تعد الصورة اليوم ،احد المكونات الاساسية التي يكتب بها الانسان قصة حياته عبر كل تجلياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية الخ،من هذا المنطلق تأتي اهمية الصورة ودورها في فهم الذات والآخر . ويمكن القول اليوم ،إن الصورة كأيقونة قديمة /حديثة، هي واحدة من أخطر اللغات التي أبدعها العقل البشري عبر التاريخ . ضمن هذا السياق ، نريد تبيان مدى اهمية تقديم العالم في صورة بل في صور متعددة ،الغاية منها ، الكشف عن هوية وقيم وتعدد ثقافات الإنسان ،إذ من لم يتمكن اليوم،من زيارة العديد من دول العالم سواء في سياقات سياحية أو ثقافية أو مهنية أو اجتماعية ،فهو اليوم ومن داخل غرفته أو في مكان ما مفضل لديه ،يمكن ان يمسك على العديد من صور هذا العالم المتعدد ثقافيا وانسانيا،امساك سيجعله يكتشف اسرار هذا العالم وثقافاته ودياناته وانماط عيشه وققص صراعاته المتعددة داخل البلد الواحد أو في العديد من البلدان. من تأتي اهمية القنوات التلفزية الوثائقية،بل من هنا تاتي اهمية الفيلم الوثائقي في الحياة، أهمية تزداد يوما بعد يوم، بل تتعمق في ظل تعطش الجميع إلى ثقافة الفيلم الوثائقي كثقافة من خلالها يمكن ان نفهم ما بصدده الآخر،وما تعيشه الذات من تحولات متعددة . إن تعدد صور العالم، بمعنى تعدد الهويات والثقافات،كمادة ثقافية تشتغل عليها بعض القنوات الوثائقية،تعدد يضمن لنا كمتفرجين تاحقيق نوع من المتعة والافادة في أفق أن نعرف ما الذي يجري في هذا الكون؟ عوض ان نبقى مشدودين إلى مواد إعلامية منهوكة ومبتذلة ومسطحة للإنسان في وعيه وكينونته . ضمن هذا السياق نموقع ما تقوم به قناة الجزيرة الوثائقية كواحدة من القنوات العربية والعالمية القليلة،المسافرة في الزمن والمكان بالصورة، في أفق النبش في هذه الثنائية الإنسانية ، من اجل البحث عن لحظة ما، محققة لمتعة ما، ولسؤال ما، ولقضية ما.ولعلنا كلما اقتربنا، إلى كيفية اشتغال هذه القناة، التي نجحت في ضم العديد من الاطر الاعلامية والفنية العربية المتنوعة ،مما اعطى مخاضا ولد تجربة خاصة بهذه القناة،كلما ادركنا طبيعة ومكونات الرؤية لدى الجهات المسؤولة عنها،والتي يمكن تلخيص بعض عناصرها في ضرورة ان يفهم العربي ذاته والاخر عبر مواد وثائقية ثقافية متعددة ومتنوعة ، مما يستدعي النبش في كل الازمنة وفي كل الامكنة وفي كل الاذواق والقضايا الاجتماعية والثقافية والفنية نحو افق خلق نوع من الجدل والحراك الثقافي الانساني ،بشكل عام . فمن تتبعك لصور تتعلق برمضان في عيون الاجانب إلى تتبعك حلقات حول عبدالكريم الخطابي إلى البحث في ظاهرة استغلال الاطفال جنسيا مرورا بحلقات موسيقى التصوف الخ ... ستكتشف كيفية اشتغال هذه الاخيرة، ونقصد قناة الجزيرة الوثائقية، مما رفع عنا نحن العرب صورة سلبية تحددت في ان نترك الآخر، يقدم عنا صورة وثائقية نعرف مسبقا خلفيتها الاستعمارية المتوحشة لكونها كانت وفي الكثير من اعمالها تقدمنا من موقع (الفلكلرة ) ، عوض تقديمنا كبقية الشعوب الاخرى والمميزة بالنظرة الخلدونية أي ان كل امة من امم هذا الكون ستسلك الدورة المعروفة والمميزة بشكل عام بالولادة والتطور والانهيار . من هنا اكتست هذه القناة وفي الكثير من اعمالها صبغة محاورة الاخر بالصورة المتشبعة بالبعد الثقافي . إلى أي حد،إذن،علينا كمسؤولين ان نمد، من يسلك طريق البحث في الذات وعلاقتها مع الآخر،ومن زاوية الفيلم الوثائقي، بكافة الامكانات المادية والادارية والتعبيرية والبشرية والتكوينية والتربوية والابداعية كواجهة حقيقية لتكوين المجتمع وجعله يمتلك مناعة حقيقية ضد كل اشكال القهر والتخلف المزروعة هنا وهناك ؟ رئيس المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة