قارب ثلة من الباحثين، أول أمس السبت بمكناس، العلاقات المفترض أن تكون، أو القائمة، بين المسرح كفرجة ووسيط، وبين الإعلام ، فأكدوا أنها علاقات متشعبة ومركبة وأحيانا تصالحية. واعتبر هؤلاء الباحثون، خلال ندوة نظمت في إطار الدورة ال12 للمهرجان الوطني للمسرح تحت عنوان «المسرح والإعلام»، أن العلاقة بين المسرح والإعلام تخضع للمد والجزر، وهي مرتبطة في مجملها بما يمكن أن يقدمه كل منهما للآخر من أجل استمتاع المتلقي بالفن والفرجة. فمن وجهة نظر الأستاذ عبد الله شقرون، الذي أثار قضايا تتعلق بالعلاقة بين أبي الفنون والإعلام منها مسألة الإخراج المسرحي للتلفزيون، فإن المسرح مرتبط أساسا بالإعلام السمعي البصري، وخاصة التلفزيون ، مؤكدا أن الإذاعة الوطنية، على سبيل المثال، اعتمدت في بداياتها الأولى على المسرح. وفي هذا الإطار ، ذكر بحلول اعتمدتها بعض وسائل الإعلام العالمية لمعالجة هذه الإشكالية، مثل «الفيلم المسرحي» و «مسرح السهرة» الذي اعتمدته خاصة القنوات الفرنسية في إحدى مراحل تطورها الإعلامي. وقدم الأستاذ عبد الله شقرون، بالمناسبة، عددا من كتبه في هذا المجال مثل «تأملات حول السمعي البصري والمسرح»، و «جلسات حول الدراما التلفزيونية»، و «لثقافة المسرحية». وبالنسبة للناقد عبد النبي دشين، فالعلاقة بين المسرح والإعلام علاقة «متداخلة ملتبسة»، وتخضع في بعض الأحيان لمنطق التوجيه، ولكن في أحايين كثيرة لمنطق «التأثير والتأثر». وأشار دشين إلى أن التعامل الإعلامي مع المسرح كوسيط تواصلي، يخضع لمعايير شتى، منها المعايير النمطية، كما أن الإعلام «يكيف علاقته مع المسرح وفق وظائف معينة». وفي تحليله للعلاقة بين المسرح والإعلام الالكتروني، اعتبر الباحث عبد المجيد شكير أن المسرحلم يسلم ، كغيره من الفنون، من التأثر بالشبكة العنكبوتية. وقسم المواقع التي تتطرق للمسرح إلى تلك التي يمكن أن تسمى بالأكاديمية، والتي تترصد أخبار الفرق المسرحية عبر العالم، وأخرى متخصصة في المسارح كبنايات ومعمار، بينما هناك مواقع لا تهتم إلا بالجوانب التقنية. وأجمل تجليات هذه العلاقة في «العلاقة الإخبارية» و« المعمقة »و«الإشعاعية» بينما اعتبر الأخرى «بنكا للنصوص المسرحية». و«لا تخلو الملامسة الإعلامية الإلكترونية للمسرح من منزلقات » حسب عبد المجيد شكير، على اعتبار أن الأنترنيت « بوابة مفتوحة بدون بواب «تستدعي مزيدا من الحذر والحيطة » عكس الإعلام الورقي . وفي المغرب كانت العلاقة دوما بين المسرح والإعلام «علاقة صداقة وتصالح وانسجام»، كما يؤكد من جهته الباحث حسين الشعبي ، مضيفا أن الإعلام المغربي بكل أنواعه استوعب المادة المسرحية ولم تسجل بينه وبين أبي الفنون خصومات كما هو الشأن في علاقته بمجالات أخرى كالرياضة والسياسة. وأوضح أن جميع الأجناس الصحفية استوعبت المسرح من خلال على الخصوص البورتريه الفني والتحقيق والحوار، بل إننا «عرفنا الباحثين والمسرحيين والأساتذة الجامعيين على صفحات الجرائد وملحقاتها الثقافية»، مستشهدا في هذا الصدد ببعض الرموز المسرحية الوطنية كحسن المنيعي وعبد الرحمان بن زيدان ومحمد أديب السلاوي. وأبرز أن هذه العلاقة سجلت في الوقت الحاضر بعض التراجع وخاصة بعد «طغيان المادة الخبرية»على بعض الكتابات الصحفية وغياب صحافة ثقافية بعناوين بارزة ومجلات ثقافية متخصصة. يذكر أن الدورة ال12 للمهرجان الوطني للمسرح قد انطلقت أمس الجمعة، وتستمر إلى غايةالثامن من يوليوز الجاري. ( و.م.ع)