تنظم المجموعة الدولية «هولسيم» لصناعة الإسمنت، الدورة الثالثة لجائزة «البناء المستدام» التي تصل قيمتها إلى 2 مليون دولار، وتهدف إلى التحفيز على الإبداع في كافة المجالات البيئية، وخاصة منها التقليص من استهلاك الطاقة ومن إنتاج الفضلات، والحرص على حماية الوسط البيئي الذي ينجز فيه البناء. ممثلو المجموعة بالمغرب سعوا من خلال اللقاء الذي نظموه يوم الثلاثاء بالدارالبيضاء، إلى إبراز الأنشطة البيئية التي أنجزوها فأعلنوا من خلال وثائقهم، أن استهلاك الماء في مجموع معامل المجموعة في المغرب تقلص من 80 لترا في كل طن من الإسمنت سنة 2006 إلى 65 لترا سنة 2009. وبالموازاة مع ذلك، كان هناك تحسن في تقليص استهلاك الطاقة بفعل اعتماد تقنيات جديدة، وكان كذلك تقليص معدلات الغبار والأدخنة المنبعثة من مداخن المعامل. غير أن نفس الوثائق أوضحت أن هذه الخلاصة ما هي في الواقع إلا نتيجة تقليص معدل الاستهلاك في معمل سطات من 104 الى 36 لترا في كل طن من الإسمنت، أما في باقي المعامل، فإن هذا المعامل ارتفع من 70 إلى 92 في معمل فاس من 97 الى 103 في وجدة، وحتى في وحدة السحق بالناظور ارتفع المعدل من 21 إلى 22 لترا. في نفس السياق، تحدث ممثلو هولسيم المغرب عن بعض إيجابيات الإسمنت، ولاحظوا أن استغلال المقالع ينتج أتربة صالحة للاستغلال على عكس صناعة الحامض الفوسفوري التي تنتج أتربة عقيمة، كما لاحظوا أن استعمال درجة حرارة مرتفعة ،تصل إلى ألف درجة مائوية، يساعد على حرق الفضلات، وخاصة منها الأكياس البلاستيكية دون انبعاثات ملوثة للبيئة. وبالمناسبة تحدثوا عن بعض المشاريع البيئية المنجزة في المغرب، كمحطة المعالجة الأولية للفضلات بأولاد زيدان، على بعد 40 كيلومترا من الدارالبيضاء التي بإمكانها أن تعالج 10 آلاف طن في السنة، بينما الكميات التي عالجتها سنة 2008 كانت في حدود 2500 طن. ومن منطلق التعامل مع العنصر البشري، كمحور أي نشاط بيئي، تحدث ممثل هولسيم عن إعادة تأهيل المقالع المستغلة، وعن المساهمة في توفير شروط تمدرس أطفال الوسط القروي، وعن نجاح بعض تجارب تحويل بعض المستخدمين الى شركاء من خلال تمويل كلفة حصولهم على شهادة السياقة، ثم تمويل كلفة شراء شاحنات ليصبحوا في ظرف 5 أو 6 سنوات ملاكا للشاحنة التي تنشط في المجالات المرتبطة بصناعة الإسمنت. أما بالنسبة للانعكاسات السلبية لارتفاع أسعار الإسمنت على «البناء المستدام»، فنفى مسؤولو «هولسيم المغرب» نفياً قاطعاً أن يكون هناك «تفاهم» بين الفاعلين في القطاع للإبقاء على الأسعار في مستويات مرتفعة. ولتبرير هذا الطرح، تم اعتبار بناء وحدة صناعية جديدة ل «هولسيم» بالدارالبيضاء بمثابة تنافسية مع «لافارج». وبعد التذكير بتخلي المغرب عن تكليف كل معمل بتموين منطقة جغرافية معينة، لاحظ مسؤولو الشركة أن ارتفاع أسعار الإسمنت في المغرب مرده هو الضريبة المفروضة على الإسمنت والضريبة على القيمة المضافة، أما الأسعار غير المتضمنة للضرائب، فقيمتها عند الخروج من المعمل أقل من القيم المعمول بها في دول المنطقة، بما في ذلك تركيا. والجدير بالذكر أن صناعة الإسمنت في المغرب كانت هي المستفيد الأول من البرامج الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق، وحتى الذين عارضوا في البداية، فكرة إخضاع كل طن من الإسمنت لضريبة 50 درهما، بهدف تمويل السكن الاقتصادي سرعان ما تحولوا الى مدافعين عن مضاعفة هذه القيمة لتصل الى 100 درهم، ومنذ ذلك الحين، ارتفع إنتاج الوحدات السكنية بوتيرة عالية، بالرغم من المضاربة والسوق السوداء في الأنشطة العقارية. وقد ساعد تعدد الأوراش الكبرى للبنيات التحتية على زيادة الطلب على الإسمنت، مما فرض على كل الشركات العاملة بالمغرب، الاستثمار في الرفع من إنتاجيتها وفي إنشاء وحدات جديدة لعلها تساهم في تغطية الطلب المتزايد في مختلف أنحاء المغرب. إن كل من يثمن المجهودات المبذولة في مجال حماية البيئة بالمغرب، لا يمكنه إلا أن يتمنى للمغاربة المشاركة والفوز في جائزة «البناء المستدام»، وسواء تحقق ذلك، أم لم يتحقق، فإن واجب كل المعنيين بقطاع البناء يفرض عليهم المزيد من احترام دفاتر التحملات، ومن تقليص هامش الربح لفائدة المستهلك. أما إذا تواصلت الأرباح بالوتيرة الحالية، فإن الأضرار البيئية سوف لن تطال المستهلك فقط، وإنما ستطال حتى الدولة، لأن ارتفاع مستوى الأرباح يعطى للشركة الأجنبية في تحويل المزيد من العملة الصعبة الى الخارج، وهذا الضرر لا يمكن إخفاؤه بتمويل بعض المشاريع ذات الطابع البيئي أو الاجتماعي وبتسخير الإعلام ليضفي عليها هالة أكبر بكثير مما تستحقه.