قدر شركة العمران بالصويرة أن تخرج من « عصيدة» لتدخل أخرى، فبعد قضية « جوج في واحد» التي تم بمقتضاها تسليم أرقام نفس البقع الأرضية لعدة مستفيدين، وترتب عنها وجود عدد مستفيدين يضاعف أعداد البقع الأرضية، والتي تورط فيها موظفان سابقان بالشركة تم توقيفهما أو إحالتهما على المعاش، فيما تم التوصل إلى حلول توافقية مع ممثلي الضحايا من ضمنها تعويض الذين يرفضون التنازل عن بقعهم الأرضية بأخرى في إطار مشاريع مستقبلية كان أولها تجزئة رياض العرعار في إطار المشروع السكني أركانة الذي أثار ولا يزال الكثير من الاحتجاجات، يفتح النقاش من جديد حول ملف عقاري آخر سينتقل النقاش حوله إلى ساحة القضاء إثر توارد معطيات متطابقة تفيد بوجود إشكال قانوني يعيب العملية برمتها. الحديث عن قضية أركانة يقود رأسا إلى التحول الذي عرفه هذا المشروع السكني الذي أثار ، ولا يزال، الكثير من النقاش، هذا المشروع العمراني الذي تم الترخيص له من طرف لجنة الاستثناءات على مستوى الجهة شريطة بنائه كاملا من طرف شركة العمران، تحول جزء منه إلى تجزئة أثارت طريقة توزيع بقعها وإسنادها الكثير من مظاهر الاحتجاج والغضب. غير أن التحول الذي عرفه المشروع يحتاج إلى وقفة متأنية، لأن الخلل المرافق للظروف التي تم فيها أكثر فداحة من طريقة توزيع البقع التي استفاد منها 33 مستشارا حسب الأرقام التي يتداولها الشارع الصويري، و18 مستشارا فقط حسب الأرقام التي صرح بها مدير شركة العمران بالصويرة والذي نفى أن يكون الإسناد قد تم بطريقة غير شفافة ، غير أن الواقع لا يرتفع بأية حال، إذ يبقى رقم 18 مستشارا شبهة قائمة وعددا مرتفعا بالمقارنة مع العدد المحدود للبقع الأرضية للتجزئة والتي لا تتجاوز 240 ، لأن الصدفة قد تسمح باستفادة أربعة، أو حتى عشرة، وليس 18 من المجلس البلدي و 6 من المجلس الإقليمي ! وارتباطا بالحديث عن التحول الذي عرفه المشروع بمباركة أو بدونها من المجلس البلدي الحالي ، فإن الحديث يجرنا إلى أصل المشروع الذي رخصت له لجنة الاستثناءات الملتئمة بتاريخ 13 يوليوز 2007 بحضور والي جهة مراكش تانسيفت الحوز السابق،عامل الصويرة السابق، المدير الجهوي للإسكان،مندوب وزارة السياحة، و مدير المركز الجهوي للاستثمار، الترخيص لأركانة لفائدة شركة العمران جاء مقيدا بعدة شروط من ضمنها ضرورة البناء التام للمشروع، المساهمة في حدود خمسة ملايين درهم في تهيئة الكورنيش الجنوبي للمدينة، المساهمة في حدود 30 درهما للمتر المربع في ربط مشروع أركانة بمحطة التطهير السائل للمدينة. وبغض النظر عن مدى وفاء شركة العمران بالتزاماتها المالية الواردة في الترخيص الذي فتح الباب أمام استغلال ملك غابوي يمتد على 38 هكتارا ويختزن تنوعا إيكولوجيا ومنطقة تلال رملية حساسة، فإن شرط البناء الكامل للمشروع لم يتم احترامه من خلال تحويل جزء منه إلى تجزئة سكنية بدون أن يتم ترخيص التعديل من طرف السلطة الأصلية التي رخصت المشروع ألا وهي لجنة الاستثناءات، وبالتالي فكل وضع ترتب عن هذا التعديل سواء فيما تعلق بالترخيص للتصميم الجديد أو عملية توزيع البقع الأرضية تبقى