هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات حول مشروع القانون المتعلق بتغيير وتتميم القانون 22/01 المتعلق بالمسطرة الجنائية

لم تمض على دخول القانون 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية إلا أقل من 9 سنوات لتبادر وزارة العدل الى تقديم اقتراحات بتعديله، وهذه المبادرة يمكن أن توصف بالسلبية، كما يمكن أن توصف بالإيجابية.
الملاحظة الأولى:
مظاهره السلبية فيها تتجلى في كون قانون، كيف ما كان، لا يمكن تقييمه، أي ملامسة أوجه النقض فيه، إلا بعد فترة مقبولة من تطبيقه، وهي فترة تتاح فيها للدارسين والمتتبعين والممارسين الفرصة لتلمس نقص كبير من شأنه الإخلال بالتوازن بين حقوق جميع الأطراف المعنية بذلك القانون، وهو ما يدفع الى التساؤل هل يتوفر المغرب اليوم على حصيلة كافية للقيام بإجراء تعديل على ذلك القانون.
أما مظاهره الإيجابية فتتجلى في أن المتتبع لما يقع في الدول الديمقراطية، أي الدول التي للقانون فيها سلطة، سيلاحظ أن القوانين تتغير بسرعة أكبر مما عهدناه نحن في بلادنا، وخصوصا منها القوانين التي لها علاقة بتنظيم الحريات الفردية والجماعية.
لكن، إن كان من مظهر يمكن تبنيه وتشجيعه فهو المظهر الإيجابي، أي المتمثل في التدخل لتغيير كل قاعدة تصبح محل جدل أو إحداث قواعد لتغطية خصاص معين.
وهذه المبادرة، التي يجب أن تكون هي القاعدة في بلادنا، يجب أن تشكل كل القوانين من أجل خلق ديناميكية قانونية تواكب التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية التي تعرفها بلادنا.
الملاحظة الثانية:
إن مبادرة وزارة العدل بتقديم مشروع تعديل على قانون المسطرة، مرفق ب «مذكرة تقديم» تشكل تحولا في الفكر القانوني المغربي، أي في فكر المشرع، الذي لم يرد أن يقدم قوانين لتنظيم المجتمع دون أن يفصح عن الغرض من تلك القوانين.
فهو من جانب أول، إعلان عن نوايا الحكومة ونظرتها في الفلسفة التي تؤطر تلك القوانين الجديدة.
لكن، من جانب ثان، فإن مذكرة التقديم هي تحديد للفكر المؤسسي لتلك القواعد، بمعنى، يجب أن لا تكون القواعد القانونية التي سيحدثها مشروع التعديل تسير في تناقض مع المبادىء والأفكار المحددة في مذكرة التقديم.
الملاحظة الثالثة:
وهي ملاحظة مستلخصة من الملاحظة الأولى وتتلخص في كون القارىء للقواعد القانونية المحدثة بمقتضى مشروع التعديل يظهر في بعض الحالات متناقضة مع المبادىء والأفكار التي نصت عليها مذكرة التقديم كمحدد وكمؤسس للفكر القانوني الذي أطر تلك التعديلات وهو ما سنتناوله فيما بعد.
الملاحظة الرابعة:
هو أن الفكر القانوني المؤسسي لهذه التعديلات يظهر أنه أتى كرد فعل على معالجة إشكالية عويصة هي اليوم محل تجاذب ونقاش ساخنين، وهي كيف يمكن التزاوج ما بين التطور المذهل لمسار حقوق الإنسان ببلادنا وسيرها الحثيث نحو تثبيت بنيان دولة القانون من جهة، والزحف المخيف للجريمة التي تطورت، كماً وكيفاً وتجاوزت الحدود الوطنية إلى جريمة منظمة غير وطنية لم تعد تعطي أي اعتبار لحدود الدول من جهة أخرى، جعل مراجعة هذا القانون تفرض نفسها، كما ورد في الفقرة الثانية من الصفحة 1 من مذكرة التقديم.
غير أن مذكرة التقديم حددت لنفسها مجالات التدخل، وذلك عندما حصرته في 7 مجالات هي المذكورة في الفقرة الأولى من الصفحة 2 من تلك المذكرة.
بعد هذه الملاحظات الأولية، سنتناول المواد، مادة مادة، لملامسة وجه التعديل الذي يرى المشروع ضرورة له، مع إبداء بعض الملاحظات حوله.
