لم تعرف المناطق الحدودية بين المغرب والجزائر «هدنة» منذ استقلال البلدين ، لقد كان الشريط الترابي الممتد من السعيدية الى عمق الصحراء قاعدة انطلاق لجيش التحرير الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي. في مواقع عديدة احتضن المغاربة قواعد الثورة الجزائرية وآمدوها بالسلاح والمؤن والعناصر البشرية واللوجيستكية . وعند رحيل فرنسا عن المنطقة اتضح أن الاستعمار صاغ خرائطه تبعا لمصالحه ولضروراته الامنية والاقتصادية . ألحق أراضي شاسعة بالجزائر كانت تاريخيا أراضي مغربية وفرض على تجمعاتها السكنية أوضاعا ادارية جديدة . وضعت الرباط ملف الحدود فوق طاولة الحوار سنة 1961 ، ووقع الحسن الثاني وعباس فرحات رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة بروتوكول اتفاق أعادت فيه النظر المؤسسة العسكرية التي حكمت الجزائر بعد الاستقلال . وكان من نتائج ذلك مايعرف ب«حرب الرمال» . في يناير 1969 وقع البلدان اتفاقية صداقة وحسن جوار وفي 1970 ابرم الرئيس هواري بومدين والملك الحسن الثاني اتفاقا للحدود فتح شهية الجزائر لتحقيق مكتسبات جديدة خاصة وأن الرباط قدمت هذه الهدية مجانا الى جارتنا الشرقية دون ان تربطها بملفات أخرى تعد من الحقوق التاريخية لبلادنا . وساهمت خطوة الرباط في تنشيط اطماع الجزائر التوسعية التي كان من بين اهدافها اضعاف المغرب على جميع الاصعدة. واذا كانت الحدود أحد قنوات وجسور التواصل بين الشعوب، فان الجزائر اختارتها مجالا لمحاصرة المغرب ولعبت ورقة اغلاقها خلال الاربعة عقود الماضية . في منتصف السبعينات تم اغلاق النقط الحدودية ولم تفتح الا في عهد الرئيس الشادلي بن جديد سنة 1988 . وفي غشت 1994 عادت المؤسسة العسكرية الجزائرية برئاسة الجنرال لامين زروال لاغلاقها الى اليوم . ولم تجد نداءات الرباط او عواصم العالم آذانا صاغية بالجزائر للتراجع عن هذا القرار الذي يضر بالعلاقات بين الشعبين ويحرم المناطق الحدودية من انشطة ومبادلات تجارية في اطار اتفاقيات قانونية. في سنة 1963 استغلت الجزائر اجراءات مغربية لتصدر مشاكل داخلية بين اجنحتها المتصارعة وملف القبايل الذي كان يتجه الى الانفجار . كانت حرب الرمال التي تم تطويقها دبلوماسيا. ومن الحدود طردت الجزائرسنة 1975 اكثر من 250 الف مغربي بعد ان جردتهم من ممتلكاتهم . ومن حدود المغرب الجنوبية ادخلت الجزائر قواتها المسلحة الى منطقة امغالا . ومن الشريط الحدودي تصدر الجزائر الى اليوم الحبوب المهلوسة وتغرق بها السوق المغربي إلى جانب سلع اخرى يتم تهريبها ليل نهار. من هذه الحدود تشجع الجزائر المهاجرين الافارقة ليتسللوا الى المغرب .