مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    عبد اللطيف لوديي: المغرب ملتزم بتعزيز التعاون الإفريقي لمواجهة التحديات السيبرانية    أولاد تايمة.. توقيف 3 جانحين في قضية سرقة باستعمال السلاح الأبيض    الجزائر ترفض استقبال المرحلين    "المستشارين" يقر مشروع قانون الإضراب    أمطار الخير تنعش آمال الفلاحين بإقليم الحسيمة بعد سنوات الجفاف    جلالة الملك يبعث برقية تعزية إلى الرئيس الألماني على إثر وفاة السيد هورست كوهلر    اعتداء على لاعبي المغرب الحسيمي داخل القاعة المغطاة بتطوان يثير الاستياء    ورشة عمل بمقر الجامعة العربية حول مكافحة تجنيد الأطفال من قبل الجماعات الإرهابية بمشاركة المغرب    الذهب يسجل مستوى قياسيا مرتفعا مع زيادة الطلب بعد رسوم ترامب الجمركية    وزير النقل: 32 مليون مسافر استقبلتهم مطارات المغرب خلال 2024    "نقابة UMT" توضح قرار الانسحاب    رئيس سوريا يؤدي مناسك العمرة    بنسبة تزيد عن 20%.. الجهة الشرقية تسجل أعلى معدلات البطالة    الشرطة الهولندية تلقي القبض على البطل العالمي بدر هاري في أمستردام لهذا السبب    لجنة الأخلاقيات تعاقب دومو والشرع    "لاتسيو" الإيطالي يعلن ضم بلحيان    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأحمر    أكثر من مليوني مغربي يرتادون السينما في 2024 وعائدات تصوير الأفلام الأجنبية ترتفع إلى 1.5 مليار درهم    "بوحمرون" يستنفر المدارس بعد العطلة .. والوزارة تتمسك بتدابير صارمة    الوزارة تكشف عائدات السياحة بالعملة الصعبة في سنة 2024    شركة 'اوبن ايه آي' تكشف النقاب عن أداة جديدة في 'شات جي بي تي'    إسبانيا.. بدء محاكمة روبياليس في قضية "القبلة" المثيرة للجدل    المهاجم المغربي الشاب إلياس داو ينضم إلى نادي أندرلخت البلجيكي    الرباط: انطلاق أشغال المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني    ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية    انتشار داء "بوحمرون" على طاولة المجلس الحكومي    ثورة علمية : رقاقات قابلة للزرع لعلاج قصور القلب    "أمر دولي" يوقف فرنسيا بمراكش    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    مبادرة توزيع أغطية في باب برد تروم لتخفيف معاناة مشردين مع موجة برد قارس    "وول ستريت جورنال": رسوم ترامب الجمركية أغبى حرب تجارية في التاريخ    "دوغ مان" في طليعة شباك تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    تاونات أكثر المدن إستقبالا للأمطار في 24 ساعة    سناء عكرود تعرض فيلم "الوصايا" عن معاناة الأم المطلقة    خيرات تدخل السايح إلى المستشفى    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المندوبية السامية للتخطيط: إحداث 82 ألف منصب شغل في المغرب سنة 2024    سكتة قلبية مفاجئة تنهي حياة سفيان البحري    مستحضرات البلسم الصلبة قد تتسبب في أضرار للصحة    أطباء مختصون يعددون أسباب نزيف الأنف عند المسنين    استئناف محاكمة أفراد شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات التي يقودها رئيس جماعة سابق    وفاة سفيان البحري صاحب صفحة تحمل اسم الملك محمد السادس    تفشي بوحمرون : خبراء يحذرون من زيادة الحالات ويدعون إلى تعزيز حملات التلقيح    "لحاق الصحراوية 2025".. مغربيتان تتصدران منافسات اليوم الأول    بعد "بيغاسوس".. إسرائيل استعملت برنامج "باراغون" للتجسس على صحفيين وناشطين على "واتساب"    جولة في عقل ترامب... وهل له عقل لنتجول فيه؟    الصين: عدد الرحلات اليومية بلغ أكثر من 300 مليون خلال اليوم الرابع من عطلة عيد الربيع    كأس العالم لكرة اليد: المنتخب الدنماركي يحرز اللقب للمرة الرابعة على التوالي    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    ارتفاع تحويلات مغاربة العالم    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمهورية تلعب والجمهور يتفرج ... ولا ينسى!