ملاحظات حول المادة 2:
أقرت هذه المادة، بكل وضوح، قاعدة جديدة ترمي الى رفع الطابع العقابي على التدابير الوقائية أو تدابير الحماية والتهذيب المتخذة في حق الأحداث، مما يعني أن كل ما يتخذ من تلك التدابير لم يعد له صفة العقوبة الجنائية، وهو ما سنلاحظه في القاعدة الجديدة للمشروع المضمن في المادة 1/462 التي نصت على ما يلي:
«لا تكتسي محاكمة الأحداث طبيعة عقابية».
لكن، هذا التقدم في إعادة وضع قواعد جديدة لتعامل المجتمع مع أطفاله، يجب أن يذهب الى نهائية، وذلك بتعديل المادة 658 التي تنظم البيانات التي يجب أن تشملها البطاقة رقم 1 من السجل العدلي، والتي تنص على أن من جملة تلك البيانات المقررات الصادرة في حق الحدث المشار إليها في المادة 506.
وأنه بالرجوع الى هذه المادة الأخيرة، سيلاحظ أنها تتكلم عن تدابير الحماية أو التهذيب.
لذا، من المفيد من أجل إعطاء التعديل المدخل على المادة 2 مداه الحقيقي أن تحذف المادة 506 والفقرة رقم 2 من المادة 658.
ملاحظات حول المادة 41:
الملاحظة الأولى:
أتت لتؤكد على إمكانية الصلح في الدعوى العمومية بخصوص الجرائم التي لا تزيد العقوبة الحبسية على سنتين وغرامة لا تتجاوز 100.000,00 درهم أو بأحدهما، لكنها شملت إمكانية الصلح في جرائم أخرى تتجاوز ذلك الحد من العقوبة، وذلك الحد من الغرامة.
وبخصوص الجنح المضافة بمقتضى مشروع التعديل، يمكن إبداء الملاحظات التالية:
1 لا يظهر من اختيار الفصول المعنية بالصلح ما هو المعيار المعتمد، هل هو الضرر الذي يلحق المتضرر من الجريمة، أم هو الضرر الذي يلحق المجتمع بغض النظر عن موقف المتضرر الشخصي.لأن تدقيق ذلك المعيار سيسهل فرز الجرائم التي يجب إخضاعها لإمكانية التصالح في الدعوى العمومية، مما يجعل الرؤية واضحة للفرد في المجتمع، ويحد من سلطة التحكم في آلية الصلح من قبل أي طرف من أطرافها، علما أن هذه الملاحظة تستحضر أن الفقرة 1 و 2 من المادة 41 توحي بضرورة الإجماع على الصلح من قبل المتضرر والمشتكي ووكيل الملك.
لكن، من الناحية العلمية ومن ناحية ضبط آلية تشريع القاعدة القانونية لا بد من تحديد معيار لفرز الأسس المعتمدة لإقرار القواعد القانونية حتى تكون لها مشروعية مجتمعية، وبالتالي مشروعية دستورية وقانونية، لأنها بنيت على فرز واضح للظواهر المجتمعية التي تريد تلك القواعد تنظيمها.
لهذا، فإن المطلع على الفقرة 3 من المادة 41 سيلاحظ أن هذه الأخيرة أضافت جنحا مثل 401 و 404 التي يمكن التصالح بشأنها ويظهر أن المعيار المعتمد فيها هو الضرر الشخصي اللاحق بالمتضرر.
لكن، عندما ننتقل الى فصل الجنح المنصوص عليها في الفصل 425 و 426،سنلاحظ أن جريمة لا تعني شخصاً بذاته، وربما وضعت لحماية المجتمع بكامله من التهديد بارتكاب جناية.
الملاحظة الثانية:
إذا كان المعيار الشخصي هو المهيمن في إخضاع بعض الجنح التي تتجاوز عقوبتها سنتين، فإنه من المفيد إخضاع جميع الجرائم ذات الطابع المالي الشخصي مثل جرائم الفصل 543 و 544 خصوصاً وأنه تم إخضاع المادة 316 من مدونة التجارة والمتعلق بالشيك والفصل 553 المتعلق بخيانة أمانة التوقيع.
الملاحظة الثالثة:
لقد نص مشروع تعديل المادة 41 على مؤسسة قضائية جديدة هي«القاضي المكلف بالصلح».
