بصفتكم مديرا لجريدة جهوية تصدر بمدينة وجدة منذ أواخر التسعينات، ما هو تقييمكم لأوضاع الصحافة الجهوية بالجهة الشرقية بصفة عامة وبمدينة وجدة بصفة خاصة؟ الصحافة في الجهة الشرقية تعيش فورانا وطفرة كمية غير مسبوقة من ذي قبل، ففي وقت مضى كانت جهة طنجة هي المحور الحقيقي للإعلام الجهوي، الآن يمكن القول بأن الجهة الشرقية هي مركز الإعلام الجهوي ومحوره بامتياز، سواء أكان هذا الإعلام ورقيا أو إلكترونيا هذا من حيث التراكم الكمي، أما إذا وضعنا غربالا نقديا لهذا التراكم فسنصنف هذا الإعلام الجهوي إلى إعلام جاد وهادف وقريب من هموم المواطنين ومدافع عن قضاياهم وانشغالاتهم اليومية... وإعلام رخيص يمارس أساليب الابتزاز والنصب على المواطنين والانتصار لمن يدفع أكثر، وهذا على حساب المعايير المهنية والقيم الأخلاقية، وبطبيعة الحال ما يدفع ويجر إلى هذه الممارسات الرخيصة هو غياب الرؤية لدى المسؤولين والقائمين على قطاع الإعلام، الذين باسم الحرية تركوا هذا القطاع ينخره العبث ويؤطره الجهل بالقواعد المهنية الرزينة. وما هو موقع هذه الصحافة الجهوية في المشهد الإعلامي الوطني؟ بطبيعة الحال الإعلام الجهوي الجاد أصبح الآن الرافعة الحقيقية للتنمية الجهوية في إطاره المتعدد، فلا يمكن أن نتصور تنمية بدون إعلام مصاحب لها ومتتبع لمساراتها وتمفصلاتها.. وفي ظل المفهوم الواسع للجهوية، لابد لهذا الإعلام أن يتحمل مسؤوليته في تجويد شروطه المهنية وتكريس كل ما له ارتباط بالخصوصيات المحلية والجهوية، في أفقها الوطني وليس الإثني أو العرقي.. فالتجارب الإعلامية الناجحة عالميا هي التجارب الجهوية... وأريد أن أفتح قوسا هنا لأقول أنه حين نتحدث عن الإعلام الجهوي بموازاة وتقابل مع الإعلام الوطني أعتقد أننا نبخس الأول حقه في الوطنية الحقيقية، إذا اعتبرنا أن الإعلام مثلا في الجهة الشرقية يلعب دوره الحقيقي للتصدي لشرور وأوهام واجهتين مناوئتين لكل ما له علاقة بمصالحنا الوطنية الاستراتيجية (أقصد الجزائر وإسبانيا). هناك حوالي 27 جريدة جهوية تصدر من مدينة وجدة، منها من توقفت عن الصدور، ما هو موقع جريدة «الحياة المغربية» وسط هذا الكم الزاخر؟ نعم الانطلاقة الحقيقية للإعلام الجهوي أو المحلي، الذي يصدر من مدينة وجدة كانت مع بداية تسعينيات القرن الماضي ومنذ ذلك الزمن أعتقد أن هناك تراكما كميا بامتياز على حساب الكيف، ترسخ على الساحة المحلية، لكن لا يمكن أن ينطلي مقياس الجودة والمهنية إلا على النزر القليل من هذه المنابر الإعلامية، والتي أحصيتموها في 27 منبرا، وبطبيعة الحال جريدة «الحياة المغربية» الصادرة منذ حوالي 14 سنة بانتظام، مقياس نجاحها وجودتها الحقيقية هو استمراريتها أولا وجمهور قرائها ومتتبعيها ولست أنا، لأن أي إطراء أو مدح من قبلي سوف يكرس لا موضوعيتي بطبيعة الحال. وهل ترى بأن الصحافة الجهوية توفقت في معالجة القضايا الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية والسياسية التي تهم المدينة والجهة؟ وهل شاركت في تكريس مفهوم المواطنة؟ الإشكالية الحقيقية لمقاربة سؤالكم هذا هو ثنائية الحق والواجب، وأعتقد شخصيا أنه حين نطالب إعلامنا الجهوي بترسيخ قيم المواطنة ومعالجة القضايا الرئيسية في المجتمع يجب أن نكون موضوعيين ونحاجج ونسائل أنفسنا أولا كمسؤولين وكمؤسسات اقتصادية وكمجالس منتخبة... ماذا أعطينا لهذا الإعلام من دعم معنوي (إشراكه في عملية التنمية المحلية، ودعم مادي ،تحفيزات إشهارية وإعلانية، ودعم مهني ،تيسير سبل الوصول إلى المادة الخبرية أو المعلومة...) فإذا وفرنا هذه الشروط التحفيزية والموضوعية كمسؤولين سنكون قد وضعنا على عاتق إعلامنا الجهوي واجب تكريس قيم المواطنة، ولو أن هذا الإعلام في مجمله يتحمل هذه المسؤولية ضمنيا ومبدئيا وانطلاقا من قناعات ذاتية غير مملاة عليه طبعا... وما هو ردكم على من يعتبر الجرائد المحلية والجهوية مجرد جرائد صفراء متخصصة في نشر قضايا الإجرام والدعارة فقط؟ من يعتبر أن الجرائد المحلية مجرد جرائد صفراء متخصصة في نشر قضايا الإجرام والدعارة مخطئ ويوجد في خانة من يصدر أحكام مجحفة في حق هذا الإعلام الجهوي، خصوصا إذا علمنا أن هذه المواضيع تطغى على مستوى الإعلام الوطني بفظاعة أقوى من تلك على مستوى المنابر الإعلامية الجهوية، والتي أصبح الكثير منها متخصصا في الشأن المحلي، أقصد تناول مواضيع وتيمات اقتصادية وتنموية واجتماعية ومتابعة ما يرتبط بالتنمية البشرية محليا وجهويا، ومراقبة ورصد كل الاختلالات المرتبطة بتدبير وتسيير المجالس المنتخبة وغيرها... بصفتكم كاتب فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بوجدة، هل هناك تواصل مع المنتسبين للنقابة؟ الشعار العريض الذي تبناه الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بوجدة هو حضور إشعاعي وتأهيل اجتماعي وتخليق مهني، وقد بلور مكتب الفرع رؤيته هذه من خلال الإنصات لهموم المهنيين والمنتسبين للنقابة من خلال العديد من المحطات العامة، سواء تعلق الأمر بإحداثه خلية للاستماع لتتبع الأخلاقيات بشكل مؤسس ومنظم، أو من خلال التأهيل الاجتماعي الذي نحن الآن بصدد بلورة تصور شامل لتلبية الحاجيات والمتطلبات الاستعجالية للصحفيين (سكن، تغطية صحية، تنقل، ترفيه...) وذلك من خلال تفعيل شراكات هامة مع قطاعات ومؤسسات عمومية وشبه عمومية، دون إغفال تكريم الصحفيين من خلال محطة اليوم العالمي لحرية التعبير أو اليوم الوطني للإعلام الذي سنحتفل به هذه السنة بمدينة بركان، حيث سنكرم العديد من الوجوه الإعلامية الجهوية وسنتوج الفائزين في المسابقة الجهوية المنظمة من قبل الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بوجدة.