... هن نساء مغربيات مناضلات، احترفن الجهاد والمقاومة ، تركن علامات بارزة في تاريخ المغرب، إلى جانب الرجال، في حمل السلاح ضد الإستعمار الغاشم ، وقد بين عن صمودهن وشجاعتهن وتضحياتهن، وأنهن لا يقلن نضالا عن أشقائهن من الرجال، في المواجهة والتصدي لكل اشكال القمع الذي عرفته البلاد . ... نساء التحقن بالحركة الوطنية في بدايتها ومارسن السياسة ضد الظلم والإضطهاد من أجل الحرية والمساواة، نساء قويات جمعهن حب الوطن ، منهن من كانت أول طيارة مغربية في العالم العربي والإسلامي والإفريقي وذهبت ضحية أول جريمة سياسية ارتكبت في مغرب الإستقلال .. منهن من حصدتهن آلة الإختطاف والتنكيل خلال سنوات الجمر. ...هن نساء خالدات، دافعن عن المبادئ الشريفة والنبيلة إلى آخر رمق في حياتهن. شهيدات قدمن أرواحهن فداءا للوطن من أجل زرع الحرية والديمقراطية، و من أجل مجتمع يسوده العدل والإزدهار والتقدم .. نساء قاسين العذاب الوحشي في الأقبية والزنازن والمعتقلات السرية السيئة الذكر، مثل درب مولاي الشريف والكوربيس واكدز وقلعة مكونة والمنافي السرية الأخرى، في تلك الفترة من الماضي الملوث بانتهاكات حقوق الإنسان... ولازالت بلادنا تحتفظ بأسماء كثيرة تشرف تاريخ المغرب الذي لم يكتب بعد ... مناضلة معروفة في أوساط المقاومة وجيش التحرير برحمة البهلولية . وإسمها رحمة حموش بنت محمد بن الطالب ، من مواليد سنة 1906، بالخندق إحدى فرق البهاليل قرب مدينة صفرو. تزوجت لأول مرة بنقيب الزاوية القندوسية بصفرو وهو عبد السلام القندوسي ، تعلمت منه مبادئ الدفاع عن الوطن والتضحية من أجل التحرير. وبعد وفاة زوجها بسنتين ، تزوجت بمقاوم يدعى علي بن محمد ، هذا الأخير زرع فيها بذور المقاومة والنضال ضد الإستعمار الفرنسي ، فأصبحت من بين النساء المناضلات في صفوف المقاومة المغربية ، حتى أن منزل هذه المقاومة أصبح مقرا سريا يأوي المناضلون، وكان رجال المقاومة يعقدون فيه اجتماعاتهم السرية . وبعد نفي المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية سنة 1953، ونزول الجماهير الشعبية إلى الشوارع في جل المدن المغربية تستنكر ذلك التدخل الهمجي ، قام رجال المقاومة بعمليات فدائية ضد سلطات الإحتلال ، في نفس السنة تم الهجوم على ثكنة الجيش الإستعماري بسيدي بوسرغين بصفرو وغنموا الكثير من الأسلحة ، ووضعوها بأحد الإصطبلات بضواحي المدينة ، وكان من بين هؤلاء المقاومين الذين قاموا بهذه العملية الحسن البرنوصي الذي كان يسكن نفس البيت الذي كانت تسكنه المناضلة رحمة . و استطاعت هذا الأخير أن تقوم بأعمال بطولية، و حيث قامت بنقل تلك الأسلحة من المكان الذي خبئت فيه إلى بيتها ، وكانت تدسها وسط كوم من الحطب، أو في سلاسل الغلل الخاصة بالقمح والشعير ، كما كانت تحشر الرشاشات والبنادق في ملاحيف الصوف ، وتحتفظ بها إلى حين يأتي دورها ويطلبها رجال المقاومة لتنفيذ اعمالهم الفدائية ضد السلطات الإستعمارية وأذنابها من الخونة . كما أن هناك بعض الأسلحة بقيت ببيتها إلى ما بعد الإستقلال حيث سلمتها إلى الجهات المسؤولة بالرباط ، وقد توفيت المقاومة والمناضلة رحمة حمدوش يوم 5 يناير 1988 ودفنت بمسقط رأسها بالبهاليل ناحية صفرو. وهناك أسلحة أخرى بقيت ببيتها إلى ما بعد الإستقلال حيث سلمتها إلى الجهات المسؤولة بالرباط ، وقد توفيت رحمة حمدوش يوم 5 يناير 1988 ودفنت بمسقط رأسها بالبهاليل .