فهذه مهمة الصلح لم تبق داخله في اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه، كما تنص على ذلك المادة 41 الجاري بها العمل، وإنما أصبحت مهمة المصادقة على الصلح، من اختصاص هيأة قضائية جديدة وهي «القاضي المكلف بالصلح»، وهذا يشترط أن يتم تعديل التنظيم القضائي للمملكة والنظام الأساسي للقضاء من أجل إدماج هذه المؤسسة في القانونين معاً وملاءمة قواعدها معه.
الملاحظة الرابعة:
إن الفقرة الأخيرة من مشروع المادة 41 نصت على وسيلة جديدة لتوقف الدعوى العمومية، مما يستلزم تعديل موازي للفقرة 4 و 5 من المادة 6 من قانون المسطرة الجنائية التي تنظم حالات إيقاف مدة تقادم الدعوى العمومية.
الملاحظة الخامسة:
وهي أن قواعد التصالح بشأن الدعوى العمومية لم تستعمل منذ تطبيق قانون المسطرة الجنائية سنة 2003.
وأنه يظهر أن الأمر غير مرتبط بإشكالات قانونية، بغض النظر عن بعضها الموجود فعلا، لكن لابد من تدخل السياسة الجنائية التي ينفذها وزير العدل عن طريق الوكلاء العامين طبقا للفصل 51 من قانون المسطرة أن تضع من أولوياتها تطبيق قواعد التصالح في الدعوى العمومية وتسخر لذلك كل الإمكانيات اللوجيستيكية.
ملاحظات حول المادة 46:
أحدث مشروع تعديل الفقرة 2 من المادة 46 قاعدة جديدة تعطي للوكيل العام حق تعيين جميع ممثلي النيابة العامة إذا حدث لهم مانع، أن تنتدب أحد نوابه أو أعضاء النيابة العامة بالدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف.
غير أن مشروع التعديل ذاك يستلزم اثارة الملاحظات التالية:
1 - أن الفقرة 2 من المادة 46 الحالية لا تتكلم عن الانتداب، وذلك وعيا من مشرعها بكون الانتداب هو من اختصاص وزير العدل ويقتضي قبول تعديل الفقرة 2 من المادة 46 المذكور وإلغاء سلطة وزير العدل في الانتداب أي تعديل القانون المنظم لسلطة الانتداب المعطاة لوزير العدل.
2 - ان التعديل المطلوب ادخاله على الفقرة 2 من المادة 46 يمكن اعتباره نموذجا على ما سبق بيانه في «التقديم» من كون أن التعديل يجب أن يخضع لمنطق وفلسفة وأن لا يأخذ من منابع مختلفة وقد تكون متناقضة.
ذلك أن الفقرة 2 من المادة 46 الحالية تعطي في حالة تغيب جميع ممثلي النيابة العامة أو حدث لهم مانع، لرئيس المحكمة أو نائبه أن يعين أحد قضاة المحكمة لتقوم بجميع اختصاصات النيابة العامة.
فالفقرة 2 من المادة 46 كانت منسجمة مع النسق القانوني العام الذي يضبط وضعية واختصاص جميع المتدخلين في العملية القضائية، لذا حرص مشرع المادة 46 الحالية على:
1 - أن لا يصف تدخل رئيس المحكمة في هذه الحالة ب «انتداب» وإنما استعمل المشرع كلمة «ليقوم بجميع اختصاصات النيابة العامة» مما يعني أن رفع المانع على أعضاء النيابة العامة يؤدي قانونا لاسترجاعهم اختصاصاتهم.
2 - إن استعمال انتداب في مشروع تعديل الفقرة 2 من المادة 46، يعني تنصيب قاض محل قاض آخر بكل ما يستلزم ذلك من نقل السلطات القضائية من قاضي لآخر، والحال أن هذه المهمة هي من الاختصاص الخاص بالمجلس الاعلى للقضاء.
3 - أن نزع هذا الاختصاص من رئيس المحكمة وإعطائه للوكيل العام هو إعلان جديد عند بروز سلطة النيابة العامة في مقابل سلطة رئاسة المحكمة، أي التمييز بين سلطة القضاء الجالس وسلطة القضاء الواقف، وهذا أمر ليس مستهجنا، وإنما مؤسسا لرأي في تدبير إشكالية استقلال القضاء، إذ في دول ديمقراطية أخرى هناك فصل عضوي بين القضاء الجالس والقضاء الواقف ولكل مجلسه الأعلى ولكل مجلسه التأديبي.
لذا، فإن الغرض من سن التعديل المذكور، هل هو التأسيس مستقبلا لهذا التمييز بين سلطة القضاء الجالس وسلطة القضاء الواقف، فمن المفيد الافصاح عليه بشكل واضح من جهة، وتأكيد تنفيذي في عدة مواقع قانونية من جهة على مستوى السياسة الجنائية من جهة أخرى.
ملاحظات حول المادة 52:
الملاحظ أن مشروع تعديل المادة 52 هم إخراج قرار تعيين قضاء التحقيق سواء أمام المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف من اختصاص وزير العدل وادخال في اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بناء على على اقتراح من الوكيل العام للملك بها.
وهذا التعديل يثير الملاحظات التالية:
1 - إذا أصبح تعيين قاضي التحقيق من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، فإن التساؤل الذي يجب الرد عليه هو هل سيحتفظ قاضي التحقيق بمهمته كقاضي الاتهام أم سيأخذ مهام قضاء الحكم.
ذلك أن قضاة التحقيق يصنفون في جهة الاتهام إلى جانب النيابة العامة، لهذا كان تعيينهم يتم بقرار لوزير العدل باعتباره هو رئيس النيابة العامة.
لكن، عندما سيتم قطع العلاقة العضوية ما بين وزير العدل وقاضي التحقيق، من جهة وإسناد هذه المهمة للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، فإن التساؤل التالي يجد مبرره وهو هل التعديل يعني تغيير هيكلة نظام الاتهام المتبع في المغرب، وذلك بنقل السلطة من النيابة العامة ووزير العدل - السلطة التنفيذية الخاضعة للمساءلة من طرف البرلمان - إلى سلطة قضائية مستقلة وغير قابلة للمساءلة البرلمانية وهي سلطة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
2 - عندما ينص التعديل على أن تعيين قاضي التحقيق يتم بقرار للرئيس الأول بناء على اقتراح للوكيل العام للملك لا يجيب التعديل على حالة رفض الرئيس الأول اقتراح الوكيل العام، فهل من حقه مطالبة الوكيل بتقديم اقتراح جديد، أم أن الصيغة التي كتب بها التعديل يفهم منها أن لا خيار للرئيس الأول أمام اقتراح الوكيل العام.
إن مبدأ الحكامة في التشريح يقتضي أن تكون القاعدة القانونية وسيلة واضحة لتيسير سير المؤسسات لا أن تكون وسيلة لإثارة الاشكالات التي قد تعرقل سير المؤسسات، لذا، من المفيد توضيح من هي السلطة صاحبة القرار في تعيين قاضي التحقيق، هل هو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أم هو الوكيل العام للملك.
ملاحظات حول المادة 75:
عند الاطلاع على ما أتى به مشروع التعديل، سيلاحظ أنه غير في الفقرة 3 من المادة 75 كلمة «تحقيق» بكلمة «بحث».
وهذا التغير الاخير ليس لغويا بالطبع، وإنما له حمولة قانونية كبيرة، أنه يترجم نية مشروع بتعديل القيمة القانونية لما يقوم به قاضي التحقيق، هل هو تحقيق بكل ما تعني هذه الوظيفة من سلطات وقرارات وآثارها على أطر الدعوى، أم أن وظيفته ماهي إلا بحث مثل ما يقوم به جميع ضباط الشرطة القضائية، مما يعني إنزال رتبة قاضي التحقيق في حالة المادة 75 من ضابط سام للشرطة القضائية إلى ضابط شرطة عادي.
غير أنه إذا كانت هذه هي نية مشرع التعديل، فلماذا الابقاء على الفقرة الاولى من نفس المادة التي تلزم الوكيل العام للملك ووكيل الملك بالتخلي عن القضية عندما يحضر قاضي التحقيق ذلك التخلي الذي يتم بقوة القانون.
لذا، فإن نفس الملاحظة المثارة سابقا بخصوص توضيح صياغة القواعد القانونية واستحضار أن يكون سن القاعدة القانونية من أجل تيسير سير المؤسسات القضائية وليس لكي تكون موضوع نقاش حول اختصاصات المتدخلين في تدبير الجريمة.
