يرصد البروفيسور›جون بيير فيليو›،هذا الكتاب مراحل متعددة عاشها تنظيم القاعدة على مر عقدين من الزمن. فقبل وقوع أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001، كان تنظيم بن لادن يبني نفسه في المرتفعات الأفغانية، مواصلا ما تم إنجازه في السودان. كما استفاد بشكل كبير من الدعم والتأييد الذي لقيه من لدن أفراد حركة طالبان، مما جعله يتبوأ مكانة متقدمة على مستوى التنظيمات الجهادية في العالم، إن لم نقل إنه استفرد بالمقدمة، وتمكن من استقطاب باقي التنظيمات وضمها إلى صفوفه. ورغم اتساع رقعة نشاط القاعدة، التي امتدت من آسيا وأوربا إلى أمريكا وإفريقيا، إلا أن الملاحظ في الفترة الأخيرة تعرضه لضربات موجعة، أثرت بشكل كبير على مكانته في البلاد العربية. ولقد اعتمد واضع هذا الكتاب على العديد من المصادر سعيا منه لاستيضاح الخيارات الاستراتيجية التي كانت وراء نجاحه في فترة الفترات، كما يضعنا أمام الفرضيات الممكنة لنهاية محتملة قد لا تضع، رغم ذلك، نهاية للخطر الإرهابي في العالم. غضب أيمن الظواهري من محاولة الأمن المصري اختراق صفوفه سيمتد إلى باكستان، حيث سيقوم بتعبئة شبكاته هناك. وفي التاسع عشر من نونبر 1995، سيتم تدمير الصفارة المصرية بإسلام آباد بعد تفجير سيارة مفخخة قادها سائقها مباشرة في اتجاه مبنى السفارة، مسفرا عن مقتل ستة عشر شخصا. وجاء هذا التفجير في اليوم الذي يوافق الذكرى الثامنة عشر لزيارة الرئيس المغتال أنور السادات للقدس. وقبل ذلك، وبعد أن طرد السودان الظواهري من أراضيه، عملت الخرطوم على تسليم المقاتل الفنزويلي كارلوس إلى السلطات الفرنسية شهر غشت سنة 1994، كما باشر السودانيون مفاوضات سرية للتقرب أكثر من واشنطن. لكن الولاياتالمتحدة لم تكن حينها مهتمة باعتقال المزيد من الجهاديين، وإن كان تهتم ببن لادن، فإن ذلك كان بشكل غير مباشر في قضية تفجير شحنة متفجرة أسفل مركز التجارة العالمي في فبراير 1993. أما العربية السعودية، فكانت ترفض مطالب الخرطوم بعد معاقبة بن لادن بعد تسليمه لها. ومن جانبها، اكتفت مصر بطرد أيمن الظواهري من السودان وتشديد الخناق على أتباعه في مصر. وفي ظل ذلك، لم يكن أمام أمير تنظيم القاعدة أي خيار آخر سوى البحث عن بلد آخر يستطيع أن يجد فيه ملاذا وأرضية جديدة للانطلاق. في ماي 1996، سينتقل بن لادن إلى بيشاوار، متخليا عن استثماراته في السودان، بعد أن منح أتباعه تذكرة سفر نحو أية وجهة يريدون. نفس الحاة سبق له أن عاشها عندما غادر السعودية قبل خمس سنوات. لكن هذه المرة سيغادر نظاما إسلاميا تلاعب به واستنزفه. لكن قناعته زادت ترسخا، فالجهاد العالمي هو هدفه، وبه سيكون أو لا يكون. توجهت الطائرة التي أقلت بن لادن إلى باكستان عبر الخليج العربي، وكان ربانها الروسي يتلقى التعليمات بشأن مسار الرحلة من سيف العدل، وهو عنصر سابق بقوات الأمن المصري. بوصول الطائرة إلى بيشاوار، التقى بن لادن بيونس خالص، قائد «الحزب الإسلامي». وفي تلك الفترة، كانت قوات طالبان قد بدأت ترسخ وجودها في أفغانستان، حتى أنها أعطت لقب «أمير المؤمنين» لقائدها المولا محمد عمر المتواجد بقندهار. كان بن لادن حذرا في تعامله مع طالبان، بعد أن راودته الشكوك في وجود علاقة بين الحركة ومصالح الاستخبارات السعودية. استقر بن لادن في جلال آباد، وحينها بلغه أن أبا عبيدة البنشيري توفي في حادث غرق مركب ببحيرة فيكتوريا. وكان هذا القائد العسكري لتنظيم القاعدة قد غادر الخرطوم في اتجاه نيروبي، حيث تكفل بالإشراف على شبكات التنظيم بالمنطقة، لتناط العملية بعد ذلك إلى محمد عاطف. تأثر بن لادن كثيرا بفقدان قائده العسكري، وشكك في إمكانية شن أي هجوم عسكري. لكن تنفيذ عملية ضد مقر الحرس السعودي في الرياض، أسفرت عن مقتل خمسة متعاونين أمريكيين، جعل الأمن السعودي يشن حملة ضد المقاتلين السابقين الذين كانوا في أفغانستان. وبتاريخ 25 يونيو 1996، سيلقى 19 جنديا أمريكا حتفهم بمنطقة الظهران، على الساحل الشرقي للسعودية، عندما تم تفجير برج الخبر. ودفع هذا الهجوم الولاياتالمتحدة إلى تجميع قواتها في قاعدة معزولة غير بعيدة عن العاصمة الرياض. وبعد إجراء تحقيق في الهجوم، توصل الأمن السعودي والأمريكي إلى أن الجهة التي وقفت وراء العملية هي «حزب الله» السعودي، الحركة الشيعية الخاضعة لنفوذ إيران. وكان بن لادن قد عبر عن سعادته بعد تفجير برج الخبر، إذ قال للصحافي البريطاني روبيرت فيسك «السعوديون يدركون الآن أن عدوهم الحقيقي هو أمريكا»، وأضاف بالقول: «إن إعلان أمريكا الحرب على الشعب السعودي هو إعلان للحرب على جميع المسلمين». جون بيير فيليو