مع حلول كل رمضان مبارك، يواجه المشاهدون للشبكة التلفزيونية الرمضانية بواقع مرير ألا وهو عجز القناتين الأولى والثانية عن إنتاج فكاهة تكون في مستوى أفق المغاربة وذكائهم، ومعهم يجد النقاد التلفزيونيون والصحافيون المتخصصون أنفسهم يكررون ويقولون ما أجمع عليه سابقا المهتمون حول رداءة أغلب الاعمال التلفزيونية الرمضانية السابقة. إن الوضع التلفزيوني الذي نعيشه اليوم، خلال هذا الشهر الفضيل تلخصه جملة مقتطفة من مقالة لعالم الاجتماع اوليفيي مونغان تحت عنوان «على التلفزة، نضحك بشكل سيء» نشرت في «دورية إسبري» سنة 2003، التي أشارت إلى أن «أكثر ما يثير الضحك في التلفزة، هو التلفزة نفسها». فجملة مونغان هاته تلخص حقيقة الأمر الواقع التلفزيوني الذي نعيشه في كل القنوات التي نتوفر عليها، والتي تتلكأ في مراقبة برامجها ولا تعمل على تقييمها بما في ذلك البرامج التي «تثير الضحك» والتي «ينبغي ان تساير زمننا الحالي لتعكس صورة حقيقية وموضوعية لمغرب في طور التطور»، لكنها لا تفعل ذلك. إن أغلب السلسلات والبرامج الفكاهية التي يقدمها التلفزيون المغربي لا تحمل أية رسالة، برامج تقدم للمشاهد المغربي البلادة، أكثر من الترفيه». ولعل ما تتميز به سيتكومات هذا الموسم الرمضاني هو التكلف الواضح في التمثيل والتصنع المبالغ فيه في محاولة لإضحاك الجمهور. كما أن غياب سيناريوهات هذه المسلسلات الفكاهية يترك للممثلين فرصة الارتجال. فقد تراجع الضحك المتلفز ولم يعد يحرك مخيلة المشاهد وذكاءه، بل أصبح يتخبط وسط موجة من التكرار والاستبلاد، حيث ظهر نوع جديد من الفكاهيين، أكثر بساطة وأكثر إزعاجا، ويسيرون في تفاوت مع الزمن، لا ينسجمون مع الحاضر ولا مع المستقبل، يريدون إضحاك المشاهدين ويرفقون وجبة الفطور بفكاهات تضع على العقل غطاء البلادة: هذا في الوقت الذي أصبح محترفو الضحك أكثر ندرة.