بعضهم يعشق الكرة ويعتبرها إبداعا، بعضهم يلعنها ويسمها بالطاعون الانفعالي ... لكنها تطاردهم جميعا رغم أنوفهم حيثما حلوا وارتحلوا. مراد القادري: مارادونا، ميسّي ... وبورخيس مارادونا، ميسّي، تجربتان شعريتان تتمنَّعان عن كل تجييل أو تحقيب. الأول ثمانيني، رغما عن الشاعر صلاح بوسريف الذي أسقطه، لحسابات غير شعرية، من مدونة الشعراء الثمانينيين. فيما الثاني وُلد سنةً بعد فوز الأرجنتين بدورة 1986 وتسلُّم مارادونا للكأس، لينخَرط بكل قدمه في تجربة قصيدة _ مابعد الحداثة. لقد كتب الاثنان، على صفحات الملاعب أحلى القصائد، واستطاعا وهما يرتديان أقمصةً وينتحلان أخرى أن يعبرا بقصيدتهما إلى ضفاف القول/ اللعب الرفيع،حيث شعريةُ الإبهار والدهشة. دييغو مارادونا يُحبُّ السيجار الكوبي الفاخر. وتربطه صداقة وطيدة بفيديل كاسترو. وحيث أن هذا الأخير مازال يحلم بالأرض جنةً للفقراء والمعوزين، فإن قصيدته ذات» الرؤية اليسارية» تصلح متنا لقراءة نقدية من طرف ناقدنا المبجل نجيب العوفي، حيثُ المقاربة تُعنى بالجمعي الذي يمثل هنا- والكلام دائما لنجيب العوفي- الأمة وأحلامها وآمالها في الحرية والتحرر والانعتاق، بدل العناية بالفرد/ الذات. أما ميسّي، فمناخاته الشعرية مختلفة، فإضافة إلى كونه، رفقة جيله،(كريستيان رونالدو،دروغبا،إيتو،.....) ركل ركلة كبرى يقينية الشعريات الكروية المطمئنة لإيقاعاتها العروضية السالفة سواء 3-4-4 أو غيرها، فقد استطاع أن يجْترح لتجربته أفقا شعريا مُختلفا، يقوم على» تذويت العالم»من خلال استدراج اللغة إلى ملاعب الطفولة والعناية بأناشيد المطر. وهو ما يحذو بنا إلى عرض متنه الشعري على الناقد الصديق خالد بلقاسم لقراءته والبت في اتجاهاته وإضافاته الشكلية والدلالية و تمحيص مرجعياته و خلفياته الجمالية و الرؤيوية. ولاغرابة في ذلك، فالناقد خالد بلقاسم، معروف بإنصاته المنتظم لوقع الخطوات الشعرية، متحسسا طراوتها على عشب الذاكرة و الخيال. جسَّد مارادونا وميسّي تطلُّع الحضارات وتوْقها إلى «النموذج الثقافي الآخر» البعيد عما تطرحه أمريكا وبعض الدول الأخرى من نماذج ثقافية . نموذجٌ يقوم على الشعر في اللحظات التي يمنحنا فيها متعة الحلم و الخيال. استمعتُ إلى مارادونا، لأول مرة، في دورة 1986 بالمكسيك، فيما سيُتاح لابني أن يتعرف على مارادونا الصغير/ميسي خلال الدورة الحالية المُقامة بجنوب إفريقيا. بين التاريخين، جرت مياهٌ كثيرة تحت الجسر: خرجنا من قرن لندخل ألفية جديدة...ورغم ذلك، مازالت الكرة ملازمة لهويتنا ووجودنا.تفعل فعلها في المتخيل الفردي والجمعي...تحاور الشعوب وتجمع شملهم على مائدة واحدة،كما يمكنها،في ذات الآن، أن تشتت أخُوّتهم ودمهم وتعبث به كما يلهو طفل صغير بكرة من الصوف. من أين استمد الإثنان، مارادونا وميسي، لغة المشاكسة والشغب...ومن أين لهما هذا الخيال الخلاق ...؟ وماهي شجرة نسبهما الرمزي ..؟ أجزم أن الاثنين،شأن خورخي لويس بورخيس،انتميا إلى ذكائهما فقط. الذكاء...