لعبة التنس في أقوى تعبيراتها الفنية هي لعبة فردية بامتياز، بعيدا عن لعبة التنس المزدوج: ثنائي ضد ثنائي آخر، هي لعبة ما بعد حداثية حتى وان امتد عمرها في الزمن . وبالتالي فهي طبعا ليست لعبة شعبية مثل لعبة كرة القدم، لكنها مع ذلك وربما بسببه تسمو بعيدا في الأفق الذاتي وتحول المشاهدة، أقصد مشاهدتها، إلى فرجة سينمائية فريدة من نوعها، فرجة سينمائية تنتمي الى سينما المؤلف، أقصد سينما التخييل الذاتي لا الجمعي، حتى وإن كان لها طبعا جمهورها الخاص بها. حين أتابع لعبة التنس سواء وهي تتجلى مثل عروس إغريقية في زمن الفلسفة، على الأراضي الترابية، في بطولة رولان غروس، في أبهى شعريتها الترابية بتعبير الفيلسوف غاستون باشلار، أو وهي تتجلى قوية مجلجلة مثل صرخة سوريالية لأندري بروتون على الأراضي الصلبة في بطولة أستراليا المفتوحة أو في بطولة أمريكا المفتوحة، أو وهي تتجلى بهية ممتزجة بماء البحر مثل قصيدة لوالت ويتمان على الأراضي العشبية في بطولة ويمبلدون، وهي البطولات الأربع الكبرى في عالم التنس، أشعر بلذة المشاهدة والاستماع باللعبة والمنافسة القوية بين اللاعبين، وهما يحاولان الاستحواذ على الكرة الصفراء والرمي بها في ملعب الآخر دون السماح له بالقدرة على إعادتها بالشكل المطلوب. وكلما ازدادت المنافسة كلما كان اللعب يزداد ألقا على ألق. هكذا أتابع هذه اللعبة البهية وهي تغوص بعيدا في تحقيق الإمتاع والمؤانسة معا على حد تعبير أبي حيان التوحيدي. أحرص دائما على متابعتها وأعرف أبطالها واحدا واحدا، كما أعرف بطلاتها واحدة واحدة. وفي لحظة من لحظات هذه المتابعة شعرت بأصابعي وهي ترتعد بغية رسمها وتجسيدها في لوحة تشكيلية قد تعبر عنها، فكان أن جاءت هذه اللوحة. انظروا إلى هذه اللوحة التي أمامكم الآن جيدا، واستحضروا من خلال هذا النظر ما سبق أن شاهدتموه من مباريات في هذه اللعبة، لعبة التنس. إن هذه اللوحة ستتحول بعد ذلك وبفضلكم أنتم طبعا الى أيقونة دالة ذات بعد تعبيري جمالي وفني يحيى ويزداد قوة كلما خطرت ببالكم .