الأمطار الأخيرة التي عرفتها بلادنا والتي كانت غيرمسبوقة واستثنائية بكل المقاييس كانت فاتحة خير وطالع يمن بالنسبة لكل المواطنين الفلاحين منهم بالخصوص، إلا أنها كانت نذير شؤم على بعض التجمعات السكنية كالدواوير وبعض المرافق التي تؤدي خدمات عمومية كالمجموعات المدرسية، هذه الاخيرة تستحق ان تصنف وبكل امتياز «مناطق منكوبة»، وكانت هذه حال مجموعة مدارس سبت المعاريف المركزية بجماعة كريديد إقليم سيدي بنور التي تحولت كليا وفي لمح البصر إلى بحيرة مائية ، وذلك بفعل ارتفاع مستوى منسوب مياه الامطارالذي اتخذ شكل سيول جارفة، ومن سوء حظ هذه المجموعة المدرسية هو توطينها في أخفض نقطة بالنسبة لمركز سبت المعاريف ككل، ومما زاد الطين بلة قربها من بركة مائية موسمية معروفة محلية ب «العين»حيث أن كل السيول المائية الواردة من التجمع السكني لتعاونيات الإصلاح الزراعي تمر بالضرورة بمحاذاة المجموعة المذكورة في طريقها الى «العين»وعندما تمتلئ هاته الأخيرة وتضيق عن استيعاب المزيد لا يبقى للمياه من ملاذ سوى الارتماء في أحضان المؤسسة التعليمية مستغلة مسام وفراغات سورها الآيل للسقوط، لتغمر الساحة بكاملها ثم تحتل الحجرات الدراسية ومبنى الإدارة ، هذا الغمر المائي لم يكتف باكتساح المؤسسة فقط، بل تسرب أسفل الحجرات المبنية بطريقة «البناء الجاهز» المتسم بالهشاشة أصلا، محدثا تفككا في أحجار الأساسات، مما سيؤدي إلى تصدع جدران هذه البنايات! هذا المشهد ليس من قبيل الغرابة بل أصبح مألوفا حتى بالنسبة للمؤسسة نفسها، إذ هو نسخة طبق الأصل لما يحدث كل سنة، لكن الغريب في الأمرهوغياب مقاربة موضوعية لدى الجهات المعنية، في أفق إيجاد حل نهائي للمشكل برمته، عوض سياسة الارتجال والعشوائية والحلول الآنية، ففي السنة الماضية وفي محاولة منه لتخفيف وطأة المياه على المؤسسة التعليمية، لجأ المجلس الجماعي الى إعادة شق قناة ترابية مكشوفة خلف المؤسسة المذكورة بمحاذاة الطريق الإقليمية الرابطة بين سبت المعاريف والحكاكشة والتي لم تف بالغرض، بل أصبحت هذه القناة في حد ذاتها، تشكل تهديدا لسلامة المارة ومستعملي الطريق لكونها مكشوفة ولكون أكوام الأتربة المستخرجة منها وضعت بمحاذاة الطريق على طول القناة المذكورة، ووسط استياء وتذمر عميقين من الساكنة والتلاميذ والأطر التربوية، حضرت السلطات المنتخبة والمحلية و الدرك الملكي إلى عين المكان واكتفت بإلقاء نظرة على ما آلت إليه أحوال المؤسسة لا غير. فإلى متى تبقى السلطات المعنية تقف موقف المتفرج إزاء ما يحدث؟ أولم تستفد من دروس السنوات الماضية، أما كان الأجدر بها أن تتحرك في خطوة استباقية لتطويق ماحدث وإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