إن اقتناء ملابس جديدة من محلات تجارية «كبرى» أضحى أمرا فوق المستطاع، بالنسبة للغالبية الساحقة من المجتمع البيضاوي، والتي ليست لها القدرة المالية على صرف مبالغ كبيرة مقابل اقتناء بذل جديدة، خاصة بالنسبة للأسر المتعددة الأطفال، ليبقى البديل الوحيد أمام ذوي الدخل المحدود والمتوسط ، هو اقتناء الملابس المستعملة المستوردة أو ما يعرف ب «البال» من «أسواق» بها محلات وفضاءات مخصصة لبيع هذه النوعية من الملابس . «لقد تعودت على اقتناء ما يلزمني من أحذية وحقائب و ملابس أيضا من «البال»، فدخلي لا يخول لي إمكانية دفع مبالغ كبيرة لشراء «قطعة ثوب» أرتديها من حين لآخر» تقول (نعيمة) وهي عاملة بأحد المخادع الهاتفية وزبونة دائمة ل «أكوام الملابس» التي يعرضها الباعة في معظم الأسواق البيضاوية (الحي المحمدي، اسباتة، الحي الحسني، القريعة، سوق الاربعاء، سوق شطيبة...)، والتي وجد فيها الكثير من المتسوقين ضالتهم، وتقدم لهم أنواعا مختلفة من ملابس من أقمشة متنوعة، أو «ماركات مسجلة» معروفة بأثمانها الباهظة وبجودتها. تضيف «نعيمة»: «بالإضافة إلى الأثمان المناسبة التي تعرض بها الملابس في «البال» ، فكثيرا ما أعثر على قطع تحمل علامات لماركات عالمية مثل «زارا ، ألدو، برمود » ...وغيرها بأثمان مغرية». هذا ما تؤكده «أمال» طالبة تتسوق من «البال» بين فترة و أخرى، تقول :« أحب اقتناء الماركات، لهذا أقصد محلات « البال» للحصول على قطع مختلفة من ماركات مسجلة وبثمن معقول، في حين أن محلات الملابس «الجديدة» قد تعرض قطعة واحدة لماركة عالمية بثمن يمكن أن أحصل به على «لبسة كاملة من البال». «الملابس المستعملة أو «البال» يتم جلبها من مدن الشمال والشرق (تطوان، الفنيدق، طنجة، الناظوروجدة...) والتي تستورد من بعض دول أوربا (ايطاليا، اسبانيا، فرنسا ...) من قبل بعض التجار لتباع في أسواق «البال» حسب ما صرح به أحد الباعة بسوق اسباتة، الذي يقول : «إن بضاعتنا ممتازة حيث تأتي من أوربا، أحيانا نقوم بإضافة بعض التعديلات عليها كرتق الممزقة منها أو تركيب زر أو شيء من هذه الرتوشات الخفيفة ..إلا أنها تظل بنفس الجودة والدليل على ما أقول هو الإقبال الذي تشهده هذه النوعية من البضاعة ومن لدن جميع الشرائح و الطبقات الاجتماعية ». في نفس السياق يؤكد كمال، يتاجر في الألبسة المستعملة «الكل يشتري ألبسة «البال»، الموظفون و التجار والحرفيون ..من مختلف الفئات الاجتماعية، رجالا ونساء، كما أن اقتناء هذه الملابس لا يرتبط بموسم أو مناسبة معينة، وهذا راجع بالأساس إلى أثمانها التي تتناسب والإمكانيات المادية لأغلب المواطنين ». مع تراجع القدرة الشرائية وعجز الكثيرين عن مسايرة متطلبات ومصاريف الحياة اليومية، أضحت أسواق الملابس المستعملة ملاذ معظم الأسر للهرب من ارتفاع أثمنة الملابس «الجديدة»، وبالتالي تلبية حاجيات الأبناء / البنات على مستوى اللباس، سواء المدرسي أو غيره، والمؤكد أن دائرة محلات البال ستعرف مزيدا من التوسع في القادم من السنوات بفعل اشتداد الأزمات وجمود الأجور!