إنهم منهشون عقاريون من طينة أخرى، منهشون يعيشون من مآسي الآخرين، يتحينون الفرص للاغتناء ولو على حساب قوت الآخرين. أطلقوا برامج السكن الاجتماعي، فتسلل القناصون خلسة، تمكنوا من الحصول على أراضي الدولة بأسعار بخسة، شيدوا مساكن أقرب إلى علب السردين منها الى شقق و جنووا الملايير من وراءها من دون حسيب ولا رقيب. أسعار السكن الاقتصادي عرفت موجة ارتفاعات فاقت المائة في المائة ، و قيل لنا وقتها بأن الاقتصاد الوطني ينضبط لنظام حرية الأسعار، وأن الدولة لا يمكن لها أن تتدخل، لأن هذا هو نظام اقتصاد السوق، فأسعار الحديد والإسمنت والخشب قفزت إلى مستويات عالية، والزيادات قانونية لا غبار عليها، لكن انهيار أسعار المواد الأولية للبناء عالميا، والتراجع الصاروخي لأسعار المحروقات أسقط ورقة التوت عن المسؤولين ببلادنا، ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تطبق حقيقة الأسعار، وتتراجع بالتالي أسعار المواد الأساسية والمحروقات إلى مستويات معقولة، وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن تنخفض أسعار الشقق الاقتصادية والمتوسطة على الأقل، لتعود إلى مستوياتها السابقة، التزم الجميع الصمت، وسلكت الحكومة سياسة غض الطرف! واختفى الحديث عن حقيقة الأسعار! وتحرير السوق والزيادات القانونية المرتبطة بالأسواق العالمية!. في تونس، مصر، الأردن، وفي مجموعة من الدول العربية تراجعت أسعار العقار إلى مستويات معقولة، وباتت الأسعار في متناول الطبقات الوسطى والمتوسطة أما في بلادنا فان الأمر يختلف، لربما لأن هناك أسرار عقارية لايعلمها الا الراسخون في العلم من كبار المسؤولين فعندما غامر هؤلاء بالاستثمار في صيغ سكنية غير الاقتصادية، وعندما أحسوا بالخطر و اقترب كبار المنعشين العقاريين من الخضوع للأمر الواقع واعتماد حقيقة أسعار المباني، تدخلت الدولة لانقاد مقاولاتهم و إقرار أسعار مرجعية تحدد سعر المتر الواحد المرجعي في 5000 آلاف درهم بعد أن كان لا يتجاوز عتبة ال 2500 درهم مع تسهيلات كبيرة لن تخدم الطبقة الصغرى والمتوسطة بقدر ما ستضخم الحسابات البنكية لأباطرة العقار فقط. لقد تحولت طائفة من ملاكي الأراضي، والذين حصلوا على آلاف الهكتارات عن طريق السطو واستغلال النفوذ بلا حسيب او رقيب مما يقتضي الأمر طرح شعار من أين لك هذا؟ فلماذا لم تتمكن الدولة المغربية من حماية الوعاء العقاري بالقانون، لمادا تركت المنهشين العقاريين يتطاولون على الدولة وعلى القانون وهو مادفع بالهيئة الوطنية لحماية المال العام من دعوة الدولة الى اجراء مسح جميع الأراضي والعقارات والبحث في اساليب الاستيلاء والغصب والتزوير والاغتناء الفاحش عبر تسريب المعلومات ببيعها بمقابل مالي وعيني. إنه اقتصاد «مول الشكارة» وسياسة الكيل بمكيالين! والذي يؤدي ثمنه المواطن العادي البسيط، إنها زمن المنهشون العقاريون ببلادنا.