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 16 - 04 - 2010

ابتسامات عريضة جداً. مئات التصريحات التي تشدد على الوحدة الوطنية. ضوضاء عشرات الإعلاميين المغتبطين بالحدث الكبير الذي لم يسبق له مثيل. سياسيون تخففوا من ربطات العنق ومن البزات ومن جدية القضايا الكبرى، واستبدلوها بقمصان رياضية حمراء وبيضاء، تكشف سمنة شبه عامة. مبالغات في تبادل العناق. مزاح حول »الاستراتيجيات الدفاعية«. والهدف: رسالة إلى اللبنانيين، في ذكرى الحرب الأهلية، مفادها أنه يمكن للسياسيين خوض معاركهم بروح رياضية، وهذا كلام ليس دقيقاً بالطبع.
وإذا كان هذا هو الهدف، فالنتيجة جاءت عكسية: حمّل السياسيون الحدث أكثر مما يحتمل بأشواط وخاضوا مباراة مملة جداً، طرفاها لاعبون بمهارات رياضية متواضعة ولياقة بدنية شبه معدومة، إلا اللياقة في التحدث إلى وسائل الاعلام. فبدت نصف الساعة دهراً عليهم وعلى اللبنانيين المشاهدين من بيوتهم. وفي هذا، لم تكن مباراة الامس مختلفة عن المباريات السياسية الدائمة بينهم.
السطور أعلاه ستنغص على الفرحة بالعرس الوطني الذي شهده أمس ملعب المدينة الرياضية، حيث لعب فريقان مختلطان من القوى السياسية ضد بعضهما، وكان رئيس الحكومة سعد الحريري قائد الفريق الاحمر الذي هزم الفريق الأبيض بقيادة النائب علي عمار بهدفين مقابل لا شيء. والهدفان كانا للأشد نشاطاً وحيوية على مدار نصف الساعة، النائب سامي الجميل، وهو لم يكن الاصغر سناً في الملعب فحسب، بل الأنحف، وبالتالي الأقدر على الركض. غير أن مهارة الجميّل لا تصنع عرساً وحدها. فالسياسيون الذين جاؤوا مشاهدين أيضاً (حضر رئيس الجمهورية ووزراء ونواب في المنصة الرسمية وغاب الرئيس نبيه بري)، لم يجرؤوا على دعوة الجمهور، أو الجمهورين، للاحتفال معهم بهذا العرس. ففوتوا بذلك فرصة إيصال الرسالة الكروية مباشرة إلى ستين الف مقعد ظلت خاوية من الناس، بسبب خوف غير مبرر من هؤلاء الذين يُجيشون بالملايين للنزول إلى ساحات اللون الواحد، ويمنعون من فرصة الاختلاط بعضهم ببعض والتفرج على مرح القوى السياسية.. في اللعبة الشعبية الاولى.
