لعمال معامل زيوت مكناس ومطاحن زرهون تاريخ حافل من النضالات والتضحيات، فقد جربوا كل أشكال النضال من برقيات وعرائض احتجاج، وإضرابات، واعتصامات، ومسيرات، وإضرابات عن الطعام، وذلك منذ بداية القرن الماضي الى نهاية العشرية الأولى من القرن الحالي. كل هذه الحركات الاحتجاجية كانت بهدف حمل الإدارة دوما على تطبيق الحدود الدنيا فقط لقانون الشغل، كالحد الأدنى للأجر، واحترام الساعات القانونية للعمل، والتعويض عن الساعات الإضافية، والتصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبطاقات الشغل، والتعويض عن حوادث الشغل.. بل إن العمال في العديد من حركاتهم الاحتجاجية كانوا يتخلون عن كل هذه المطالب في مقابل أن يظفروا فقط بأجورهم المستحقة والتي كانت تتأخر لشهور وشهور. هذه النضالات أدى من أجلها العمال ضرائب فادحة جدا، توزعت بين طرد من العمل وتشريد للعائلات، وبين اعتقالات تحكمية بهدف «تبريد الرؤوس الساخنة»، وبين حصص من الجلد والتنكيل الذي كان يقوم به رجال الأمن لتكسير وحدة العمال ونضالاتهم، وبين الأحكام القضائية التي كانت لا تخرج عن مسايرة رغبة رب المعمل في تضييع حقوق العمال. وأحكام نزاعي 1984 و 1992 مازالت شاهدة على انحياز القضاء إلى جانب مولاي مسعود، وهو يعرض حقوق العمال ومستقبل ذويهم إلى الضياع والمجهول !! واليوم ينتظر العمال مصيرا غير معروف بسبب رغبة رب المعمل في إغلاق المؤسسة نهائيا لأن الشركة، حسب تصريح رئيس مجلس إدارتها، تمر بصعوبات حرجة نظرا لتراكم الديون... إلا أن طلب الشركة هذا قد ثم رفضه من لدن اللجنة الاستشارية المكلفة بالملف بتاريخ 2/9/2010 بمقر ولاية مكناس تحت إشراف الكاتب العام للولاية. وذلك للأسباب التالية: 1- عدم تنصيص مدونة الشغل على الإغلاق المؤقت. 2 - عدم إرفاق محضر التشاورات والتفاوض مع ممثلي الأجراء بالملف الذي تقدمت به الشركة طبقا للمادة 66 من مدونة الشغل. 3 - عدم تطرق تقرير خبير الحسابات المضمن بملف طلب الإغلاق للأسباب التي أدت إلى تفاقم مديونية المؤسسة، والإجراءات التي اتخذها مجلس الإدارة لتصحيح الوضعية. 4 - عدم وجود أسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية تبرر طلب الإغلاق كما تنص على ذلك مدونة الشغل حيث لا يتوفر الملف على عناصر واضحة يمكن الاستناد عليها لتبرير الطلب. 5 - افتقاد الملف لنظرة مستقبلية متضمنة للإجراءات التي ستتخذها الشركة لتصحيح وضعيتها خلال مدة الإغلاق. إن هذا الطلب يطرح سؤال المصداقية في التعامل مع الفرقاء الاجتماعيين!! إذ أن رب المعمل في اجتماع جمعه بالعمال تحت إشراف مندوبية الشغل قبل شهر وخمسة أيام بالضبط «27 يوليوز 2010» قد التزم بموجب المحضر المنجز بأداء متأخرات الأجور عن شهر ماي ويونيو ويوليوز 2010 داخل أجل أقصاه 15 يوما. كما التزم بتسوية وضعية المؤسسات المقرضة للعمال، خاصة منها الحالات الرائجة بشأنها دعاوى قضائية.. والتزم أيضا بأداء المصاريف الطبية للعمال !! ولو كان رب المعمل صادقا في التزاماته لما طالب بالإغلاق بعد ذلك بحوالي شهر، اللهم إذا كان الهدف من تلك الالتزامات هو ربح الوقت وتعطيل الحركات الاحتجاجية للعمال؟ ثم ما هو دور مندوبية الشغل والسلطات المحلية التي تشرف على الاجتماعات التي تطلق فيها الالتزامات ذات اليمنى وذات الشمال، ثم لا يتم الالتزام بعد ذلك بأي شيء؟ أفليس السكوت عن هذا التناور هو بمثابة تواطؤ وتشجيع على التمادي في الضحك على ذقون العمال؟ !!