غير قانونية. وهو ما حدا بمجموعة من المواطنين إلى التفكير في رفع دعوى قضائية للمطالبة بإلغاء جميع الإجراءات التي ترتبت عن هذا التحول غير المرخص الذي طرأ على مشروع أركانة، عملية توزيع البقع الأرضية خصوصا. إضافة إلى ذلك، تداول الرأي العام بالمدينة حسب مصادر جد مقربة من المجلس البلدي الحالي، الدور الكبير الذي لعبه أحد نواب الفراع في هذه العملية السكنية الاقتصادية مقابل دوره المحتمل في ترخيص التغيير على التصميم الأصلي للمشروع خارج لجنة الاستثناءات. وهو الأمر الذي سيؤكده المقبل من الأيام حين سيتم الاحتكام إلى القانون لتحديد سلامة عملية توزيع البقع استنادا إلى التغيير المذكور. فيما تدوول رقم 100 ألف درهم كمقابل لا قانوني تم في « النوار» لتنازل بعض أعضاء المجلس عن البقع الأرضية المسندة إليهم في ظل عملية أركانة! باختصار كان أعضاء من المجلس البلدي سباقين إلى الاستفادة من أول عملية عقارية أثارت نقاشا كبيرا حول طريقة توزيعها، وستثير في القادم من الأيام نقاشا قانونيا حول سلامة الإجراءات المتخذة من الأصل على مستوى تغيير تركيبة المشروع وما ترتب عنه من العمليات اللاحقة بغض النظر عن سلامة المسطرة المتبعة من عدمها. « لقد انصب الاحتجاج مؤخرا حول توزيع البقع الأرضية والمسطرة المتبعة واستفادة المنتخبين من العملية بشكل مريب جدا، لكن النقاش الحقيقي يجب أن ينصب الآن في اتجاه الجانب القانوني المؤطر للعملية العقارية برمتها،لأن التغيير الذي طرأ على المشروع لم يكن له أي سند قانوني في ظل غياب أي ترخيص تعديلي من طرف لجنة الاستثناءات، كما أن شركة العمران لم تتقدم بأي طلب يبرر إحداث التجزئة ويعدل بالتالي التركيبة الأصلية للمشروع،وبالتالي فسيكون من البديهي جدا أن تتقدم مجموعة من المواطنين أو جهة تنصب نفسها طرفا مدنيا في إطار القضية، بطلب إلغاء كل الآثار المترتبة عن قرار إحداث التجزئة بما فيها عملية توزيع البقع الأرضية المشبوهة» صرح لنا مواطن معلقا على الخلل القانوني المرافق لإحداث تجزئة رياض العرعار. إذا سارت الأمور في هذا الاتجاه ، فسيسقط رياض العرعار فوق رأس شركة العمران التي ستجد نفسها من حيث لم تحتسب في مواجهة المستفيدين المحظوظين وليس فقط المحرومين من الاستفادة من عمليات الإسكان ذات الطابع الاقتصادي، كما أن انتقال ملكية الأراضي من مستفيد إلى آخر بفعل انتعاش عمليات البيع في النوار مقابل 100 ألف درهم ستزيد من حدة « الخيلوطة» التي ستثير الكثير من الجدل في الأيام المقبلة. المدير الجهوي السابق الذي يوجد في قلب جميع القضايا التي «تورطت »فيها شركة العمران ، تم تنقيله إلى الإدارة المركزية، فيما يجد المدير الحالي نفسه أمام إرث حارق يقتضي تدبيره الاحتكام إلى القوانين والمساطر المعمول بها قصد وضع حد لكل الاختلالات التي رافقت العمليات السكنية ، والتي استفاد منها بالدرجة الأولى لوبي العقار بالصويرة الذي يضم موظفين ومنتخبين ومسؤولين ورجال أعمال ومضاربين عقاريين و« شناقة» تكالبوا منذ سنوات على المجال العقاري بالصويرة وأشعلوا أثمان العقار في مدينة باتت تفتقد إلى كل شيء.