دأبت جمعية الشعلة للتربية والثقافة على تنظيم أيام الشعلة للطفل خلال شهري نونبر/ دجنبر من كل سنة ، وهي مناسبة لتطارح الأسئلة والرهانات المرتبطة بواقع ومستقبل الطفولة المغربية ، وينطلق هذا الاهتمام ضمن اختيارات المشروع التربوي لجمعية الشعلة و انشغالها كذلك برصد كل التحولات السوسيو الاقتصادية و الثقافية التي تطال النسيج المجتمعي المغربي و تحديدا في صفوف الأطفال و الشباب طفال ... خلال هذه الدورة ، اختارت الشعلة موضوع « الطفل والتشغيل « كأفق للتفكير و المقاربة بإشراك مختلف الفاعلين في الحقل الاجتماعي و الحقوقي والمنشغلين بقضايا الطفولة من أساتذة وباحثين ومتخصصين ، وهي مناسبة اختارتها الشعلة لفتح نقاش عمومي و التفكير بصوت مرتفع في ظاهرة تشغيل الأطفال بالمغرب والتي تتنامى بشكل مقلق بعدد من القطاعات رغم القيود والضوابط القانونية التي تحرم وتجرم تشغيل الأطفال أقل من15 سنة . وجدير بالذكر أن المغرب التزم دستوريا بإعلان تشبته بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وتصديقه تبعا لذلك على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة ومن بينها الميثاق الدولي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي ينص في مادته 10 على وجوب اتخاذ إجراءات خاصة لحماية ومساعدة الأشخاص الصغار من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي ، و فرض العقوبات القانونية على من يقوم باستخدامهم في أعمال تلحق الأضرار بأخلاقهم أو بصحتهم أو تشكل خطرا على حياتهم أو يكون من شأنها إعاقة نموهم الطبيعي ، كما ألزم الميثاق الدولة بوضع حدود لسن التشغيل المسموح به قانونيا و تجريم استخدام الأطفال دون السن القانوني ، هذا إلى جانب الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي صادق عليها المغرب سنة 1996 والتي تلح على إعداد الطفل إعدادا كاملا ومتناسقا ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأممالمتحدة ، وخصوصا بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والمحبة والتفاهم ..، وتؤكد ذات الاتفاقية على حق الأطفال في التربية والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والتمتع بالحياة الكريمة ، بل أن المادة 31 من الاتفاقية تنص صراحة على اعتراف الدول الأطراف ومنها المغرب طبعا بحق الطفل في الراحة وقت الفراغ ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنية . لقد أناط المغرب مجموعة من القطاعات الحكومية باختصاصات واضحة في مجالات حماية الطفولة وتأمين حقها في التربية والتعليم والصحة والتنشئة الاجتماعية والترفيه والتخييم ، إلا أن المؤشرات الرسمية تؤكد أن المغرب لازال يتوفر على أعلى المعدلات بالنسبة لتشغيل الأطفال في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط ، و بالرغم من التشريعات القانونية المعمول بها فإن ما لا يقل عن 600.000 طفل تترواح أعمارهم ما بين 7 و 14 سنة أي ما يوازي 11% من هذه الشريحة العمرية منخرطون في أنشطة اقتصادية ، و تبعا لنتائج المسح الميداني الذي أجري في هذا الصدد ، فإن هذه النسبة العالية من الأطفال يشتغلون إلى جانب خادمات البيوت بقطاعات غير مهيكلة تشمل مجالات النسيج و الصناعة الحرفية والصيانة. و بالنظر لهذه المؤشرات المتنامية و للقلق الذي يساور كل الفاعلين في الحقل التربوي و الاجتماعي ، و استنادا إلى الخلفية الحقوقية في التعاطي مع ظاهرة تشغيل الأطفال من أجل حماية الطفولة المغربية من كل أساليب الاستغلال ، فإن الشعلة اختارت أن يكون سؤال تشغيل الأطفال بالمغرب ضمن أسئلة أيام الشعلة للطفل لشهري نونبر / دجنبر2010 . و هي مناسبة لشبكة الشعلة للتداول و الحوار حول ظاهرة تشغيل الأطفال بإشراك مختلف الفعاليات الحقوقية و التربوية و الاجتماعية في أفق إنضاج مبادرات تساهم في الحد من تنامي الظاهرة.