قامت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بأمر من وكيل العام لدى محكمة الاستيناف، بالاستماع لمراد كرطومي، مفجر ملف سوق الجملة للخضر والفواكه، في جلسات ماراطونية دامت أزيد من أربعة أيام، ابتداء من الأربعاء الأخير، إلى حدود الإثنين الماضي، في حوالي 22 ساعة، وقع على إثرها مراد على مجموعة المحاضر التي وصل عددها إلى أزيد من 40 محضرا. وأوضح مراد كرطومي للجريدة بأنه قدم للمحققين مجموعة من الوثائق التفصيلية لسوق الجملة، لتشكل خريطة تعريفية وواقعية لهذا المرفق الذي يحتل الصدارة في المداخيل لدى مجلس المدينة، وذلك من خلال جرد للتلاعبات التي تطال هذا السوق، سواء من طرف إدارة السوق، أوالسماسرة عند المدخل الرئيسي بمحطة الميزان. وكشف مراد بأن التلاعبات التي تمارسها الإدارة تتمثل في تحديد الأثمنة بالنسبة لنفس النوع من الخضر أو الفواكه، مؤكدا على أن الأثمنة مختلفة، لكن الجودة واحدة، مما يفتح مجالا للتلاعب بلائحة الأثمنة المقترحة من طرف الإدارة. وحدد مرطومي للفرقة الوطنية مراحل مرور الشاحنات القادمة إلى السوق من جميع أنحاء المغرب، أو خارجه، منذ وصولها إلى الباب عبر محطة الميزان التابعة لمصلحة الجبايات، ثم الأعوان التابعين لنفس المصلحة، فحاجز ثالث لأعوان تابعين لإدارة السوق، ثم إلى برج المراقبة، المصطلح عليه في السوق «البراكة»، قبل وصولها النهائي إلى القاعة المغطاة أو سوق أكادير أو المتاجر، حسب نوعية السلع. كرطومي طالب أيضا بإجراء تحقيق حول حمولات الفواكه المستوردة، وذلك بمقارنة أوراق الكشف المتواجدة بالإدارة، مع نظيرتها بجمارك الميناء، ومع الأثمنة الحقيقية على أرض الواقع. حيث كشف عن مجموعة من النماذج التي تستحق التحقيق، من خلال عدة شاحنات تضم أوراق الكشف فيها بجمارك الميناء حمولة 40 طنا لأنواع مختلفة من الفواكه ك«الباباي»، «المانج»، «الكاكي»، «الكيوي»، «لافوكا»، «التفاح الأصفر»، «التفاح الأحمر»، «الإجاص»، «الموز»، وفواكه أخرى باهظة الثمن، بينما نظيرتها التي توجد بإدارة سوق الجملة لنفس الشاحنة ونفس الحمولة، لا تحتوي إلا على 10 أطنان من الموز فقط. وسلم كرطومي للفرقة الوطنية مجموعة ضخمة من أوراق الكشف، حصل عليها بعد الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة لمحكمة الاستئناف نور الدين دحين، بخصوص مستجدات التلاعبات التي شهدها سوق الجملة، في الملف الذي أحال فيه الوكيل العام للملك 11 فردا، ضمنهم المدير الحالي للسوق، ورئيس المعلوميات الحالي بالإدارة، ورئيس مصلحة الجبايات سابقا، وصاحب مقهى، وأحد وكلاء المربعات، و6 أصحاب محلات مؤجري الصناديق الخشبية. حيث توضح هذه الوثائق بجلاء التلاعبات التي تمارسها الإدارة، إذ يقوم الفلاح بأداء الرسوم الجبائية عن السلع، وينصرف، ليتم تزوير ورقة الكشف من طرف إدارة السوق عن طريق تغيير الأرقام لتخفيض الوزن والمبلغ المؤدى، وهو ما ينتج عنه فارق مهم من الأموال. وكنموذج استعرض مراد حالة أحد الفلاحين الذي أدى مبلغ 3380 درهما، ليصبح في أوراق الكشف لدى إدارة السوق 1400 درهم!! واتهم كرطومي مجلس المدينة بهدر المال العام من خلال تخصيص ميزانيات ضخمة لمشاريع ضمنها تغطية سوق أكادير، وحفر 5 آبار، وبناء مستودع الصناديق الفارغة الذي خصصت له 500 مليون سنتيم، في حين لم تتجاوز كلفته نصف المبلغ، اضافة إلى ميزانية خيالية لمصلحة المعلوميات التي ثبت تورط الادارة، ورئيس إحدى المقاطعات البيضاوية، في هذه الصفقة، ليتم كشف الأمر من طرف جمال سرحان قاضي التحقيق في الغرفة الرابعة بمحكمة الاستئناف، والذي توبع فيه 26 شخصا في حالة سراح مؤقت، في الملف الذي ستبت فيه المحكمة في 30 شتنبر الجاري بالقاعة 8، اضافة إلى ميزانية الكاميرات التي كانت ضحية حريق 17 مارس 2009 بمكتب مدير سوق الجملة، ثم ميزانية أعمدة كهرباء جديدة، التي فاقت 600 مليون سنتيم، حسب مصادر من داخل السوق، وذلك رغم وجود مجموعة كاملة من أعمدة الإنارة بداخل السوق. وأوضح مراد للجريدة بأنه أمد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمعطيات حول التفويتات المشبوهة، الخاصة بتحويل مجموعة من المراحيض إلى مقاه، كمقهى «رياض السوق» ببلوك 7 التي كانت مخصصة لمراحيض النساء. ومقهى «شيشاوة» ببلوك 8، وكذلك مقهى ببلوك 10، اضافة إلى مقهيين بالقاعة المغطاة، وكلها كانت عبارة عن مراحيض بسوق الجملة. كما تم تحويل مراكز الكهرباء بالسوق إلى محلات تجارية. وأضاف مراد بأنه تم تفويت جميع المرابض «الباركينغ» والمراحيض، إلى شركة «وهمية»، تحمل اسم «شارلوك»، مفيدا بأنها في الحقيقة تعود لإحدى شخصيات مجلس المدينة. كما بين للفرقة الوطنية حجم التلاعبات التي تطال المحلات المسلمة للوكلاء كمكاتب، الذين يؤجرونها لأشخاص آخرين يزاولون فيها كراء الصناديق الخشبية، حيث أوضح بأن أزيد من 114 مليون لا تدخل إلى خزينة مجلس المدينة سنويا، منذ 1986، وهو تاريخ فتح السوق، إلى يومنا هذا. وطالب بالتحقيق في شأن مباراة الوكلاء التي لم تتم منذ 1989، وذلك خلافا للقانون المنظم الذي يقول بإجراء المباراة على رأس كل ثلاث سنوات، حيث يستفيد من 50% منها أبناء المقاومة، والباقي لعامة الناس، وللجمعيات ذات النفع العام، كما ورد في قرار إحالة جمال سرحان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف.