لم يكن الهاجس، في البداية، حصر مجال التدخل في محو الأمية الأبجدية، بل امتد التفكير إلى ما بعد هذه المرحلة، أي تأهيل النساء لتدبير مشاريع مدرة للدخل تحفظ كرامتهن وتساعدهن على الاندماج في المجتمع بشكل إيجابي... كانت هذه هي القناعة التي حركت الجمعية المغربية للتربية والتنمية بآسفي، فكانت أولى الخطوات هي البحث عن شبكة الجمعيات التي تتقاسم معها نفس القناعة مستحضرة الحاجة الملحة إلى استهداف نساء من الوسط القروي ومن هوامش الحواضر اللواتي يعانين من الفقر والإقصاء والتهميش... فكانت الاستجابة لأزيد من 40 جمعية بإقليم آسفي موزعة مجاليا على مناطق احمر وعبدة وجزولة وحرارة واليوسفية وآسفي ... تقاسم القناعات وتوحيد الرؤية لطبيعة المهمة، انطلقت حملة تحسيسية في صفوف النساء بالإقليم، كان لابد من جهد بيداغوجي لإقناعهن بجدوى ما يخطط له والذي سيكون له الأثر المباشر على حياتهن وظروف عيشهن... وبفضل تظافر الإرادات الجمعوية والرفع من مستوى التعبئة لإنجاح المشروع، كانت الاستجابة أكثر من التوقعات... حيث قارب العدد 1586 امرأة .. وكان لابد لتدبير هذا المشروع الطموح من البحث عن شركاء، فكانت الاستجابة من نيابة التعليم بآسفي التي وفرت الحجرات الدراسية إلى جانب استثمار فضاءات أخرى كالمساجد ودور الشباب والأندية النسوية، كما رحب القسم الاجتماعي المكلف بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة آسفي بطبيعة المشروع. وبالفعل، تم تنفيذ المشروع بعدد الجماعات القروية والمراكز الحضرية، كما عبأت الجمعيات الشريكة العديد من المنشطين والمنشطات بعد الخضوع لسلسلة من التكوينات لممارسة مهام التدريس عبر برنامج دراسي تمت صياغته لهذه الغاية، كما أشرف فريق على تتبع وتنفيذ هذا المشروع في جميع مراحله... إحدى المستفيدات من محو الأمية، وهي «حادة»، التي تحولت إلى منشطة بمسجد دوار الروامشة، تساعد بدورها نساء المنطقة على محو الأمية، كانت شهادتها في الحفل الختامي الذي نظم بقاعة المجلس الإقليمى بعمالة آسفي جد مؤثرة، فقد تكلمت بصدق كبير وحكت عن تجربتها بعد أن خرجت -بفضل هذا البرنامج- من ظلمة الأمية، تكلمت بتلقائية عن علاقتها بأبنائها الصغار وبمحيطها العائلي والاجتماعي، وتحدث عن نساء الدوار اللواتي أقنعتهن بالانخراط في برنامج محو الأمية للاستفادة من المشاريع المدرة للدخ. الحفل الختامي حضره العديد من النساء المستفيدات وممثلو الجمعيات ونيابة التعليم بآسفي والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة دكالة عبدة ورئيس القسم الاجتماعي بالعمالة الذي التزم أمام الحضور بدعم كل المشاريع المدرة للدخل لمساعدة النساء على الاندماج في محيطهم السوسيو اقتصادي.