منذ ثلاث سنوات خلت وتحديدا في يونيو 2008، قامت السلطات المحلية آنذاك بتكليف شيوخ القبائل الصحراوية، وعشرة من الشهود من نفس القبيلة، كلجنة مساعدة لكل شيخ، لتزكية طلبات المواطنين أبناء هذه القبائل، من ذوي الدخل المحدود أو المنعدم، من أجل الاستفادة من البقع الأرضية، أو المنازل السكنية، حيث تم إحصاء وتقسيم المسجلين في استمارات أعدتها السلطات المحلية بكل دقة، إلى مجموعات في حاجة لهذا الدعم، وأخرى تخص الأرامل أو النساء المطلقات. وقد استمرت هذه العملية عدة أشهر، استنزف خلالها كثير من الوقت ومن المال العام، حيث جندت السلطات المحلية بعض الأقسام بالمقاطعات الحضرية بالعيون، وتخصيص طاقم بشري هام ببعض المكاتب بمقر ولاية العيون، بوجدورالساقية الحمراء، لإدخال كل الطلبات في الأجهزة المعلوماتية، بالإضافة إلى المجهودات التي بذلتها كل القبائل، خاصة الأطر الشبابية المتطوعة، وما يصاحب ذلك من مصاريف كبيرة على مستوى الاجتماعات والترتيبات لإعداد ملفات المحتاجين. لكن كل هذه الآمال تبخرت، وأصبحت في خبر كان لأسباب مجهولة، وهو ما أثار قلق كل القبائل خاصة بعد استفادة «إخواننا العائدين إلى أرض الوطن من منازل سكنية وبطائق الإنعاش الوطني لكل بالغ (1650 درهما عن كل شهر )، وقاطني مخيمات الوحدة ببقع أرضية مساحتها 120مترا مربعا ومبلغ مالي قدره 15ألف درهم لشراء المواد الأساسية للبناء مع إعفائهم من تأدية ثمن الرخصة والتصميم و120مترا مربعا لقاطني مخيمات الزماك، كما استفادت 98 أسرة من إخواننا القادمين عبر منطقة (اكجيجيمات) بمنزلين لكل أسرة مجهزين بالأثاث اللازم، مع مبالغ مالية قارة، لكن الساكنة الأصلية ، كما يسمون أنفسهم، اكتشفوا بعد حين، أن تلك الملفات التي تم إعدادها، كانت مجرد مسكن ومهدئ انتهى مفعوله يوم 10 أكتوبر الحالي، حيث نزحت عشرات الأسر إلى جنوب شرق العيون، حوالي 15 كلمترا، لنصب ما يزيد عن 600 خيمة في العراء، للتعبير عن احتجاجهم وتهميشهم من طرف المسؤولين. وفي نفس الوقت، رسالة واضحة إلى الجهات المعنية لتلبية مطالبهم الاجتماعية، على غرار باقي الفئات المستفيدة. وقد أكد بعض المواطنين المشاركين في هذا الاحتجاج، لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أن هناك بعض العناصر المسخرة من طرف جهات معادية للوحدة الترابية للمغرب، حاولت استغلال هذا الحشد الكبير من المواطنين للترويج والتشويش بأفكارها المغلوطة، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، بفضل يقظة اللجن المنظمة، كما أكدت لنا سيدة في عقدها السادس، بأنها أرملة مقاوم، ولم يسبق لها أن استفادت من أي امتياز تخصصه الدولة لأبناء الصحراء المعوزين، باستثناء نصف (كارطية) بطاقة الإنعاش الوطني 825 درهما عن كل شهر، ويضيف لنا آخر :«كيف لنا أن ندبر معيشتنا في ظل هذا الغلاء، مع العلم أن باقي أفراد الأسرة ليس لهم أي دخل قار، الأمر الذي دفعنا للالتحاق بالمحتجين ومطالبنا مطالب اجتماعية محضة، ولا نريد أي مزايدات على حساب وطنيتنا واعتزازنا بمغربيتنا..». نفس الشيء أكدته لنا مجموعة من المواطنين أثناء تجولنا بين هذه الخيام البيضاء التي نصبت بشكل عشوائي، بينما أبدى آخرون تحفظهم، وعدم الإدلاء بأي تصريح، تنفيذا لتعليمات اللجن التنظيمية، التي ميزت نفسها بصدريات، لكل لجنة لون معين، بينما ترابض سيارتان للوقاية المدنية غير بعيد عن مكان المخيم، كما هو الشأن بالنسبة لقوات الدرك الملكي والقوات المساعدة، وفي الأفق تظهر بين الفينة والأخرى طائرة مروحية تطوف بضواحي المخيم، ثم تعود أدراجها لتختفي عن الأنظار، وقبل مغيب شمس اليوم الثامن من هذا الاحتجاج، لوحظت عشرات السيارات من مختلف الأنواع، خاصة ذات الدفع الرباعي، تحمل مواطنين بشكل مكدس، مما يبين أن أغلب المحتجين يقضون يومهم بهذا المخيم وفي المساء يعودون إلى المدينة. من جهة أخرى وزعت السلطات المحلية من جديد استمارتين على شيوخ القبائل، قصد تسجيل الأسر المعوزة من أجل الاستفادة من منازل سكنية. وقد حصلنا على نسختين من هذا المطبوع الذي يشبه إلى حد كبير الوثائق التي تمت تعبئتها منذ أكثر من ثلاث سنوات .