إذا كان الخطاب الرسمي لوزارة الصحة يعطي أهمية لأقسام الولادة بالمستشفيات العمومية والمراكز الصحية ، فإن هذا الشئ لا ينطبق على المستشفى المدني بالقصر الكبير الذي لا يتوفر إلا على طبيب واحد للولادة منذ حوالي سنتين بعدما تم تنقيل طبيب إلى مدينة الناظور دون تعويضه، الشئ الذي أثر بشكل سلبي على قسم الولادة رغم الأهمية التي أعطيت له من حيث النظافة والتجهيز والمجانية والاحتفاظ بالمرأة الحامل بعد الولادة لمدة 48 ساعة، فالطبيب الوحيد الذي يعمل بالتوقيت الإداري من 8و30 د صباحا إلى 4 و30 د بعد الزوال غير كاف لكل حالات الحمل والولادة التي تفد على المستشفى وخاصة بعد الرابعة زوالا إلى حدود 8 صباحا من اليوم الموالي ، وكذا أيام السبت والأحد وأيام العطل والأعياد ، مما يضطر معه المسؤولون عن المداومة إلى إحالة الحوامل وخاصة الحالات الصعبة والمستعصية إلى مستشفى للامريم بالعرائش أو إلى مستشفى محمد الخامس بمدينة طنجة التي تبعد عن القصر الكبير ب 120 كلم ، الأمر الذي تسبب في كثير من حالات الوفيات والاعطاب في النساء الحوامل ، كل ذلك راجع إلى الخصاص الواضح في أطباء الولادة بالمستشفى المدني بالقصر الكبير ، بل حتى الطبيبان الموجودان بمستشفى للامريم بالعرائش لا يفيان بالغرض المطلوب لان أحدهما يعمل بالتوقيت الإداري العادي والطبيبة الثانية تكثر من الشواهد الطبية بدعوى المرض ، مما يبين الفراغ الحاد في قسم الولادة بالإقليم كله خاصة بعد الساعة الرابعة بعد الزوال وفي أيام العطل والأعياد ، وهذا يشكل خطرا على أرواح المواطنات اللواتي يعانين من هذا النقص الذي قد يتسبب في الوفيات كما حصل في كثير من المرات أو تضع المرأة حملها وهي في طريقها إلى مدينة طنجة في سيارة الإسعاف الوحيدة التي يتوفر عليها المستشفى دون غيرها. وليس قسم الولادة وحده الذي يعاني من هذا النقص بل حتى قسم الجراحة العامة لا يتوفر إلا على طبيب واحد بعدما أحيل على المعاش الطبيب الجراح السابق الدكتور الحراق دون تعويضه إلى الآن ، مما ترك كبيرا في هذا القسم الحساس الشئ الذي يضطر المسؤولين إلى إحالة كثير من حالات المرضى التي تتطلب الجراحة على مستشفى للامريم بالعرائش ، مع العلم أن هناك حالات لا يستدعي علاجها أكثر من ربع ساعة. إن النقص الحاد في هذين القسمين الهامين بالمستشفى المدني بالقصر الكبير يستدعي من المسؤولين محليا وإقليميا ومركزيا إيجاد الحلول العاجلة لهذه المعضلة وإعادة توزيع الأدوار وتدبير الموارد البشرية بما يخدم المصلحة العامة للمواطنين وليس بما يخدم مصالح فئوية وشخصية تتستر وراء مبررات واهية تتنصل من العمل، فقسم المستعجلات يتطلب تعزيزات إضافية من الموظفين وخاصة في فصل الصيف الذي يقع الضغط على هذا القسم من جراء كثرة الحوادث والاصطدامات وتوافد المهاجرين ، كما أن سيارة الإسعاف الوحيدة غير كافية لنقل المرضى بمختلف أنواعهم من القصر الكبير إلى مدينتي العرائش وطنجة ، مما يضطر المسؤولين في كثير من الأحيان إلى الاستنجاد بسيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر أو الجماعات المحلية والقروية المجاورة. من هنا تبقى مسؤولية وزارة الصحة واجبة من أجل ضمان أمن وصحة المواطنين وذلك بتوفير الأطقم الطبية والموارد البشرية والتجهيزات الضرورية ، كما أن موظفي القطاع الصحي محتاجون إلى الدعم والتشجيع على المجهودات التي يبذلونها رغم الاكراهات و الظروف العصيبة ، كما أنهم محتاجون إلى الحماية الأمنية اللازمة وخاصة في أوقات الليل حيث يفد على المستشفى زوار من نوع خاص .فهل سيستجيب المسؤولون بالالتفات إلى سد الخصاص في الأطباء وإعادة توزيع الموارد البشرية والعمل على ضمان الحماية والأمن للمرضى والموظفين على السواء؟ أم أن دار لقمان ستبقى على حالها كما وقع في السنتين الاخيرتين؟