استنفرت ظاهرتا الإجرام والسكن العشوائي بالعاصمة الاقتصادية للمملكة وفدا أمنيا رفيع المستوى ومسؤولين حكوميين، بعقد اجتماع طارئ احتضنه مقر ولاية الدارالبيضاء الكبرى. واستعرض المشاركون في هذا اللقاء خارطة طريق للحد من هاتين الظاهرتين عبر التشديد على تحسين فعالية المراقبة في ميدان البناء والتحكم في المجال الترابي وتعيين فرق مراقبة لكل منطقة، ومدها بالموارد البشرية المؤهلة، من أطر تقنية وأعوان محلفين وأعوان السلطة وقوات عمومية، وإجهاض كل محاولة لإنشاء تجزئات عشوائية والتصدي بالهدم الفوري لكل بناء غير قانوني في مراحله الأولى. وتندرج هذه الخطة، حسب المشاركين، في إطار الجهود المبذولة للقضاء على السكن غير اللائق عبر اعتماد تدابير زجرية ضد المخالفين، والعمل على توسيع العرض في ما يخص التجزئات والسكن، فضلا عن ضمان السكن اللائق للمواطن. وترمي هذه الخريطة أيضا إلى تكثيف الاجتماعات الأسبوعية للجنة المتابعة تضم جميع المتدخلين، بهدف تقييم وتطبيق التوصيات، وذلك تحت رئاسة عامل كل عمالة من عمالات الجهة. وحسب العرض الذي تقدم به وزير الداخلية شكيب بنموسى خلال هذا اللقاء، فإن تكلفة هذه الخريطة التي تم رصدها للنهوض بالعاصمة الاقتصادية للمملكة بلغت قيمتها 20 مليار درهم. وتقوم هذه الخريطة أيضا على التشدد في اتخاذ عقوبات تأديبية فورية في حق كل من ثبت تورطه من بعيد أو قريب في التستر على المخالفين في ميدان التعمير، وكذا تفعيل وتوسيع عمليات المتابعة القضائية في حق المخالفين. وتستحضر خارطة الطريق كون مدينة الدارالبيضاء تشكل ساكنتها 10 في المائة من مجموع سكان المغرب، والتي من المرتقب أن يبلغ عددها في غضون سنة 2020 أزيد من 4 ملايين نسمة بدلا من 3 ملايين في الوقت الحالي، ويستلزم للقضاء على دور الصفيح رصد غلاف مالي قيمته 8 ملايير درهم. اللقاء كان مناسبة أيضا لوزير العدل، عبد الواحد الراضي، للكشف عن مجموعة من الأرقام الخاصة بالقضايا المعروضة على القضاء في ما يخص البنايات غير القانونية، حيث يسجل بمدينة الدارالبيضاء وحدها أزيد من 4000 قضية سنويا، كما أن من بين 1900 قضية بتت فيها المحاكم الابتدائية للمدينة في هذا المجال، هناك 1332 حكمت فيها بهدم بنايات غير قانونية. وارتفع عدد قضايا مخالفات البناء المعروضة على القضاء على المستوى الوطني من 15 ألف قضية سنة 2004 إلى 22 ألفا في 2007. وربطت بعض التدخلات ظاهرة استفحال السكن العشوائي بضواحي المدينة بالهجرة القروية نحو المدن، مما خلق مناخا خصبا لانتشار العشوائيات التي تعد المحضن الرئيسي للجريمة على مستوى المدينة. ويأتي سياق نزول عقد هذا الاجتماع بعد الأحداث التي عرفها حي الهراويين بمناسبة عيد الأضحى، حيث استغل عدد من المسؤولين المحليين بالمنطقة هذه المناسبة وشجعوا عددا من الأشخاص على تشييد مساكن عشوائية. وقد تم هدم حوالي 307 بنايات و25 مخزنا بدوار الهراويين. وينتشر عبر مدينة الدارالبيضاء عدد من النقط السوداء، خاصة بالضواحي، أهمها الهراويين ودوار السكويلة وطوما وبوسكورة. وقد حضر هذا اللقاء كل من وزير الداخلية شكيب بنموسى، ووزير العدل عبد الواحد الراضي، ووزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية توفيق احجيرة، وسعد حصار كاتب الدولة لدى وزير الداخلية، والشرقي اضريس المدير العام للأمن الوطني، وحسني بنسليمان الجنرال دوكوردارمي قائد الدرك الملكي، والجنرال حميدو لعنيكري قائد القوات المساعدة.