يشكل ازعاجا للساكنة في المستقبل وقد تترتب عنه أخطار صحية وبيئية وأمنية، خصوصا إذا علمنا أن هذه البناية خصصت لبيع مواد البناء. فهل ستتحرك وزارة الداخلية لانقاذ ماء الوجه عبر ايفاد لجنة تفتيش للوقوف على واقع الحال ولإعادة الأمور إلى نصابها مع الضرب عل أيدي العابثين بالقانون.