هكذا، لم تستطع مباراة كرة القدم هذه، »النادرة الحدوث«، أن تقفز فوق مفهوم السياسيين لجماهيرهم. هؤلاء بنظر قادتهم، ما زالوا أقل وعياً
مما يجب، لذا فهم أخطر من أن يتواجدوا معاً في ملعب لكرة القدم. ومع أن اللبنانيين بذلوا ويبذلون كامل جهدهم في اثبات كفاءتهم ووعيهم السياسيين، فقد فضل ممثلوهم تعليمهم عن بعد، متقين شر قدومهم إلى الملعب، ومتقين بالتالي، الشر المستطير. لماذا تقام المباراة إذاً، والحال هي هذه؟ لم تخسر مباراة الامس غايتها فحسب، بل انقلبت إلى عكسها. وتحولت إلى نصف ساعة من المرح عاشتها هذه المجموعة تشبه إلى حد بعيد أي مباراة تنظمها شركة بين موظفيها. وإذ ينحصر العرس في الملعب، ولا يتعداه إلى مدرجاته، فلا يبقى إلا »العودة إلى مجريات المباراة« على ما يقول المصطلح الرياضي. وفي المجريات:
مع أن الفرص كانت نادرة، إلا أن معظمها كان ضائعاً. وفي اغلب الاوقات، كانت الكرات الممررة بين اللاعبين مقطوعة. الجديد كلياً هو أن اللعب كان نظيفاً وناعماً، إلا أن هذا مرده إلى قلة الحوافز لدى الفريقين، وضعف الخبرة، حيث كان يكفي للاعب أن تصل إليه الكرة حتى يتعثر بها ويتدحرج على الأرض. وبينما أمضى معظم اللاعبين وقتهم متفرجين، واعتمد الهجوم على المبادرات الفردية العشوائية، فقد تميّز في الفريق الأحمر اللاعب سعد الحريري، رئيس الحكومة الشاب الذي صنع العديد من الهجمات ومرر كل الكرات التي وصلت إليه من دون أنانية أو محاباة، فلم يميز بين النائب سامي الجميل والوزير جبران باسيل. وإذا كان الأول سجل هدفين في مرمى النائب قاسم هاشم، بمجهود فردي ضئيل نظراً إلى فارق المستوى والعمر بينه وبين كل الآخرين، فإن الثاني، باسيل، لعب بجدية مطلقة وبزخم استمر على حاله طوال نصف الساعة، لكن الحظ لم يحالفه كما حالف زميله الجميل. وبالطبع، فإن الحريري كان سيسجل هدفاً تاريخياً، لو أن ركلة »الدوبل كيك« الصاروخية التي سددها لم تحاذ القائم في طريقها إلى خارج الملعب.
أما الفريق الأبيض فبدا، على مدار الشوطين، تائهاً، على الرغم من نشاط النائب آلان عون وحركته المكوكية مهاجماً ومدافعاً، ومعه النائب علي بزي الذي أظهر مهارات فنية ومراوغة عالية لم تسفر، لأسف البيض، عن أهداف. وفي المحصلة، سيطر الأحمر على الملعب وسجل مرتين واستحق الفوز، في مباراة تنبأ الحاضرون بأنها ستكون محسومة، أو بالأحرى محكومة بالتعادل، لفهمهم العميق لطبيعة التركيبة اللبنانية. فكانت المفاجأة السياسية الوحيدة في المباراة هي هذه النتيجة غير التوافقية. وبالطبع، فقد خسرت المباراة نكهة مشاركة لاعب كبير مثل النائب وليد جنبلاط. هذا الذي قال زميل إنه لو لعب، لكان حارساً للمرميين في الآن نفسه. وكما في البداية، كذلك في النهاية، غمر الجميع الجميع، في مشهد يمكن أن تقشعر له أبدان اللبنانيين الذين يجيشون بالملايين إلى تظاهرات اللون الواحد، ومنعوا بالأمس من الدخول إلى ملعب وحدة وطنية لا معنى لمدرجاته وللمباراة فيه، إذا كان اللاعبون، عشية خمس وثلاثين سنة على ذكرى حرب إنتهت قبل عشرين عاماً.. ما زالوا يخافون من الجمهور، ويرتعبون من فكرة اختلاط نصفه بنصفه الآخر.
لعبت الجمهورية أمس، في ذكرى 13 نيسان. من بعيد، تفرج الجمهور. تسلى؟ ربما. هل أنسته المباراة تلك الذكرى البعيدة.. القائمة أبداً؟ الاكيد أنه لم ينس. النسيان يحتاج إلى أكثر من نصف ساعة من تبادل الركلات والقبلات. يحتاج أكثر.
عن «السفير»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.