بمبادرة من المجلس الوطني للمغاربة في السينغال وبشراكة مع الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة التشغيل والتكوين المهني ومجلس الجالية المغربية بالخارج وفعاليات نقابية ونيابة مغربية وخبراء دوليين وأفارقة... تم في دكار نهاية الأسبوع الماضي، تنظيم يوم دراسي حول إشكالية التغطية الاجتماعية والقانونية لمغاربة افريقيا جنوب الصحراء والعالم العربي. أشغال هذه الندوة توزعت على عدة محاور، هدفها الأساسي تحديد نظرة شاملة ، تشاورية ومندمجة لإشكالية الحماية الاجتماعية للمهاجرين المغاربة بشكل عام والمغاربة المقيمين بالدول الافريقية جنوب الصحراء بشكل خاص. المشاركون في هذه الندوة (حوالي 60 مشاركا)، حاولوا مقاربة الصعوبات التي يعانيها المهاجرون المغاربة في مجال الحماية الاجتماعية والقانونية، وتحديد سبل ووسائل المساعدة القانونية للمهاجرين في بلدان الاستقبال، وتحديد إطار للتشاور بين السلطات العمومية والشركاء المعنيين من أجل حل مشاكل الحماية الاجتماعية والقانونية للمهاجرين وتحديد المحاور الاستراتيجة لأي إطار للحماية الاجتماعية لمغاربة الخارج. ومن خلال العروض والتحاليل المقدمة على ضوء عدة تجارب من بلدان مختلفة (تونس، الغابون، السينغال...) وبعد الوقوف على واقع ضعف الحماية الاجتماعية والقانونية للمغاربة المهاجرين وتسليط الضوء على بعض العناصر التفسيرية لهذا الواقع، انكب المشاركون في هذه الندوة على دراسة الإجراءات العملية ، الواقعية والممكنة الكفيلة بسد هذا الفراغ الذي يضر بمصالح المهاجرين وعائلاتهم وكذلك بتطور وتنمية بلدهم الأصلي. وخلص المشاركون في هذه الندوة إلى عدة توصيات وخلاصات، أبرزها ضرورة إنشاء صندوق للحماية الاجتماعية لمغاربة المهجر عبر العالم، وخاصة المهاجرين المغاربة بافريقيا والبلدان العربية، حيث التغطية الاجتماعية والقانونية ضعيفة إن لم تكن مفتقدة كليا. وتنبع فكرة هذا المشروع من خصوصية وضعية المغاربة المقيمين بالخارج في افريقيا والبلدان العربية، والذين ينشط معظمهم في مهن وأنشطة تابعة للقطاع غير المهيكل أو كعمال ومستخدمين لا يستفيدون من أية تغطية أو خدمات اجتماعية أساسية مثل التقاعد والتغطية الصحية ... وخلص المشاركون ومن خلال العروض التقنية والتجارب القائمة التي قدمها خبراء من المكتب الدولي للعمل ولجنة الاممالمتحدة المعنية بحماية العمال المهاجرين وعائلاتهم، الى أن مقاربة هذا الورش الحيوي يجب ان تأخذ في الاعتبار خصوصيات الجاليات المستهدفة وتطلعاتها، من خلال مقاربة تشاركية بين مختلف الفاعلين المعنيين، دولة ومجتمعا مدنيا وجمعيات، وذلك بمساعدة خبراء دوليين واستكشاف والمزج بين أشكال مختلفة للحماية الاجتماعية، وأن ينصب التفكير بشكل أساسي على قضايا التقاعد والتغطية الصحية للمغاربة المقيمين بالخارج وعائلاتهم وقضايا نقل وتحويل الحقوق الاجتماعية، ومشاكل الازدواج الضريبي على الخدمات والحقوق. المشاركون في هذه الندوة أوضحوا أن إطلاق هذا الورش يطمح الى تعميم التغطية الاجتماعية والقانونية على مجموع مغاربة الخارج، ولاسيما في البلدان الافريقية جنوب الصحراء والبلدان العربية، مؤكدين أن هذا الموضوع ليس ترفا بل يندرج في إطار روح النقاش الدولي الذي يتوخى الرقي بقضايا الهجرة والمهاجرين من بعدها الاقتصادي الى أبعاد أوسع تشمل ماهو حقوقي واجتماعي. وأكد المشاركون في هذا السياق انه يتعين على السلطات المعنية، وبشراكة وتشاور مع الاطراف المستهدفة، وضع سياسة وطنية حقيقية للهجرة والتصديق على المعاهدات الدولية ذات الصلة، وتعزيز التنسيق بين مختلف الهيئات والبنيات الحكومية المتدخلة في تدبير هذا الملف وتعزيز التشريعات الوطنية للشغل والتغطية الاجتماعية، وتوقيع اتفاقيات للحماية الاجتماعية مع مختلف بلدان الاستقبال، وإعادة التفاوض حول الاتفاقيات الموقعة على مختلف البلدان، وتنظيم مجالات الهجرة وسن سياسة واضحة تتوخى تنوير وإخبار العمال المهاجرين حول حقوقهم وواجباتهم طيلة مدة الهجرة... وأشارت الخلاصات الى أن المغرب يتوفر على الهياكل والمؤسسات الضرورية القادرة على ضمان وجود سياسة فاعلة للهجرة وتنفيذ مثل هذه المبادرات لتحسين التنسيق بين هذه الهياكل ونهج مقاربة تشاركية مع المعنيين. وخلال هذا الندوة، ركز المتدخلون على ضرورة تنظيم مؤتمر بالمغرب لدراسة هذا الموضوع من مختلف الجوانب بمشاركة الاطراف المؤسساتية المعنية والهيئات الدولية التي عبرت عن استعدادها الكامل لتقديم المساعدة التقنية والقانونية اللازمة لإخراج هذا المشروع الى حيز الوجود. مشروع احداث صندوق للتغطية الاجتماعية للمهاجرين المغاربة عبر مختلف أرجاء العالم، يتطلب عملية تحسيسية واسعة لدى المعنيين الذين يواجهون مخاطر عدم الاستقرار في نهاية مشوارهم المهني، وبالتالي فإن عملية احصاء شامل ودقيق للجالية المغربية بالخارج يفرض نفسه بإلحاح بهدف وضع قاعدة بيانات تكون ركيزة يعتمد عليها في وضع الخدمات التي تلائم الاحتياجات الخاصة للمستفيدين.