الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية للحزب    نقابة الكونفدرالية بالمحمدية تطالب بعقد اجتماع عاجل مع السلطات الإقيليمية لإنقاذ عمال مجموعة "الكتبية"    أزيد من 220 عاملًا بشركة "أتينتو Atento" بتطوان يواجهون الطرد الجماعي    وزارة الأوقاف: تأشيرات السياحة أو الزيارة لا تخول أداء مناسك الحج    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    أخبار الساحة    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    الوداد يمنح موكوينا عطلة استثنائية ويكشف موعد الانفصال عنه    مشروع مستشفى بالقصر الصغير في طي النسيان منذ أكثر من عقد يثير تساؤلات في البرلمان    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    هلال يكشف لمجلس الأمن تزييف الجزائر للحقائق حول قضية الصحراء المغربية    استعادة التيار الكهربائي تنهي ساعات من العزلة والصمت في البرتغال    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    البرلمان الكولومبي يجدد دعمه للوحدة الترابية للمملكة المغربية    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    المكتب الوطني للمطارات يعلن عن عودة الوضع إلى طبيعته في كافة مطارات المملكة    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    بعد انقطاع كهربائي غير مسبوق.. هكذا ساعد المغرب إسبانيا على الخروج من "الظلام"    "الجمعية" تحذر من انفلات صحي واجتماعي بالفقيه بن صالح    كيوسك الثلاثاء | بنعلي تعلن قرب تحقيق الأهداف الطاقية قبل أربع سنوات من الموعد المحدد    الصين: تسليط الضوء على دور القطاع البنكي في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين والمغرب    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    منظمة العفو الدولية: "العالم يشاهد عبر شاشاته إبادة جماعية مباشرة في غزة"    وزير التعليم يربط تفشي العنف المدرسي بالضغط النفسي    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    انقطاع كهربائي واسع في إسبانيا والبرتغال يربك خدمات الإنترنت في المغرب    كندا.. الحزب الليبرالي يتجه نحو ولاية جديدة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية    فاطمة الزهراء المنصوري: عدد الطلبات الاستفادة من الدعم المباشر بلغ 128 ألف و528    طقس الثلاثاء .. أجواء حارة في عدد من المدن    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    الصين تتوقع زيادة بنسبة 27 في المائة في السفر عبر الحدود خلال عطلة عيد العمال    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    عودة الكهرباء بنسبة 99 % في إسبانيا    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    جسر جوي جديد بين تشنغدو ودبي.. دفعة قوية لحركة التجارة العالمية    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المسألة السوسيولوجية» و«المسألة الاجتماعية» عند محمد جسوس
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 13 - 08 - 2010

لم يجد الباحثون والمهتمون بالعلوم الاجتماعية، قبل وبعد خمسينيات القرن الماضي بالمغرب المستقل - بل وفي الوطن العربي والعالم النامي عموما- أمامهم في هذا الحقل بالذات، سوى ما خلفته الدراسات الكولونيالية والاستشراقية من تراكم معرفي متعدد الأنماط، والمستويات حول المجتمع المغربي تحديدا. ولذا فقد كان على الرواد في مجال البحث السوسيولوجي بشكل خاص، مثل الخطيبي وباسكون وجسوس ... مهام إنجاز قراءات ومراجعات علمية ونقدية لهذا التراث. وذلك بهدف فهم موضوعي لمرجعياته وأبعاده ومضامينه المعرفية، والكشف عن موجهاته وخلفياته الثقافية والإيديولوجية المرتبطة أساسا ب«المؤسسة الاستعمارية»، بكل ثقلها وتموقعها التاريخي، وبأغراضها الظاهرة والمضمرة من توظيف ما ينتج في كنف توجهاتها من دراسات ومعارف وتصورات ومعطيات... في توطيد دعائم هيمنتها المادية والرمزية. كما كان عليهم أيضا أن يجترحوا لأنفسهم بعض إمكانات الاستفادة العقلانية الهادفة من هذا التراث. وذلك في أفق البحث عن أنسب الشروط والمقومات العلمية والاجتماعية القمينة بتأسيس «معرفة سوسيولوجية» تمتح، من جهة، من مرجعية معرفة كونية إنسانية - على نسبيتها وقابليتها للنقد والتجاوز...- وتتواصل، من جهة ثانية، مع تراثها ومع المحددات الخصوصية لإنتاجها وتطويرها واستعمالها في واقع محلي أو وطني محدد في الزمان والفضاء.
وهو في هذا الموقف السوسيومعرفي يتناغم مع المنظور النقدي لعالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين في دفاعه عن السوسيولوجيا حين يقول :«إن موضوع علم الاجتماع لا يمكن الإشارة إليه بتعريف، وإنما بالعمل النقدي، وبرفض تصديق جميع التفسيرات، ابتداء من التعقيل الذي يسوغ الفاعل به أفعاله، حتى المعنى المتجسد في المقولات الإدارية، التي تبدو أبعد ما تكون عن أن تصبح محملة بالمقاصد (...) فإذا ما نبذ علم الاجتماع، في الأغلب وبعنف شديد، أو نظر إليه دائما تقريبا بالكثير من الحذر، فهذا لأنه يسعى إلى إدراك اندفاع المجتمع وفهم الحركة التي يقودها ذاته بذاته بدون أن يلجأ، من أجل ذلك، إلى تفسير فوق اجتماعي (...).
فعلم الاجتماع لا يكون متمتعا بحريته وهو على الهامش في معزل عن العواصف، وإنما يكون كذلك حين يصهره الصراع بقوة شديدة تجعله يلتقط أنفاسه بمشقة (...) ولما كان هذا العلم مهددا، من ناحية، بالإيديولوجيا والخضوع للفاعلين، ومهددا، من ناحية أخرى بالحرفية والهامشية، فإنه يعيش بصعوبة، ولا يعمل إلا ضمن الحدود التي يكون فيها مجتمعه متسامحا، وتكون السلطة غير موحدة، وعلى نحو أدق، حينما تكون القوى الجديدة تعتمد على التحليل النقدي لعالم الاجتماع، فتتقبله أو تشجعه في جهدها من أجل كسر الحواجز التي تقف في وجه عملها الخاص. سواء أكان ذلك من جهة الطبقة القائدة، أو جهاز الدولة، أو من جهة القوى الشعبية»(11).
إن هذه الرؤية النقدية لعلم الاجتماع هي التي كانت وراء ذلك النقد الصارم الذي وجهه محمد جسوس للوظائف الفكرية والتربوية والاجتماعية والإيديولوجية للجامعة ول»للعقل الجامعي» أو «الثقافة الجامعية»، ولأزمة علم الاجتماع والبحث العلمي عامة، ورفض اقتصارهما على ممارسات بيداغوجية ومهنية ضيقة وأحيانا سطحية، وعلى الأوضاع التي يظلان فيها مجرد خدمات تعليمية، أو «معرفة تحت الطلب»، منشغلة بهم الاستجابة لمتطلبات السوق رغم الأهمية الوازنة لذلك في الشروط الراهنة لمجتمعنا أكثر مما هي منشغلة بمهام ورهانات التأسيس لمعرفة علمية نقدية مؤصلة، مستقلة عن جل إكراهات ومنزلقات الارتهان للمعرفة الغربية الكولونيالية أو الاستشراقية، ولاسيما في بعض نماذجها ومضامينها الإيديولوجية... ولكن شريطة أن تظل معرفة متواشجة ومتواصلة مع شروط إنتاجها ومقومات خصوصياتها الذاتية بكل أبعادها وارتباطاتها الكونية الإنسانية ... ضمن هذا التوجه يمكن أن نفهم ونفسر، كما سنشير إلى ذلك لاحقا، طبيعة وثقل الحضور الذي تحتله «المسألة الاجتماعية» في المجهود الفكري والمسار السياسي لمحمد جسوس.
(11) ألان تورين: من أجل علم الاجتماع، ترجمة تيسير شيخ الأرض، دمشق، 1979، ص ص : (18-22/9-15) على التوالي حسب تراتب النصوص المقتبسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.