بمكالمة هاتفية استثنائية أجراها عامل الإقليم، واعلي حجير، مع رئيس المجلس البلدي، حميد البابور، وتنبيه لهذا الأخير لما يجري من تجاوزات بمصلحة التعمير بالبلدية، انطلقت «محاكمة» رجل ظل إلى وقت قريب يصول ويجول بتأشيرة «صديق العامل»، وليس غريبا أن يجد رئيس المجلس البلدي نفسه في حرج شديد كان طبيعيا أن يجبره على التفكير في إيجاد مخرج مرن يحسم به مسألة التفويض الممنوح للرجل المذكور، وكيف يمكن انتزاعه منه بطريقة لا تثير حساسية الحزب الذي ينتمي إليه المعني بالأمر، وحتى لا يعتقد حزب الرجل أن الرئيس حرك ورقة العداء من طرف واحد بنزعه للتفويض من يد عضو يحمل قميصه، فقد جرت رياح الحظ لفائدة الرئيس استنادا إلى الموقف الصعب الذي بات يحجب الرجل عن أي مؤازرة أو عفو، ولا تدخلات استطاعت الدفع باتجاه التراجع عن قرار «طرد» الرجل من قسم التعمير على خلفية الشبهات والخروقات التي كانت موضوع العشرات من المعلومات والشكايات والرسائل المجهولة الرائجة، في الأشهر الأخيرة، ضد رجل ذي لقب لا تجتمع حروفه بالعربية. لقاء عامل الإقليم برئيس المجلس البلدي قاد إلى خلع «طاقية الإخفاء» عن رأس ملف التعمير بكل من بلدية خنيفرة وعمالة الإقليم، وتم تنظيم لقاء تحت سقف العمالة مع المكتب المسير للمجلس البلدي حول حصيلة هذا المجلس خلال سنة، وتم الخروج بعدة توصيات، منها العمل على ضرورة هيكلة مصلحة التعمير والتقنية، وبعدها قام رئيس المجلس بعقد لقاء طارئ بموظفي المصلحة التقنية لتحميل المسؤولية لكل واحد في نطاق مهمته، بينما تم عقد لقاء وازن مع الكاتب العام في هذا الشأن، لتأتي مرحلة الحسم مع موضوع «صديق العامل» وإقناعه في نهاية المطاف بالحل الممكن المتمثل في تقديم استقالته من مصلحة التعمير، وإيداعها لدى ديوان عامل الإقليم، ولم يتأكد بعد ما إذا كان ملف القضية سيتم تقديمه للقضاء أم لا؟ علما بأن العديد من المتتبعين اعتبروا «الإطاحة بالرجل المعلوم» إشاعة قبل أن يتأكد الجميع من الغضبة العاملية عليه. المعني بالأمر وجد في حل «الاستقالة» أقرب حل للخروج من المأزق دون ضجيج، قبل تفكيره في التحليق إلى الديار الأوروبية لقضاء «رحلة صيف» في ضيافة بعض الأقارب حالما تبرد الزوبعة التي انطلقت رحاها بقرار تأديبي صدر في حق مسؤول بقسم التعمير بعمالة الإقليم، والذي حاول تبرئة نفسه بما يفيد أن القرار استند لضغوط من شخصين نافذين رغبا في الانتقام منه على خلفية موضوع قاعة للحفلات بطريق تادلة، قال بأن الشخصين يحاربان استمرار تواجدها بهذا المكان، غير أن بعض المراقبين احتملوا عدم علاقة القرار التأديبي بالأمر. وفي ما يشبه السباق ضد الساعة، أغلق عامل الإقليم أذنيه تجاه بعض التدخلات والتوسلات، وأسرع بتشكيل لجنة إقليمية، وضع على رأسها رئيس قسم الاستعلامات بعمالة الإقليم، هذه اللجنة التي قامت بالتحقيق الميداني في العشرات من الملفات ذات العلاقة بمجال البناء والتعمير، والتصاميم والشهادات، وبرخص البناء والسكن، وانتقلت إلى معاينة عدة عقارات ومحلات على مستوى الميدان، وبحثت في كل ما أشار بأصابع الاتهام إلى العضو المفوض بالتعمير ببلدية خنيفرة، وفي مدى تورطه في فضائح تلاعبات وتجاوزات مشبوهة، ولم يفت اللجنة الإقليمية التحقيق مع بعض المسؤولين التقنيين، ولعلها تكون قد وضعت أصبعها على مكامن الخلل وأنهت مهامها، وقدمت نتائج تحرياتها لعامل الإقليم، حيث لم تتسرب أية معلومات بخصوص الموضوع، وفي اتصال لها بجريدتنا عبرت مصادر معينة عن أملها في أن يتم تشكيل لجنة أخرى للتحقيق أيضا في الصفقات والمشاريع الكبرى التي تجري في إطار برنامج تأهيل المدينة، وكذلك في قلة وضعف الموارد البشرية والوسائل اللوجيستيكية بمصلحة التعمير، سيما ما بعد انضمام آمالو إغريبن للنفوذ الحضري. وصلة بالموضوع لم يتوقف الشارع المحلي عن حديثه حول عمليات ابتزاز مالك تجزئة أرضية وصاحب حمام وعدد من المواطنين والتجار، وحول أفعال مفضوحة بمصلحة للتعمير، من قبيل طلب أرقام هواتف النساء بمن فيهن المتزوجات، إضافة إلى تناول الوجبات و»الدجاج المشوي» دون مقابل ببعض المقاهي، وإرغام محلات ميكانيك على إصلاح شاحنات خاصة بلا ثمن عن طريق تهديدات ترهيبية، وفي الحديث العام شيء عن رشاوى عبارة عن أموال وإسمنت وعسل حر، كما يتداول الرأي العام بقوة حكاية مشاجرة وقعت أمام مرأى ومسمع من المصلين بأحد المساجد الذي يؤدي فيه عامل الإقليم صلواته. ويذكر أن عامل إقليمخنيفرة، واعلي حجير، كان قد توقف في كلمة له أمام مستشاري المجلس البلدي، في افتتاح دورة فبراير الماضي، أمام ما تشهده المدينة من نمو ملحوظ في ظاهرة البناء غير القانوني، ودعا إلى «تطوير آليات اشتغال المتدخلين في القطاعات المعنية لتكريس المهنية في العمل والتطبيق السليم للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل»، ولم تفته الإشارة بالتالي إلى ما عرفته المدينة من مظاهر أخرى لا تقل عن «تجزئات سرية كثيرة لم تحترم الضوابط والمعايير والشروط المنصوص عليها في القانون 25.90»، وبعد عرضه لعدد من الحالات والقوانين قال «بما أن دور المجلس البلدي هو تشجيع العمران لحل أزمة السكن وتسهيل المأمورية على المواطن، فمن الواجب عليه التحلي بالصرامة في التحكم في العمران وتجنب كل التدخلات السياسيوية والشخصية». أما أمام أشغال مجلس الدورة الثانية للوكالة الحضرية بخنيفرة، خلال نهاية دجنبر العام الماضي، فقد اختار عامل الإقليم التركيز في كلمته بالمناسبة على تنبيهات جلالة الملك محمد السادس لكافة المسؤولين والفاعلين على المستوى الوطني والمحلي حيال الاختلالات التي يعرفها النسيج العمراني، وأصدر بشأنها تعليمات للحكومة وللمؤتمنين على تدبير الشأن المحلي من أجل وضع حد لمختلف التجاوزات والمخالفات، وعدم التساهل في زجرها. وتسود الشارع المحلي بخنيفرة حالة من الارتياح إزاء «الصرامة المفاجئة» التي تم تبنيها في حصاد «رؤوس المخالفين والمتلاعبين»، والتي لم تستثن رأسا واحدا من الأشخاص الذي ظل يمارس استغلال صداقته لعامل الإقليم، ولم يفت أحد الراصدين وصف نهاية هذا الشخص ب»واحدة من مفاجآت المونديال»، ولم يكن واردا أن يتعمق «النباشون» في حياة المفوض بقسم التعمير، بدءا من جذوره بتغسالين إلى أن أصبح دركيا، ثم قصة تعامله القاسي مع مواطنين بتغسالين عقب التحقيق في ما يعرف ب»قضية الحصادة»، واللقب الذي أخذه حينها وسط معارفه، قبل اشتعاله بخنيفرة ثم بتشواريت، وحكاية سد هناك، إلى يوم تنقيله نحو الدارالبيضاء ثم الجديدة ورواية بقعة أرضية وبحر وما ألقاه البحر، وقد تناول الشارع مرحلة الرجل ما بعد إحالته على التقاعد من سلك الدرك واستقراره بمكناس، حيث تداول الشارع ما يملكه من ممتلكات، ثم مقاولة حديثة العهد، ومنها إلى مرحلة تقدمه للانتخابات الجماعية ومروره بسلم اللائحة إلى مقاعد المجلس البلدي، ومن حق مصادر متعاطفة مع الرجل أن ترى في مجمل ما قيل عنه مجرد «جعجعة بلا طحين» وخفايا تشبه الشجرة التي تخفي الغابة، وأن صرامته فتحت عليه باب جهنم.