أجواء استثنائية عاشتها مراكش نهاية الأسبوع المنصرم بمناسبة إجراء مباراة الكوكب و الوداد البيضاوي التي احتضنها ملعب الحارثي . فقد هيمن الاستنفار الأمني بأغلب المناطق المحيطة بمكان إجراء المقابلة و نقط تجمع المشجعين و خاصة بالشوارع المؤدية إلى المحطة الطرقية بباب دكالة و محطة القطار بشارع محمد السادس و شوارع الحسن الثاني و محمد الخامس و عبد كريم الخطابي و يعقوب المنصور و غيرها .. المجهود الأمني الذي بدا واضحا من خلال التواجد المكثف لدوريات الشرطة و فرق التدخل السريع التي رابطت سياراتها بالمناطق المذكورة منذ يوم السبت ، كان بهدف التقليص من حدة المواجهات التي حدثت بشكل متفرق بين مشجعي الفريقين و حالات الشغب التي أظهرها بعض العناصر و التي بدأت منذ يوم السبت بعد وصول مجموعة من المشجعين البيضاويين في الصباح المبكر و توجههم إلى ساحة جامع الفنا حيث اندلعت مواجهات بينهم و بين بعض المارة سرعان ما تمت السيطرة عليها . و تصاعدت حالة الهيجان في صفوف المشجعين بعد تكاثر أعدادهم بشكل تدريجي و تكتلهم في مجموعات اخترقت الشوارع الأساسية بالمدينة و ممراتها و خاصة تلك المحيطة بالملعب المحتضن للمباراة حيث تزايدت حالات الشغب التي وصلت في بعض الأحيان إلى مستوى مخيف من العنف . و عمد بعضهم إلى رشق المارة و تعنيفهم و تكسير زجاج السيارات و تخريب كل ما يصادفونه في طريقهم . ذروة هذا التوتر كانت قرب البريد المركزي بجليز حوالي التاسعة و النصف من صباح الأحد حيث حدثت موجة مخيفة من التراشق بالحجارة بين مشجعين من الفريقين تسببت في انتشار حالة من الذعر في صفوف المارة و حولت المكان إلى ما يشبه ساحة معركة بكل ما يتضمنه هذا المشهد من وجوه دامية بسبب جراحها و حالات الكر و الفر و الذعر المتسبب في إخلاء المكان و فرار مرتادي المقاهي المحيطة و هرولة السياح الذين خرجوا للاستمتاع بصباح مشمس بمراكش و توقف حركة السير . حصيلة هذه المواجهة تحددت في إصابة ثلاثة أشخاص بجروح من بينهم قاصر أصيب على مستوى الرأس و تكسير نوافذ بعض السيارات و تخريب واجهات بعض المحلات . و لم تهدأ هذه المواجهات إلا بعد تدخل قوات التدخل السريع التي أفلحت في تفريق عناصر هذه المجموعة و اعتقال ستة اشخاص منهم . مجموعات أخرى انتشرت في شارع محمد الخامس والحسن الثاني و لم يتردد عناصرها في مهاجمة كل من يصادفونه في طريقهم بشتمه و تعنيفه ومنع السيارات من المرور و رشقها بالحجارة . و بسبب ذلك فضل أرباب عدد من المقاهي و المتاجر إغلاق أبواب محلاتهم مخافة تعرض زبنائهم للاعتداء . و تفادى عدد كبير من سائقي السيارات المرور من هذه الشوارع اتقاء لشر هيجان المشجعين . و تواصلت منذ الصباح الباكر ليوم المباراة عمليات المطاردة التي قامت بها القوات العمومية و في مقدمتها الشرطة و القوات المساعدة في حق مجموعات المشاغبين و التي كانت تنتهي إما بإعادة توجيههم نحو الملعب أو اعتقال بعض العناصر ليطلق سراحهم بعد ذلك . أجواء التوتر هذه انعكست على الإجراءات المصاحبة لدخول الملعب و التي اتسمت بطابع التشدد حتى أن الأبواب أغلقت في وجه جمهور عريض ووجد عدد من الصحفيين بسبب ذلك صعوبة في ولوجه و معهم مدرب المنتخب الأولمبي . ورغم أن الأمن أحكم قبضته داخل الملعب و تحكم في زمام الأمور إلا أن حدة الاستنفار زادت في شوارع المدينة مساء الأحد بعد انتهاء المباراة . حيث تجددت المطاردات مرة أخرى بين الشرطة و المشجعين الذين تكتلوا في مجموعات اخترقت الطرق الكبيرة بالمدينة مرددين بشكل جماعي سيلا من الشتائم في حق الفريق المراكشي و مشجعيه . و ضربت سيارات الأمن طوقا مشددا على طول الطريق المؤدي إلى محطة القطار و محطة المسافرين بباب دكالة تحسبا لأي انفلات من قبل المشجعين الذين قضى العشرات منهم ليلتهم في محيط المحطة متوسلين المارة بإكمال ثمن تذكرة السفر للتمكن من العودة إلى الدارالبيضاء . و يعول المراكشيون كثيرا على افتتاح الملعب الجديد المتواجد بطريق الدرا البيضاء بعيدا عن الأحياء السكنية ليعفي المدينة و سكانها من تكرار مشاهد الشغب و الاستنفار التي تجتاح الشوارع بمناسبة اللقاءات الكروية القوية و خاصة تلك التي تجمع الفريق المحلي و فرق البيضاء .