طالبت جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج، خلال لقاء بدكار، بإنشاء صندوق للضمان الاجتماعي لفائدة مغاربة المهجر عبر العالم، وخاصة المهاجرين المغاربة بإفريقيا والبلدان العربية، حيث التغطية الاجتماعية والقانونية مفتقدة. وتم تقديم هذا الاقتراح خلال ندوة حول "الضمان الاجتماعي والقانوني لمغاربة افريقيا والعالم العربي"، نظمها في نهاية الأسبوع الماضي بدكار، المجلس الوطني للمغاربة المقيمين بالسنغال بتعاون مع مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج والوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وتنبع فكرة هذا المشروع من خصوصية وضعية المغاربة المقيمين بالخارج في افريقيا والبلدان العربية، والذين ينشط معظمهم في مهن تابعة للقطاع غير المهيكل أو كمستخدمين لايستفيدون من أية تغطية في ما يخص الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل التقاعد والتغطية الصحية. وحسب المشاركين في هذه الندوة، ومن بينهم خبراء من مكتب العمل الدولي ولجنة الأممالمتحدة لحماية العمال المهاجرين، فإن أشكال الضمان الاجتماعي التي يجب وضعها لفائدة المهاجرين المغاربة في إفريقيا جنوب الصحراء وبالبلدان العربية، ليست حصرية وموحدة، وذلك أخذا بعين الاعتبار خصوصيات الجاليات المستهدفة وتطلعاتها. وأكد المشاركون في هذا اللقاء أنه يتعين إطلاق مشروع هذا الصندوق بالنسبة لمغاربة العالم في إطار مقاربة تشاركية من طرف جميع الفاعلين المغاربة المعنيين، دولة ومجتمعا مدنيا، وذلك بمساعدة خبراء دوليين. وأوضحوا، في هذا الاطار، أن التفكير المشترك يتعين أن ينصب على قضايا التقاعد والتغطية الصحية للمغاربة المقيمين بالخارج وعائلاتهم، ونقل وتحويل الحقوق الاجتماعية، والازداوج الضريبي على الخدمات. وهكذا، وحسب توصيات هذه الندوة، فإن تمويل هذا الصندوق يمكن أن يكون عن طريق مساهمة المستفيدين، وكذا بواسطة دعم التضامن الوطني من خلال المساهمات او الضرائب الخاصة. وأكد عبد الحميد الجمري، رئيس لجنة الاممالمتحدة لحماية العمال المهاجرين، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المبادرة تندرج في إطار روح النقاش الدولي، الذي يروم الرقي بقضية الهجرة من البعد الاقتصادي إلى البعد الحقوقي. وأوضح أن هذا اللقاء يهدف إلى اطلاق ورش يطمح إلى تعميم التغطية الاجتماعية والقانونية على مجموع المهاجرين المغاربة بالخارج، ولاسيما بافريقيا والبلدان العربية. ولتحقيق هذه الغاية، قال الجمري إن توصيات هذه الندوة دعت الى مقاربة تشاركية تشمل مجموع المتدخلين المعنيين، وخاصة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المكلف بتدبير اتفاقيات الضمان الاجتماعي المبرمة مع مختلف بلدان الاستقبال، موضحا أن المتدخلين، خلال هذه الندوة، يعتزمون تنظيم مؤتمر بالمغرب حول هذا الموضوع مع الأطراف المؤسساتية المعنية وبمشاركة الهيئات الدولية التي عبرت عن استعدادها لتقديم المساعدة من أجل إقامة هذا المشروع. وأكد أن المغرب يتوفر على الهياكل والمؤسسات الضرورية القادرة على ضمان وجود سياسة فاعلة للهجرة وتنفيذ مثل هذه المبادرات من أجل تحسين التنسيق بين هذه الهياكل ونهج مقاربة تشاركية مع المعنيين. وأشار إلى أن مشكلة التقاعد والتغطية الاجتماعية تهم أيضا المغاربة المقيمين بالبلدان الصناعية، حيث أن جزء فقط من التعويضات في العديد من البلدان الأوروبية قابل للتحويل (مساهمات المستفيدين)، وذلك عكس تمويل نظام التقاعد عن طريق الضرائب، الذي يواجه صعوبة في حال العودة النهائية للمتقاعد إلى بلده الأصلي. وقال إن هذا مثل هذا التقييد، الذي يفرض على العديد من المهاجرين المتقاعدين العيش في ظل وضع صعب بين بلد الاستقبال والبلد الاصلي، يستدعي مراجعة الاتفاقيات الاجتماعية المبرمة مع العديد من البلدان الأوروبية، والتي يرجع تاريخ بعضها إلى فترة الستينات. من جهته، سجل محمد فارسي، رئيس المجلس الوطني للمغاربة المقيمين بالسينغال وعضو مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أن نحو 95 في المائة من العمال المغاربة في افريقيا والبلدان العربية لا يستفيدون من خدمات الضمان الاجتماعي. وقال إنه علاوة على مشروع إنشاء الصندوق فإن عملية تحسيسية تفرض نفسها لدى المهاجرين المغاربة الذين يواجهون مخاطر عدم الاستقرار في نهاية مشوارهم المهني. وأوضح ، في هذا الصدد، أن المشروع المقترح، خلال هذا اللقاء، يتطلب اجراء إحصاء للجالية المغربية المقيمية بالخارج بغرض إنشاء قاعدة بيانات يمكن الاعتماد عليها لاستخدامها في وضع الخدمات التي تلائم الاحتياجات الخاصة للمستفيدين. من جهة أخرى، أكد أن هذه المبادرة يمكن أن تستفيد من بعض البرامج والمشاريع التي أطلقتها المنظمات الدولية، مشيرا، في هذا السياق، إلى مشروع وضعه مكتب العمل الدولي بمساعدة من البلدان الأوروبية، بهدف توسيع نطاق الاستفادة من خدمات التغطية الاجتماعية لفائدة المهاجرين الأفارقة. وتلا المشاركون، في ختام أشغال هذه الندوة، التي عرفت مشاركة عدد من البرلمانيين وممثلي النقابات المغربية، برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى الملك محمد السادس، يشيدون فيها بالعناية الفائقة التي يوليهاالملك للجالية المغربية المقيمة بالخارج.