الذكاء ، وحده، قاد خطوهم و فجّر حالتهم الشعرية في العالم كظاهرة تستحق القراءة و التأمل بعيدا عن منطق التجييل و التحقيب. ف»مارادونا هو ميسي و ميسي هو مارادونا» . ذاك أن الأحاسيس التي انتابتني سنة 1986، وأنا أتابع مارادونا يراوغ الصفوف والحروف ليصل إلى بيت القصيد ، هي نفسُها التي يستشعرها ابني وهو يرى صنيع ميسّي،الساحر الآخر القادم من أعالي الأنديز...بلد خورخي لويس بورخيس،الذي مات في أبريل 1986 . والذي ما إن توفي حتى انبعثت أسطورة أخرى، اسمُها مارادونا(يونيو 1986). فالظاهر أن بلد الفضة ترفض أن تظل بلا أسطورة.... محمد معتصم: عمل الفرق مثيل للعمل السياسي منذ قرأت كتاب «الدولة» لجورج بوردو (Georges Burdeau) وهو يقارن العمل السياسي بعمل فريق كرة القدم، ويبين الترابط الوثيق بين الفرد والمجموعة، وحاجة كل واحد منهما للآخر من أجل الفوز، تغيرت رؤيتي لكرة القدم، وبعدما تعرفت أيضا على أهمية كرة القدم في تشكيل الوعي السياسي في المغرب، وكيف استغل بعض القادة فرق كرة القدم للدفاع عن الوطنية والهوية المغربية... تغيرت رؤيتي لكرة القدم ولم أعد قادرا على النظر إليها كلعبة لتزجية الوقت، أو موضوعا لترويض اللسان على الجدال والحجاج أو حتى مجرد الكلام لإثبات الذات أمام الأقران. لذلك فأنا من عشاق كرة القدم وقد لعبتها بمهارة في صغري وشبابي ضمن فرق الأحياء بالدار البيضاء، أقول كرة القدم مجردة، أي أنني لست من أنصار فريق دون فريق آخر، فقد ضاق الوقت كثيرا وتغيرت القيم، وباتت الأهداف التي تحدثت عنها أعلاه متوارية خلف الصناعة الكاسحة والسوق الرائجة المحيطة بلعبة كرة القدم، كما رافق هذه التغييرات تحول في طرائق العبير عن الفرق أو عن السخط سواء. ومتابعتي للمونديال متقطعة هذا العام، رغم أنني من الذين رحبوا بفكرة تنظيمه بالقارة السمراء، كما أنني أتابعه هذا العام مضطرا بالمقهى تلبية لرغبة ابني أيوب الذي أبدى ولأول مرة اهتماما بهذه اللعبة، وأريد أن أدخله في أجواء الانفعال الجماعي، ومشاهدة المباريات وسط الصخب، ولأمنحه فرصة أن يكون صديقا محتملا في المستقبل، وحتى يخوض التجربة. فالانفعال الجماعي بكل ما يحمله من تضارب في الآراء، وإرسال الكلم على عواهنه، وقرقعة الكؤوس على الطاولات، واهتزاز الأجساد وافتقادها لوقارها عند كل محاولة فاشلة كل ذلك وغيره متعة تتيحها لعبة كرة القدم، ويمنحها لنا المونديال. لن أقول بأن الانفعال الجماعي أو «الطاعون الانفعالي» كما يسميه فيلهيلم رايش، يحتاج إلى دراسة عميقة لتشريح طبائع الناس، ولكنني أقول بأن هذا الانفعال مهم جدا في ترسيخ انتمائنا الشخصي إلى العالم، وإلى اللحظة الراهنة وبالتالي إلى الحياة، ويلهينا قليلا عن المشاغل التي تكاد تحولنا إلى صخر صلد، وإلى آلات تتحرك وفق برمجة دقيقة صارمة، ويخرجنا من العزلة التي فرضناها على أنفسنا. لن أتحدث عن النتائج المخيبة للآمال، خروج البلد المنظم في الدور الأول رفقة الدول الإفريقية مما يرسخ فكرة التدني الكروي تبعا لتدهور عام وشامل على مستويات أخرى غير كروية مقارنة بالدول المشاركة الأخرى من أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية... ولكن أقول إن كرة القدم مثلها مثل الشعر والقصة والرواية والمسرح والرقص والسينما وباقي