يحق لأي مواطن أن يتساءل هل تريد الدولة من خلال ما تقوم به من مشاريع وما تصدره من خطب، وما تشرعه من قوانين أن تكون فعلا دولة الحق والقانون، والمساواة والتنمية، والمحاسبة والمعاقبة طبقا للقوانين الجاري بها العمل - مع كل ما يحمل بعضها من نقائص أم أن كل ذلك يدخل ضمن مخطط لضمان استمرار حليمة على حالتها القديمة...؟ نقول ذلك، لأننا نصطدم من حين لآخر بتصرفات بعض موظفي الدولة وأطرها على مختلف درجاتهم، بما فيها السامية، تصرفات تتنافى مع الشعارات المرفوعة، بل وتعاكس السياسة المعلن عنها، إن لم نقل تتحداها. اليوم، نقدم شهادة للمجلس الدستوري، نقتبسها من قراره رقم 10/80 الصادر بتاريخ 27 ماي 2010 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5848 الذي يؤكد من خلاله امتناع الوالي عامل عمالة طنجة أصيلة عن تسلم حكم والامتناع عن تنفيذه،هذا الحكم الذي يضمن حق مواطن في المشاركة في الانتخابات الذي حرمه منه رجل السلطة، ندرج منه ما يلي: «من حيث الموضوع : حول الطعن الذي قدمه السيد محمد اقبيب:.حيث إنه يستفاد من عريضة الطعن التي قدمها الطاعن المذكور ومن فحوى الحكم المستدل به ومن باقي المستندات،أن السيد محمد أقبيب تقدم بتاريخ 22 شتنبر 2009 أمام سلطات عمالة طنجة أصيلة بملف التصريح بالترشح بصفته وكيلا للائحة في إطار تجديد انتخاب ثلث أعضاء مجلس المستشارين برسم الهيئة الناخبة المكونة من أعضاء مجالس الجماعات المحلية عن جهة طنجة تطوان، مرفِقا ملفه بالوثائق المنصوص عليها في المادة 24 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، وتسلم وصلا مؤقتا يشهد بذلك. إن الطاعن تردد على مقر العمالة خلال الثلاثة أيام الموالية لإيداع ملف الترشيح قصد تسلم الوصل النهائي، كما تنص على ذلك أحكام المادة 30 من القانون التنظيمي المومأ إليه أعلاه، إلا أن الوالي عامل عمالة طنجة أصيلة تماطل في تسليمه الوصل النهائي الى غاية الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر يوم 25 شتنبر 2009 حيث سلمه قرار رفض التصريح بالترشيح بعلة ان الملف تنقصه بعض الوثائق الواردة في المادة 24 من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه دون أن يحددها، وهو مخالف أحكام المادة 27 من نفس القانون التنظيمي. «إن الطاعن تقدم، إثر ذلك، بدعوى الطعن في القرار المذكور أمام المحكمة الابتدائية بطنجة التي أصدرت حكمها بتاريخ 28 شتنبر 2009 في الملف رقم 1201/09/2297 قضت فيه بإلغاء القرار المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في التصريح بالترشيح لانتخابات عضوية مجلس المستشارين، وبتبليغ الحكم تلقائيا للأطراف، إلا أن العامل رفض تسلم الحكم وامتنع عن تنفيذه، ولم يعمل على التسجيل الفوري لترشيح الطاعن وإشهاره حسب ما تقتضيه أحكام المادة 30 من القانون التنظيمي المذكور». وحيث إنه، تبعا للوقائع السالفة الذكر، يرى الطاعن على الانتخابات بكونه لم يجر وفق الإجراء القانونية، ولم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية بعلة، من جهة، أن العامل، برفضه الامتثال لحكم المحكمة وتنفيذه، جعل نفسه فوق القانون، مما يعد خرقا لحجية الشيء المقضي به التي تحوزها الاحكام الانتهائية، ومن جهة أخرى، أنه تم إقصاء خمس لوائح انتخابية من أصل ثمانية، وحصر دائرة التنافس في ثلاثٍ منها فقط، مما أدى الى المساس بحرية الاختيار لدى الناخبين وبصدقية الاقتراع، مما لا يبعث على الاطمئنان الى نتيجة الانتخاب ويؤدي الى بطلانه! وحيث إن امتناع الوالي عامل عمالة طنجة أصيلة عن تنفيذ حكم قضائي انتهائي يشكل خرقا لأحكام المادة 50 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين التي تنص في فقرتها الرابعة على أنه «يتعين على السلطة المختصة أن تسجل فورا الترشيحات المعلن قبولها من طرف المحكمة وتعمل على إشهارها...»، ويمس بحرية الناخبين في الاختيار بين المرشحين، الأمر الذي يستوجب إلغاء الاقتراع. لهذه الأسباب: -أولا: يقضي بإلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 2 أكتوبر 2009، لتجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من أعضاء مجلس الجماعات المحلية لجهة ،طنجة تطوان، وأعلن على إثره انتخاب السادة عبد الناصر الحسيسين ومحمد علمي وسمير عبد المولى وعبد العالي الحسيسن ومحمد الصمدي أعضاء بمجلس المستشارين.