يعتبر الرباطي أول فنان مغربي وظف الرسم على الحامل chevalet وأول رسام مغربي يعرض بأوربا،و أول رسام مغربي تخلى عن الفن التزييني والخط والمنمنمات من أجل فن التصوير،علما أن التصوير في عهده كان موقف الدين منه سلبيا..استأثر الرباطي باهتمام العديد من النقاد و الفنانين لما لأعماله من أصالة و أهمية تار يخية . وقد كتب محمد السرغيني: إذا وضعنا محمد بن علي الرباطي في إطار الحركة التشكيلية بالمغرب، نجده هو الرائد الأول .وهو أول من ترك الفن التزييني، وفن الخط والمنمنمات من أجل فن التصوير،علما أن التصوير في عهده كان موقف الدين منه سلبيا. واختلف أسلوبه الأصيل كلية عن الفن الإسلامي التقليدي،وعن الفن الأوروبي لهذه الحقبة.وبالرغم من أن الرباطي يقترب أسلوبه من الطريقة الحدسية للوحة دولاكروا وماتيس،إلا أنه استطاع أن يكون شاهد عصره على وقائع عرفها المغرب في القرن19، فقد تأثر بالحياة الاجتماعية وشخص في مجموعة من لوحاته الأعراف و المشاهد الطبيعية و سجل باللون الصافي الوجوه وعادات طنجة ومظاهرها العمرانية ، تراثِها و آثارِها وهندستها وجمالها ، واستثنى في رسمه الجزء العصري لطنجة.. كان رسمه بالألوان المائية و الباستيل.اشتغل على القماش، وأكد عمق الرؤية وعمق التمكن من الريشة والقدرة على خلط الألوان وعكس الواقع المغربي بصدق وتوظيف الصباغة والمعرفة البسيطة بأساليب الرسم ومدارسه الأكاديمية الحديثة .و لم تكن المعارض على عهد محمد بن علي الرباطي إلا من قبيل تجولات يقوم بها الفنانون الأوربيون. ولد هذا الفنان الرائد بالرباط، وبرحها ليستقر في نحو 1886 بطنجة هو وعائلته، وقد شكلت هذه المدينة التي يتواجد بها -وقتها- عدد لا يستهان به من الفنانين والأثرياء والمستثمرين الغربيين منبع إلهامه. وفي1903 اشتغل طباخا عند مستثمر يملك مطعما، يدعى sir jhon lavery وهو إرلندي رسام وجوه بالتاج البريطاني.اكتشف موهبته، وشجعه بأن لقنه أصول التشكيل وطرقه الصباغية. وبعد سنوات من الخدمة،التحق بمشغله إلى انجلترا، وهناك بقاعة كوبيل بلندن عرض أعماله. ولقد فرضت عليه الحماية الفرنسية 1925-1929 الانخراط في سلك الجندية كجندي بسيط، وفي نفس الوقت يقوم بعمل جندي الإطفاء . وبعد تسريحه من الجيش الاسباني ، توظف ببنك بلباو بطنجة ، وعاد ليمارس فن التشكيل. امتلك الرباطي سنة 1933 محترفا حقيقيا برياض السلطان بطنجة،حيث كرس حياته للعمل الفني فيه، و كانت له به قاعة دائمة لعرض لوحاته الزيتية، و أثناء هذه الفترة، استطاع أن يلحق لوحاته بمتاحف باريس و لندن واستوكهولم. وفي 1937 استقر بطريق القصبة في مكان امتلك فيه مطعما وقاعة للعرض. كان للرباطي مجموعة من المهن منها النجارة، وقد وظفها في دمج الإطار باللوحة.كان بنفسه ينجز إطارات من الخشب منقوشة ومزينة بأسلوب مغربي صرف. ولئن كان بعض النقاد يصفون فن محمد بن علي الرباطي بأنه يمتاز بالفطرية،بل ورائد الفن الفطري بالمغربL›art naif فإن بعضا آخر يرى أنه يبتعد عن ذلك،بدعوى أن طريقته تعتمد الدقة في الخط و الرسم ولاتخرق مبدأ المنظور مما يجعلها قريبة من التصوير الاستشراقي. وثمة من يذهب إلى اعتباره رائدا للواقعية التشخيصية و أنه طور هذا الاتجاه في إطار مايعرف بمدرسة تطوان مع الفنانين عبد الله فخار ومحمد السرغيني ومريم أمزيان وحسن الكلاوي وأحمد بنيسف. وقد استوحى الرباطي من الفن الأوروبي بشكل يقارب الطريقة الحدسية لكل من دو لاكروا وماتيس،في وقت كان فيه الرسامون الأوروبيون واقعين تحت تأثير الفن الإسلامي.ومن المعلوم أن الفنانين الغربيين مثل دولاكروا اهتموا برسم العائلات اليهودية والمزارعين والأشخاص المهمشين. بعد الحرب العالمية الأولى، عاش في مارساي،ثم عاد إلى طنجة سنة 1922 حيث عرض بقصر المامونية بالرباط تحت إشراف السيد ريكارد المدير العام الفرنسي للفنون الجميلة الأهلية . وفي سنة 1936، فتح له رواقا فنيا الأول من نوعه مغربيا بطنجة، وهو الذي يدل على أن الممارسة التشكيلية كانت موجودة في تلك المرحلة ، و لم تحتفظ لنا ذاكرة التار يخ بمعطيات دقيقة عنها . ومع أن مؤلفي معجم فناني طنجة (أندريو كلاندر وترينس ماركتي) أشارا إلى أن محمد بن علي الرباطي ، لا يعد وحده أبا للفن التشكيلي المغربي الحديث بل سبقته أسماء أخرى مثل عبد الرحمن المنبهي، وأنه بالتالي لم يخلف مدرسة فنية قائمة بذاتها بالرغم من أن أبناءه زاولوا الرسم بدورهم ولكنهم لم يتركوا أثرا كبيرا في الفن التشكيلي المغربي ،فإن هذا الفنان يكفيه فخرا أنه وُجد على الساحة الفنية وحده في وقت لم يكن فيه للمغرب أي معرفة بالفن التشكيلي الحديث أو بالتصوير عامة، وأنه ترك رصيدا فنيا حافلا بمشاهد عصره كوثيقة تاريخية ، وأن لوحاته - وتقارب المئة- بمثابة صيحات في وجه الاستعمارين الفرنسي و الإسباني. ملحوظة تمت الاستفادة من المراجع أسفله في صياغة هذه المادة: Sijilmassi, M. La peinture marocaine, Ed. J.P. Taillandier- Arthaud, Paris, 1972. ijilmassi, M. L›art contemporain du Maroc, avec la collaboration de B. Alaoui et de A. Khatibi, A.C.R. Edition Internationale, Coubervoie, Paris, 1989. M'rabet, Khalil, «Les arts plastiques: la peinture», La Grande Encyclopédie du Maroc (Culture, Arts et Traditions), Volume 2, 1987. M›rabet, Khalil. Peinture et identité, l›expérience marocaine, Ed. L'Harmattan, Paris, 1987