قدم النائب محمد اشبون يوم الاربعاء الماضي، مواقف وتصورات الفريق الاشتراكي بشأن مشروع قانون إطار المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات الذي كان محل مناقشة بمجلس النواب . جاء في هذه المداخلة. «يشرفني باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب المساهمة في مناقشة هذا المشروع بمثابة قانون إطار رقم 09.34 والذي يتعلق بالمنظومة الصحية بعرض العلاجات ، واخترت مدخلا لمداخلتي هذه فقرة جاءت في مستهل عرض السيدة الوزيرة أثناء تقديمها للمشروع أمام أعضاء لجنة القطاعات الاجتماعية بتاريخ 13 دجنبر 2009، حيث قالت « تعد الصحة بهذا المفهوم حقا مصادقا ومتعارفا عليه في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، نص عليه الدستور المغربي ضمنيا في ديباجته من خلال تأكيده على تشبث بلادنا بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا «. إن الاعتراف بالحق في الصحة دفع الدول وبعد تشخيص دقيق والاستماع الى كل الأطراف المهتمة ارتأت الوزارة الوصية تعزيز ترسانتها القانونية بهذا المشروع الذي يعد قرارا سياسيا مهما وجرأة كبيرة لمعالجة أهم الإختلالات والنقائص التي تطبع منظومتنا الصحية . فرغم المجهودات التي قامت بها الدولة من خلال الحكومات المتعاقبة والتي أفضت إلى ما نعيشه اليوم من غياب رؤية واضحة وتراكم المشاكل وتركز فاضح للخدمات الصحية وخلل بين الجهات والأقاليم وتعثر جل البرامج الصحية الجريئة كنظام التغطية الصحية نظرا لغياب التنسيق بين مختلف المتدخلين والقطاعات الوزارية والتنافر الحاصل بين القطاعين العام والخاص . وعليه جاء مشروع قانون 34.09 لإعادة النظر في سياستنا الصحية والإجابة على مجموعة من الانتظارات ومطالب المهنيين والمرتبطين بالقطاع، حيث ركز في أقسامه الأربعة على مجموعة من المبادئ نعتبرها ضرورية لسن سياسة صحية متقدمة ومتفق عليها. ومن هذه المبادئ التي جاء بها المشروع . تجسيد وتقوية دور الدولة في تسير ومراقبة القطاع . دمقرطة القطاع من خلال على التوزيع العادل للبنيات التحتية والخدمات الصحية بين الجهات والأقاليم وبين الحواضر والقرى جعل القطاع مسؤولية الجميع وذلك بإفساح المجال للقطاع الخاص تحت شروط محددة وصارمة حتى يكون مكملا للقطاع العام والخدمة الصحية العمومية. وتلبية لهذه المطالب وانسجاما لما جاء في التصريح الحكومي أصبح من الضروري وضع هذا القانون المتضمن لأربع أقسام . القسم الأول المنظومة الصحية : الذي ركز على الحقوق والواجبات الأساسية للأشخاص في مجال الرعاية الصحية خاصة المواد 3 4 6 و 7 من هذا القانون. القسم الثاني عرض العلاجات: لتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص واضعا أشكالا للشراكة بينهما، مثلا كالتنفيذ المشترك لبعض البرامج والتدبير المفوض للمرافق الصحية، الرفع من جودة الخدمات الصحية مع وضع من طرف الإدارة مسطرة خاصة « الاعتماد «لتقييم مؤسسات الصحة العمومية والخاصة مرتكزة على مواصفات ومعايير ومرجعيات وطنية (المواد : 12 13 14 من القسم الثاني من هذا القانون ). القسم الثالث الخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العلاجات: جاء هذا القسم لوضع الحد مستقبلا لما يعرفه المغرب حاليا من سوء توزيع للخدمات الصحية تكريسا للمغرب النافع والمغرب غير النافع حيث تتمركز جل مكونات البنيات التحتية لقطاع الصحة بالشريط الأطلسي وتهميش فاضح للأقاليم النائية مما خلق خلال كبيرا في تقديم الخدمة العمومية ( المواد 19 21 22 23 ). وذلك بإقرار خريطة صحية ومخططات جهوية لعرض العلاجات كما هو معمول به في الدول التي سبقتنا في هذا المجال وما أكثرها . بغية الحصول على منظومة صحية فعالة ومتكاملة وعادلة بالنظر لمتطلبات المغاربة بمختلف جهات المملكة . وستكون الخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العلاجات ملزمة بالنسبة لإحداث المؤسسات الصحية العمومية . وتشجيعا للمؤسسات الصحية الخاصة التي تقبل الانخراط في المجهودات الرامية إلى التوزيع العادل والعقلاني لعرض العلاجات. جاءت مواد هذا القسم لتعطينا خارطة الطريق للتدبير المحكم للموارد البشرية والبنيات التحتية وإصلاح الاختلالات الكبيرة التي تعاني منها المنظومة الصحية المغربية. ولتحقيق الأقسام الثلاثة السابقة لابد من انخراط وإشراك كل المتدخلين والمهتمين وهو ما جاء به القسم الرابع المتعلق بهيئات التشاور في المجال الصحي ( المادة 30 ) التي ينص على إحداث مجموعة من الهيئات الاستشارية المشتركة في المجال الصحي التي تتكون من مهنيي الصحة والمجتمع المدني قصد الحصول على منظومة صحية وطنية تتميز بالحكامة الجيدة والديمقراطية الصحية . وأهم هذه الهيئات : المجلس الوطني للصحة اللجان الجهوية لعرض العلاجات لجنة وطنية للتنسيق بين القطاع العام والخاص . لكن إصدار قانون من هذا الحجم وبهذه الجرأة والعزيمة غير كاف لمعالجة منظومة صحية التي تعرف كما سبق وأن أشرت سابقا إلى اختلالات واسعة ومعرقلة ، لكن الطموح في تقديم منظومة صحية يفتخر بها مجتمعنا ويعترف بها المنتظم الدولي ، تتطلب تضافر كل الجهود وانخراط الجميع من أجل اعتماد سياسة ناجعة وذلك بتمكينه من الموارد المالية والبشرية الضرورية مع القضاء على الفوارق الاجتماعية وإعادة الاعتبار لمفهوم الصحة ، باعتبار القطاع من بين القطاعات الأولوية في السياسة الحكومية . ولا يمكن إنجاح هذه السياسة بدون تعزيز الموارد المالية مثلا من خلال فرض ضريبة خاصة على مادة التبغ ومثيلاتها باعتبارها سببا للأمراض الخطيرة التي تتطلب مصاريف باهظة للعلاج. فمردودية تنفيذ هذا القانون وغيره مرتبطة بمدى التزامنا بالفعل من أجل الجودة وأنسنة المؤسسات الاستشفائية وإعمال مفهوم التضامن ، مردودية مرتبطة أيضا بمدى إرادتنا وعزمنا على إعمال الحكامة في تدبير المرافق الصحية من خلال التدبير النزيه للمؤسسات الصحية ومحاربة الرشوة والفساد. هذه المردودية مرتبطة كذلك بمدى التزامنا باحترام مبادئ تكافؤ الفرص والكفاءة والاستحقاق في التعيين في المسؤوليات . ونظرا لأهمية هذا المشروع انخرط فريقنا بجدية في إغناء ومناقشة هذا المشروع لذا سنصوت عليه بإيجاب».