في حانة الحياري التي تمتص عذابات الصمت اللانهائي، ذات مساء. انزويت في الركن القصي، في صحبة مع رحيق الوجد، و السلو، بجسم يرفض حملي باستمرار، لأصيخ السمع لنبرات غانية شردت في غفلة مني ذات مساء مسهد. وأشخص ببصر أعشى في لون السنونوات المتسررة بين تشققات أطلال قبالتي. كانت توهمني بحكايات لليمامات الجذلى بمتاهات تيم متلفع بكدرة في سواد؛ مترع بلفحات سرائر غميسة، أنا مازلت أحبو، لأتهجأ ألغاز أبجدياتها المكرورة التي ما انفكت تراودني عنوة؛ بأسئلة جنائزية تؤرقني كأنها بلور من لهيب مسنن؛ أو أسجوعات صقيلة لقطا زاجل، يترنح وقت مغيب ساحر، أو لحاد ذلله النوى، ولفح الهيام، وسر كلمات تنساب مثل دموع سخية؛ مملحة، بالصبابة في الهزيع الأخير من انتظار محموم. وقبل أن يتناثر الجمع الأليف، اختلست النظر، فرمقت تشققات النيون المتألقة بتوهج داكن؛ حسبته لحنا لعجائز تناجين الردى؛ وتفتشن في فصل مذهب كالخريف، عن كتاب ضائع لموسى في التيه المعلوم؛ أو في الربع الخالي من حافظة مهترئة؛ على أهبة للانقلاب علي كيما تجعلني وثنا مصلوبا؛ مصلوبا ومصلوبا في خضم انكساراتي في ذات الركن القصي من منبسط حانة الحيارى؛ ذات مساء، بل في كل مساء.