الفنون الجميلة وغير الجميلة ليست سوى تجل من تجليات البنى التحتية والوعي الثقافي والجمالي والفني ولن تعكس إلا القدرة رهينة الإمكانيات والوعي الثقافي الكروي. يمنحنا المونديال فرجة ومتعة، ويسمح لنا بفسحة تصريف بعض من طاقاتنا الانفعالية الجماعية، ويوحدنا مغاربة وباقي العالم لحظة متابعة المباريات قبل العودة إلى عاداتنا اليومية. أحمد زنيبر: مونديال كأس العالم لا شك أن مونديال كأس العالم يشكل لحظة تاريخية هامة كل أربع سنوات، بالنظر لما تمنحه كرة القدم كلعبة شعبية، من فرجة واحتفالية. فخلال زمن يتحول العالم إلى قرية صغيرة تلتقي خلالها القارات الخمس، بثقافاتها وخصوصياتها المحلية، ممثلة في عدد من المنتخبات الكروية يتابعها المتفرج المهتم بكل حواسه ومشاعره، انتصارا وانكسارا. وتبعا لذلك، أجدني منخرطا، بشكل أو بآخر، في المتابعة والمشاهدة. وكم تمنيت لو كان المنتخب المغربي ضمن لائحة المونديال، لتكتمل الفرجة، ولكن جرت الرياح بما لم تشته الآمال والأحلام. أتابع المونديال على غرار المهووسين باللعبة، مشاهدة على الأقل، أتحمس لهذا الفريق أو ذاك، على أن ما يعنيني بالأساس في هذا العرس الرياضي هو الجو الاحتفالي، الذي تحققه بعض المباريات النموذجية، التي يتيسر لي مشاهدتها، داخل البيت أو خارجه، من خلال أدوار اللاعبين وطرق أدائهم المتباينة، تقنية ومراوغة وأهدافا. وكذلك الجو التنافسي، الذي يطبع هذه المباريات بما نلمسه من تجسيد للروح الرياضية وانتصار للراية الوطنية، وبما نلحظه، كذلك، من تأصيل للتدبير الجماعي وإيمان بوحدة الفريق (lesprit du groupe) وفي ذلك اعتبار لمن يعتبر. ولأن الفرجة مطلوبة، كطقس يومي، كثيرا ما أغير من مواعيدي وبعض عاداتي، في القراءة أو الكتابة، لمتابعة إحدى المباريات الحاسمة (ترتيب، إقصاء، تأهل). والعجيب أن لكل مونديال إيقاعه الخاص وأجواؤه المميزة، تعكس بالتالي، نوع المتابعة ومقدار الحماس. وأستحضر هنا مونديال 1986 تحديدا. المونديال، بالنسبة لي، درس في التنافس والأخلاق وفسحة للتأمل والإمعان في سحر القدم. وبين هذا وذاك، محطة للاستراحة من تعب الفكر واليومي. ولأن المونديال أيضا، حامل للمفاجآت ومخيب للآمال والتوقعات أحيانا، كانهزام فريق قوي أمام فريق متواضع، أو خروج منتخب مرشح للفوز في أول دور، أو ظهور سلوك مشين للاعب شهير، أو انحياز حكم لفريق على حساب آخر.. أو غير ذلك مما يسبب كثيرا من القلق والتوتر والاضطراب، أجدني أنتصر لمقولة que le meilleur gagne أحصن بها نفسي، طوال هذه الفترة، من أي ميل أو تعصب مجاني لهذا المنتخب أو سواه (إفريقي، أوروبي، أمريكي..). فللكرة شرطها التاريخي، كلعبة ورياضة وسلوك وسياسة؛ بل وثقافة وانضباط أيضا. لكن ترى أين نحن من كل هذا؟ طه عدنان: كأس العالم شأن يخصّنا رغم أنوفنا من بروكسيل حيث يعود دائما وأبدا لينال قسطا من استراحة المسافر وحيث يقيم، يعترف الشاعر المغربي طه عدنان الذي «يكره الحب»: « لستُ متابعاً حريصاً على مباريات كأس العالم، رغم أن هذه الكأس تبدو حريصةً على محاصرتي تماماً... في البيت حينما أجد الكرة قد تصدّرت الشاشة وفي أكثر من قناة، في العمل عندما أجد الزملاء يناقشون بجدية قصوى مباريات الأمس والزميلات يتحدثن عن حياتهن التعيسة التي نكّلت بها قطعة جلد منفوخة بالهواء، في الشارع حيث تحوّلت المقاهي إلى ما يشبه مدرجات ملاعب والشوارع إلى كرنفالات إثنية على إثر كل فوز: برازيليون وبرتغاليون وإيطاليون وغيرهم يجوبون الشوارع مطلقين العنان لأبواق سياراتهم كما لو لتذكيرنا بأن كأس العالم شأن يخصّنا رغم أنوفنا. من حسن الحظ أن البلجيكيين والمغاربة والأتراك خارج دائرة التنافس، وإلا لتحوّلت العاصمة البلجيكية التي ما زالت تعيش بدون حكومة فيديرالية، إلى مسرح دائم للفوضى». بكل تأكيد، إن كأس العالم شيء يخص مقترف «ولي فيها عناكب أخرى» و»بهواءٍ كالزجاج» رغم أنفه ويلاحقه حتى خارج إقامته البلجيكية. لننصت له: « خلال الويكاند الماضي، سافرتُ إلى أمستردام لتغيير الجو. كنتُ كالمستجير من الرمضاء بالنار. فمباراة هولندا ضدّ اليابان ذلك السبت حوّلت مركز المدينة إلى مزرعة برتقال. بعد الفوز اكترى المشجعون مراكب صغيرة تمخر بهم عباب قنوات المدينة وهم يفرغون براميل البيرة في جوفهم ويفرغون مثاناتهم في عرض الماء ويغنّون كبحّارة جاك بريل. كانوا كما لو يتفنّنون في تجسيد قصيدة «المركب السكران» لآرثر رامبو. وكنتُ أكتشف لأول مرة تجسيدا «كرويا» لشعرية رامبو... كان ذلك، في بلد فان غوغ. يا لسريالية هذه الكأس.» نور الدين محقق: كأس العالم و شعرية النص الكروي ! أما الكاتب المغربي ذو اللسانين نور الدين محقق الذي أصابه مؤخرا فيروس إبداعي إضافي هو التشكيل، فإن له مع المونديال موعد لا يخلفه مثلما لا يخلف مواعيده مع أصدقائه ومع الحياة، وكيف له اختيار مناقض بعد أن حلت به لعنة «الجلدة» منذ تعلم المشي: «أحب كرة القدم منذ صغري، كنت ألعبها وتلعبني، كنت أجن جنونا بها وهي تعلن عن حضورها القوي حين كنا نعلن انتصارا فيها، ونحن نلعب في ملعب الدرب أيام الطفولة والصبا، بهدف على الأقل، أو بهدفين أو بعدد من الأهداف، على الفريق الآخر، حين تكون الرياح الكروية ملائمة لنا. هكذا كنا صغارا ، وهكذا امتد حبها في قلوبنا كبارا ، نلعبها الآن ،أيام الآحاد الجميلة ،على شاطئ البحر وحيدين مثل فرانز كافكا.نستمتع بها ومن خلالها بالوقت ونستعيد بها ومن خلالها بعض لياقتنا البدنية ، أو نتتبع أخبار نجومها ولعب أبطالها على شاشات التلفزيون سواء في البيت أو في المقهى. نعشق فريقا دون الفرق الأخرى ونسبح معه في ثنايا الملاعب التي يتألق فيها وكأننا جزء منه وكأنه جزء منا، لا فرق. وكل أربع سنوات نعيش أجواء هذه الكرة السحرية في مهرجان دولي هو مهرجان كأس العالم. نعيش هذه الأجواء حبا وعشقا ونتتبع الكرة وهي تتقاذف بين الأرجل. وبالطبع يختلف كل مونديال عن الآخر نكهة وتشويقا وشوقا أيضا . في هذا المونديال الحالي 2010 أعيش مع اللعب الجميل الذي يتحقق في بعض المباريات ومع هزة الكرة وهي تتراقص بين الأرجل فيها ، وأتتبع النص الكروي وهو يكتب بأقدام بعض اللاعبين المهرة بكثير من الفنية على أرضية الملعب المعشوشبة ، وأستحضر من خلال ذلك لوحات فنية أراها تنجز أمام ناظري بسرعة فائقة وكأني