انضاف كتاب جديد إلى قائمة إصدارات منبر الحرية، بعد أن أصدر المشروع كتابا جديدا بعنوان «الإسلام والحداثة: الانسحاب الثاني من مواجهة العصر». ويشكل الكتاب الصادر عن دار الأهلية للنشر بالأردن، الإصدار الثامن في سلسلة الإصدارات التي أشرف عليها فريق منبر الحرية، فيما توجد خمسة كتب أخرى قيد الطبع، ومن المنتظر أن تصدر تباعا على امتداد السنة الجارية. تتوزع مقالات الكتاب الجديد على محورين «جدل العلمنة والرسملة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة» و»الإسلام والديمقراطية: أين يكمن الخلل؟!، حيث يحاول كل محور عبر مجموعة من المقالات المتفاوتة التخصصات تفكيك العلاقة بين ثنائية الإسلام والحداثة. وإذا كانت إشكالية العلاقة بين الإسلام ومنظومة الحداثة قد حظيت بكم هائل من الدراسات الغربية والشرقية، فإن أهمية الإصدار الجديد لمشروع منبر الحرية نابع من طبيعة كتاب المقالات التي تضمنها الكتاب، حيث تتوزع جنسياتهم بين بلدان إسلامية بدءا من أندونيسيا وماليزيا مرورا بسوريا ومصر وغيرها من البلدان الإسلامية. ويشكل هذ التنوع في جنسيات كتاب المقالات وتخصصاتهم المختلفة، رافدا أساسيا لقوة الكتاب الذي قدم مقاربات علمية بمناهج مختلفة، وبتجارب إسلامية تتراوح بين النجاح النسبي لكل من ماليزيا وأندونيسيا في استدماج الحداثة والحرية والديمقراطية، وفشل حيز هام من العالم العربي الإسلامي في التوافق مع منظومة الحداثة بمختلف مستوياتها. وبهذا المعنى يمثل الكتاب بحثا أصليا ومحاولة لتفكيك علاقة الإسلام بالحداثة وأسباب تخلف المسلمين. ففي محوره الأول المعنون ب»جدل العلمنة والرسملة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة» يقارب مأمون كيوان: «دور العلمانية في المجتمعات العربية المعاصرة، جدل التعاطي والممانعة». ويتوقف مصطفى أكيول عند: «الرأسمالية الإسلامية، الإسلام والسوق الحرة». كما يتضمّن مقالا للباحث منعم أ. سري بعنوان: «صراع الحضارات، سوء تفاهم بين الإسلام والغرب». أما المحور الثاني والذي جاء بعنوان : «الإسلام والديمقراطية: أين يكمن الخلل؟!» فقد تضمن ثلاث مقالات، الأولى للأستاذ سوكيدي موليادي بعنوان: «حول العجز الديمقراطي في العالم الإسلامي». أما الثانية فللأستاذ لطفي الشوكاني وهي بعنوان: «هل الفقه السياسي ما زال مناسبا؟ وجهة نظر جديدة للفكر السياسي الإسلامي». وأخيرا تضمن المحور ورقة للأستاذ مارسودي و. كيسوورو تحت عنوان: «دور الاتصالات ونظم المعلومات في دمقرطة العالم الإسلامي». وإذا كانت الإشكالية الرئيسية لكل المقالات تتمثل في محاولة إماطة اللثام عن أسباب العلاقة المتوترة بين الإسلام والحداثة، فإن مقدم الكتاب الدكتور محمد حلمي عبد الوهاب توقف عند مفهوم الحداثة وتاريخها ونشأتها في العالم الغربي، مشيرا إلى أن عصر التنوير شكل قاعدة تأسست عليها الحداثة اتسمت بالعقلانية، والحرية الفردية، والتاريخانية، والوضعية كأساس للبحث العلمي، والعلمانية. ولم يفت التقديم الوقوف على خلفيات العلاقة المتمترة بين الإسلام بالحداثة. وهكذا صنف حلمي في تقديمه للكتاب مسنويات التعامل مع العولمة إلى ثلاثة اتجاهات: «يدعو أولها لعصرنة الإسلام بما يتوافق مع معطيات الحداثة، فيما ينادي ثانيها