ترأس أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأميرمولاي إسماعيل،, عشية يوم الأربعاء بالقصر الملكي بالرباط، درسا دينيا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية. «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عشر علامات لقيام الساعة وهي الدخان، والدجال، والدابة وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام، وياجوج وماجوج وثلاثة خسوف. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس الى محشرهم». هكذا تحدثت الأستاذة سعاد رحائم، أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة ، عضو المجلس العلمي المحلي للجديدة في درس الاربعاء من سلسلة الدروس الحسنية بين يدي أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، الذي كان مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأميرمولاي إسماعيل، بالقصر الملكي بالرباط والذي تمحور موضوع: «أشراط الساعة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف» ، انطلاقا من قوله تعالى «يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي» . صدق الله العظيم. وأشارت المحاضرة الى أن الإنسان في هذا العصر في حاجة الى المعرفة بكثير من قوانين الكون والطبيعة، والى تذوق التعبير القرآني في هذه الاية التي نزلت بعد أن شكك المشركون في ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن البعث . وأضافت أن الله عز وجل أخفى أمر نهاية العالم ، أي قيام الساعة، طبقا لهذه الاية بعد الاسئلة التعجيزية التي واجهها الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل هؤلاء المشركين، لكنه سبحانه وتعالى ذكر لها علامات يشار إليها بالأشراط أي علامة الشيء، مبرزة أن القرآن الكريم حسم في ساعة الفناء حين جعلها في غيبة المكنون. وأشارت الى أن الايات الكريمة تعددت في ذكر الساعة وحقيقتها، وأنها تأتي بغتة أو كلمح البصر، موضحة أن من مقاصد إخفاء الساعة وبيان أشراطها الحث على العبادة وصرف الزمان اليسير الى الطاعة والإستعداد ليوم القيامة، والمنع من الوثوق بما يكون حال المرء من عسر ويسر وسراء وضراء، وترك كل ما يعبد من دون الله، والاشتغال بصالح الأعمال والتوبة الدؤوب، وامتناع المكلف عن الاجتراء والخوف من وقوعها. وذكرت المحاضرة أن هناك أشراطا تظهر في أحوال الناس، وتتمثل بشكل خاص في ضياع الأمانة أي الكسل عن الواجب والتقاعس والإهمال في التكاليف الشرعية، وفي وقوع التناكر في القلوب الذي يعتبر من أخطر الآفات على التعايش والتعاون والتماسك الاجتماعي، وهو سبب من أسباب الهلاك وينتج عنه التطرف والارهاب، وكذا في تقليد أهل الضلال. كما أن العلماء قسموا أشراط الساعة الى أشراط كبرى، وهي في نظرهم الحوادث الطبيعية الناتجة عن اختلالات على مستوى الأرض والكون، وأشراط صغرى تتعلق بالتغير والتبدل والاختلال في أحوال الناس، وإن الأشراط التي لها علاقة بأحوال الناس هي التي تستحق أن تعتبر أشراطا كبرى بكل المقاييس». وأوضحت أن الأمر يتعلق بتنبيهات وتحذيرات، وتذكير بأن شيئا ذا أهمية وخطورة سيحدث في الارض في علاقة مع ظواهر كونية لا ندري مداها. وقالت المحاضرة إنه مع كل ما تحصل للإنسان من تقدم علمي وتكنولوجي باهرين، فإنه لا يزال بعيدا عن ادعاء إمكانية القدرة على التحكم في الأرض والسيادة على الطبيعة كما يشهد على ذلك رصد الكوارث في العالم. وأضافت أنه يمكن أن نفترض أن النص القرآني الذي جاء فيه قوله تعالى «حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت « نص يحيل على زمن غير بعيد يتمكن فيه الانسان بما أوتي من العلم من إيجاد حل نهائي لمشكل الطاقة التي بها يتغلب على المشاكل الأخرى، بما في ذلك التحكم في المناخ وتوقيف الاحتباس الحراري وإقامة نظام دفاعي فعال حول الأرض لحمايتها من الأجرام الفلكية الناطحة. وأكدت المحاضرة أن الإنسانية ليست في الوقت الراهن على شفا الانحراف الذي يؤدي الى إنكار الحق إنكارا كليا، بل ربما زاد شعورها بالذنب ومسؤوليتها عن الإفساد في الأرض عماكان عليه من قبل، مبرزة أن هذا شيء إيجابي يعد من حسنات هذا العصر، وأن اجتهاد الإنسانية ككل يسير في ثلاثة اتجاهات تحسينية تتمثل في التحكم في سلوكها، والتحكم في محيطها، وإلقاء مزيد من التوضيح على الأسئلة الملقاة عليها . وأما المسلمون، توضح الاستاذة رحائم، فبالرغم مما يعانون منه من نقص في مجال انتشار العلم، فإنهم اليوم أكثر إقبالا على الدين بالنسبة لما كانوا عليه في جميع العصور السابقة. واعتبرت أن الموضوع خطير بالنسبة للأمم لأن قيامتها تقوم إذا فرطت في مقومات الاستمرار، مبرزة أن أمير المؤمنين حريص في بلده الأمين على هذه المقومات التي تتلخص في حفظ الأمانة، وحفظ أواصر الوحدة والتضامن بين مكونات الأمة، وحفظ الثوابت التي تقي الأمة المسخ والذوبان والعقم الفكري والاستيلاب. وخلصت المحاضرة الى القول إن مهمة العلماء جسيمة وجليلة باعتبارهم حراس العقيدة وحماة الشريعة، وهم القائمون على دين الأمة والساهرون على حماية أمنها، مبرزة أن هذه المهمة أجل وأعظم في ترسيخ مبادىء العقيدة الصحيحة ومنها ما يتعلق بالتعامل مع أمور الغيب، في قلوب الناس وعقولهم باعتبارها جوهر الدين وحصنه الحصين.