أعيش في حلم مسترسل مدته الزمنية 90 دقيقة . المراوغة حاضرة ببراعة في بعض المباريات طبعا وغائبة في البعض الآخر منها ، وحين تكون حاضرة ، فهذا يمنح اللعب نكهة شعرية غاية في الفنية ، كما أن التهديف الرائع موجود وقد تزايدت وتيرته في المباريات الأخيرة ، وهو يتحقق من خلال أقدام اللاعبين المهاجمين ، والكرة تعلن جموحا غير مسبوق وهي تتسرب بين أيدي حراس المرمى وتضعهم في مأزق في بعض الأحيان . كما أن ميسي لم يسجل أي هدف لحد الآن رغم أن الأرجنتين قد انتصرت في كل المباريات التي خاضتها في الدور الأول، في حين اكتفى البرتغالي رونالدو بهدف وحيد أحرزه في شباك كوريا الشمالية التي انهزمت أمام البرتغال بسبعة أهداف لصفر. ومع ذلك فما يثير في هذا المونديال هو تبعثر الأوراق الكروية فيه ،في الدور الأول منه على الأقل ، بين المنتخبات الكبيرة المعروفة بتاريخها الكروي العريق وبين الفرق الأخرى التي تتأهل للمرة الأولى اليه أو للمرة الثانية ،سواء من أوربا أو افريقيا أو آسيا أو أمريكا أو أستراليا . وهو أمر يجعل من كل الفرق المشاركة في هذا المونديال تتوفر على نفس الحظوظ إن هي لعبت بجدية ورغبت في الفوز، كما يضاعف من عملية التشويق ويجعل من كل الاحتمالات واردة ويحول مباراة في كرة القدم إلى فيلم تلفزيوني مليء بالتشويق. هكذا لاحظنا أن فرقا كبرى تغادر المونديال بينما فرقا أخرى في المقابل تستطيع أن تحرز لها مقعدا في الدور الثاني حتى وان عانت في سبيل تحقيق ذلك ،ولم يحسم لها الأمر إلا في المباراة الأخيرة . من سيفوز بالمونديال 2010 ؟ ذلك هو السؤال ! بتعبير شكسبير على لسان هاملت طبعا . « عمر العسري: ماذا بعد التصفيق والعزف؟ يبدو أن الشاعر المغربي عمر العسري ليس مسكونا بالنقد الأدبي فحسب، بل أنه متفرج ذكي على المونديال ومهووس بالنقد الرياضي كذلك. ها هي ذي قراءته لما جرى في الدور الأول من كأس العالم وتخميناته حول ما ستكشف عنه بقية المنافسة: « شخصيا أتابع منافسة كأس العالم ولكن بانتقاء شديد للمباريات، حتى أضمن لنفسي فرجة ومتعة، وقد لاحظت أن الفرق الكبرى التي لها تاريخ ومعرفة كروية عميقة هي المؤهلة للفوز بكأس العالم، مع بعض الاستثناء طبعا، أما الفرق الحديثة العهد بمنافسة كأس العالم، أعني الكرة الإفريقية، لا تزال تفتقد للثقة والتجربة الكافيتين خاصة في مثل هذه المنافسة العالمية. الحق يقال إن أغلبية الفرق كانت ضحية المدربين في الاختيارات والتبديلات، والحكام في القرارات، وفي اعتقادي هما عاملان كافيان لإضعاف الفريق. ولعل بطولة كأس العالم بجنوب إفريقا كانت بحق بطولة هستيرية غير مقنعة كرويا لأنها كانت مسبوقة بحملات جنسية وعنصرية. الغريب كون الحملات الترويجية للعبة وللبلد المنظم كانت تصب فيما هو مقرون بالرغبات فقط. وهذا غريب جدا. «البطولة ما تزال في الدور الثاني، والرغبة قوية لدى الفرق الكبرى مثل الأرجنتين والبرازيل وألمانيا وإسبانيا في حيازة كأس المنافسة، غير أن عامل المفاجأة وارد. ولكن ماذا بعد التصفيق والعزف الذي افتتحت به المنافسة وستختتم به أيضا، ما ذا ستجني جنوب إفريقا أو قارة إفريقيا من اللعبة؟».