مكان هذه الحادثة ليس هو دار المقري أو درب مولاي الشريف، حيث كانت تقع أحداث مشابهة في عهود القمع السوداء، بل مؤسسة من المفروض فيها أنها تقدم خدمات إنسانية إسمها مستشفى ابن طفيل بمراكش ، وزمنها ليس هو سنوات الرصاص البائدة كما قد توحي طبيعة وقائعها بل هو يوم الإثنين 30 غشت 2010. والضحية ليس ناشطا سياسيا أو معارضا شرسا وإنما مواطن عادي برفقة ابنه المريض وزوجته . كما أن المتورط فيها ليس عنصرا من جهاز الكاب 2 و إنما حارس أمن خاص. التفاصيل هي أن حادثا منزليا تعرض له الطفل أمير الملس الذي لم يتجاوز عمره 18 شهرا تسبب له في إصابته بارتجاج في الدماغ استلزم إخضاعه للفحص بجهاز السكانير حسب ما أشار به طبيبه . وكان من سوء حظ والده مروان الملس أن قصد في الصباح المبكر مصلحة الفحص بالأشعة «الراديولوجي» برفقة طفله الذي يجتاز حالة جد حرجة، معتقدا أن الأمور ستجري بسلاسة طالما أنه أدى للمستشفى مستحقات الخدمة التي يطلبها . وظل ينتظر ساعة وساعتين وثلاث ساعات فأربع وأكثر .. دون أن يتمكن من إجراء الفحص المطلوب . وفي غضون ذلك جاء الكثيرون من بعده، وبناء على معاملة خاصة مع حارس الأمن الخاص الموجود بالمصلحة، تمكنوا من إجراء الفحوصات بسرعة والمغادرة فيما ظل هو أسرته وبعض المرضى الآخرين ينتظرون ..وصلت عقارب الساعة إلى الواحدة والنصف بعد الزوال وحالة الانتظار مازالت مؤبدة . وكان من ضحاياها أيضا سيدة مصابة بالسرطان جاءت إلى المصلحة منذ الثامنة ولم تتمكن من إجراء الفحص المطلوب . فثارت ثائرة زوجها بعد صبر طويل دام أزيد من خمس ساعات،مستفسرا بشكل مؤدب عن سبب هذا التأخر فتلقى رد فعل مفاجئ من حارس الأمن الخاص الذي عنفه بالضرب والسب والشتم وكل أشكال الإهانة التي يمكن تصور فظاعتها، مما دفع والد الطفل أمير الملس للتدخل لفض الاشتباك فكان نصيبه هو الآخر أفظع وأشد، حيث أخرج حارس الأمن الخاص هراوة أمام أعين المرضى وانهال عليه بها بشكل هستيري مصحوب بسيل من الشتائم المهينة هو وزوجته وطفله. ولم يتوقف عند هذا الحد بل قام بمساعدة أحد الموظفين بنفس المصلحة باحتجازه لأزيد من 45 دقيقة كما لو أن الأمر يتعلق بمخفر في السبعينات من القرن الماضي وليس بمستشفى. ولم يتم تحريره من هذا الاحتجاز القسري إلا بعد حضور عناصر الشرطة. الضحية أصيب بجروح بليغة في مناطق مختلفة من جسمه وحددت مدة العجز المترتبة عنها في 21 يوما، ناهيك عن الأذى النفسي الذي تعرض له هو وزوجته وطفله .