وهي تقدم، مؤخرا، لمجموعة من الصحفيين والمهتمين بالشأن السينمائي، معالم الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للشريط الوثائقي المزمع أن تحتضنها أگادير من 9 إلى 13 نونبر القادم، لم تخفِ نزهة الدريسي، مديرة التظاهرة، بهجتها المشوبة بثقل الرهان والتحدي، والممزوجة بالقلق عن مآل المهرجان في حالة لم يجد الدعم اللازم من طرف الفاعلين الاقتصاديين المتدخلين في الحقل الثقافي والفني. قطع المهرجان الدولي للشريط الوثائقي لأگادير دورتيه الأولى والثانية بسلام... بل بنجاح، إذ جعل جمهورا واسعا يعانق هذا الجنس السينمائي الموسوم ب «فن الشهادة»، وقاده إلى اكتشاف «الآخر» عبر نظرته الموثقة لذاته، مساهما بذلك في إعمال حوار ملموس عموديا (شمال/جنوب) وأفقيا ( جنوب/جنوب). نفس الوصفة التفاعلية والحوارية هذه ستحضنها الدورة المقبلة، تؤكد مديرة المهرجان بثقة كبيرة في النفس وفي الفريق المرافق لها في البرمجة والتنظيم. وكيف لا، وجمهور حاضرة سوس العالمة سيتلذذ بوجبة (سمعية بصرية) توابلها تتشكل من حوالي أربعين فيلما تم انتقاءها من بين 500 شريط تحمل جنسية حوالي خمسين دولة؟ وبالإضافة للمسابقة الدولية الرسمية للمهرجان ولعروضه الموضوعاتية، ستتحول أحياء أگادير وساحاتها إلى قاعات عروض مفتوحة للعموم، مثلما سيكون للطلبة والتلاميذ موعد مع برمجة خاصة تتمحور حول الإنتاج الوطني من جهة، وحول «الاقتصاديات البديلة» المرتبطة برهانات التنمية المستدامة من جهة ثانية. لكن، وكما تقول المغربيات ويكرر المغاربة: «حتى زين ما خطاتو لولة»! أما ما يمكن أن يخدش «حروف زين» المهرجان، ومن ثمة أن يحرم أگادير من الاستمرار في احتضانه والتحول مرة في السنة إلى عاصمة لهذا الجنس السينمائي، فليس سوى... التمويل. في هذا السياق، تضع نزهة الدريسي النقط على الحروف في نفس الآن الذي تدق فيه ناقوس الإنذار: «نحن اليوم في مفترق الطرق ونرغب في إشراك مقاولات القطاع الخاص في هذه التظاهرة الثقافية حتى نضمن لها النّفَس والوسائل الضرورية. ونحن نسعى، عبر هذا السبيل، إلى تطوير حدث فني يستجيب لانتظارات جلية من قبل الجمهور والمهنيين المغاربة، بل والمهنيين الأجانب كذلك. إن المعنى العميق للمسؤولية الاجتماعية للمقاولة يتجسد في دعم التظاهرات التي تشكل إضافة للتنمية الاجتماعية التي تظل شرطا للتنمية الاقتصادية». الرسالة واضحة إذن، بل إنه ثمة تظاهرات لا ترقى إلى المستوى الذي ميز المهرجان الدولي للشريط الوثائقي في دورتيه السابقتين تستفيد من «ملعقة ذهبية» ممنوحة من قبل العديد من كبريات المؤسسات الاقتصادية. ومع ذلك، فمنظمو المهرجان يصرون ويوقعون: «نعمل كل يوم للعثور على المقاولة التي ستضمن للتظاهرة استمراريتها»، مثلما يرفعون قبعاتهم تحية للجهات التي دعمت حلمهم منذ مرحلة تخلقه. ومع ذلك أيضا، فالحاجة إلى وسائل عمل إضافية لا تشغل السيدة نزهة الدريسي وفريق عملها عن التفكير في آفاق أرحب لتطوير المهرجان، وذلك عن طريق جعله تظاهرة تنتقل فعالياتها إلى مدن وجهات أخرى «بهدف منح كل المغاربة فرصة مشاهدة أفلام ترصد واقعا مغايرا يجهلونه أو لا يعرفونه بالشكل الكافي». نداء مهرجان أگادير واضح إذن. وحاضرة سوس العالمة تستحق بدورها تظاهرة سينمائية سنوية من حجمه!