بأسلمة العصر أو الحداثة، وأخيرا يتوقف الاتجاه الثالث ما بين هذين الاتجاهين ليأخذ من التراث والحداثة معا ما هو إيجابيّ ونافع وينحي جانبا ما هو سلبيّ وغير نافع» (ص 11). كما أن الجدل المحتدم حول الحداثة موقف الإسلام منها قد احتدم نتيجة لعوامل وأحداث تاريخية عديدة، خص الكاتب ثلاث منها بالذكر، وهي: هزيمة عام 1967 في الصراع العربي ? الإسرائيلي، والحرب الأهلية اللبنانية 1975، والثورة الإسلامية في إيران عام 1979 . وفي سياق آخر،سلط الكاتب السوري مأمون كيوان الضوء على الالتباس وسوء الفهم الذي لحق بمفهوم العلمانية في العالم العربي ? الإسلامي، وبعد تقديمه للمراحل التي مرّت بها العلمانية الشاملة، خلص كيوان إلى القول بضرورة تبني ما يُسمى ب «العلمانية المنفتحة»، التي لا تتعامل مع الإنسان من خلال لغة الإقصاء والتهميش المادي والمعنوي. أما مصطفى أكيول، فقد أكد على أهمية الليبرالية الاقتصادية بوصفها ركنا أساسيا من أركان الليبرالية السياسية، كما أكد على أن الإسلام ليس مناهضا للثروات، ولم يحرّمها، وتساءل عن إمكانية توافق الإسلام مع هذه الأبعاد الاقتصادية الجسيمة، وقدّم في آخر مقالته إلى التجربة الاقتصادية التركية، ومدى ملائمتها لمعطيات العصر. من جهة أخرى رفض منعم أ. سري تسمية صراع الحضارات مفضلا تعويض الصراع بما اطلق عليه سوء الفهم بين الإسلام والغرب وليس بصراع للحضارتين. وبعد عرضه لطروحات القائلين بهذا الصراع، والمعارضين لها، خلص إلى ضرورة العمل الجاد، من الطرفين، لأجل ردم الفجوة بين الحضارتين والوصول إلى فهم واضح للإسلام، والسعي لتغيير الصورة النمطية السلبية المأخوذة عن الإسلام في الغرب. وفي الفصل الثاني من الكتاب الثاني اعتمد الباحث الأندونيسي سوكيدي موليادي على منهج غحصائي لتوصيف ما يسميه حالة حالة العجز الديمقراطي في العالم العربي. وقد أفاد موليادي من تقرير منظمة فريدم هاوس حول واقع الديمقراطية في العالم الإسلامي، فمن بين 47 دولة ذات أغلبية مسلمة، استوفت 11 دولة فقط لمعيار الحد الأدنى للديمقراطية. وكذلك الحال بالنسبة إلى الدول التي تعتمد النظم الانتخابية في أنظمتها السياسية، أما ما يتعلق بمستوى الحريّات، فإن واقعها في العالم الإسلامي متراجع جدا عنه في العالم الغربي. كما أورد الأسباب والتفسيرات التي يمكن تقديمها لحالة التراجع هذه: يرتبط أولها بمفهوم المواطنة والطاعة، وخشية الزعماء والحكام من الديمقراطية التي تهدد عروشهم، وغياب النموذج الديمقراطي الإسلامي، وغيرها من الأسباب. وفي بعد آخر من أبعاد الثقافة العربية الإسلامية ، تناول لطفي الشوكاني مدى ملاءمة الفقه الإسلامي للتطورات المصاحبة للعولمة والحداثة، وهل يقدم الإسلام إجابات شافية حول العلمانية والديمقراطية وغيرها من المعطيات الحديثة. أما في المقالة الأخيرة، فتناول الأستاذ مارسودي و. كيسوورو دور الاتصالات والمعلوميات في دمقرطة العالم الإسلامي. وجاء في مقالته تأكيدٌ الدور الكبير الذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نشر الديمقراطية، والعلاقة بين ضعف انتشار هذه التكنولوجيا في العالم الإسلامي وبين غياب الديمقراطية، مرجحا أن الأخيرة هي السبب وراء الأولى، والعكس صحيح أيضا. باحث من المغرب