ملاحظة حول المادة 83:
لقد أتى مشروع تعديل المادة 83 بمقتضى جديد وهو حذف أي إمكانية للتحقيق في الجنايات المعاقب عليها بعقوبة يصل حدها الأقصى إلى 30 سنة، وذلك عندما حذف هذا النوع من الجنايات من الفقرة رقم 1 من تلك المادة، علما:
أن الفقرة الثانية من نفس المادة تتعلق بالجنايات المتعلقة بالأحداث
ان الجرائم المعاقب عليها بأكثر من 5 سنوات حصرتها تلك الفقرة في الجنح وليس في الجنايات.
وأنه يتبين أن صياغة التعديل المدخل على المادة 83 المذكورة أخرج الجنايات المحددة عقوبتها في 30 سنة من التحقيق.
إذا كان هذا التعديل مفهوما، فهل المقصود هو أن الجنايات المعاقب عليها ب 30 سنة ستحال مباشرة من النيابة العامة على الجلسة بدون تحقيق لا إلزامي ولا اختياري.
إن هذا الاختيار لا يساير ما تضمنته مذكرة التقديم عندما نصت على تبني مرجعية المحاكمة العادية كما ورد في الصفحة 2 من مذكرة التقديم.
ملاحظات حول المادة 93:
من المفيد الاشارة إلى أن المادة 93 أتت في الباب الثالث من القسم الثاني من الكتاب الاول المتعلق ب «التحري عن الجرائم وعاقبتها» وهو الباب الذي بدأ بالمادة 92.
غير أن حذف الفقرة الأولى من المادة 93 التي تلزم قاضي التحقيق عندما يتلقى شكاية بتبليغها إلى وكيل الملك أو الوكيل العام يستدعي التساؤلات التالية:
1 - هذ هذا الحذف يعني أن قاضي التحقيق سيصبح مستقلا عن النيابة العامة في تدبير الدعوى العمومية التي يقيمها المطالب بالحق المدني ليتخذ فيها ما يراه هو، دونما حاجة لمعرفة رأي النيابة العامة.
2 - كيف يمكن للنيابة العامة إعمال مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 93، وهي لا تعلم بما يقوم به قاضي التحقيق عندما يبلغ بشكاية من المطالب بالحق المدني.
3 - أليس حذف الفقرة الأولى من المادة 93 يعني في الواقع، حدد حق المشتكي في تحريك الدعوى العمومية أمام قاضي التحقيق خصوصا وأنه بالرجوع إلى الفقرة الاخيرة من الصفحة 5 من مذكرة التقديم، سيلاحظ أنها تكلمت بالفعل على حقوق الضحية، لكن لا يوجد من بينها حقه في تحريك الدعوى العمومية.
وبالفعل، فإن إلغاء حق الضحية في تحريك الدعوى العمومية عندما تستعمل النيابة العامة حقها في الملاءمة، سيؤدي ليس إلى تقوية مركز الضحية وإنما إلى إخلال بحقوق الضحية، بل بالتراجع على مكتسبات سنها قانون المسطرة الجنائية منذ 1959.
لذا، قلنا أن هناك بعض التعديلات التي لا تساير التوجه العام في التحديث والحكامة الجيدة وفي ضمان المحاكمة العادلة، إذ أن المحاكمة العادلة ليس حقا حصريا للمتهم، وإنما هي كذلك حق للمضرر.
وأن هذا التراجع سيظهر بأكثر وضوح في التعديل الذي يراد إدخاله على المادة 95 عندما سيتم استبدال السطر الأول من تلك المادة بكلمة «يجب على الطرف المدني عند اقامته للدعوى العمومية» بكلمة «يجب على الطرف المدني عند إقامته للدعوى المدنية»
وهذا اختيار يجب، فقط توضيحه وتبريره لكي يفهم ويكون واضحا.
ملاحظة حول المادة 296:
لقد أتى مشروع التعديل بآلية جديدة للبحث في الجريمة وهي آلية الاختراق.
وأنه من المفيد الاشارة إلى أن آلية الاختراق ليست جديدة في قانون المسطرة الجنائية، أي ليست جديدة في آليات البحث، إذ أن قانون المسطرة الجنائية المطبق منذ 2003 نص على آلية التنصت، هي آلية للاختراق بواسطة التقنيات، بينما آلية الاختراق التي أتى بها تعديل المادة 296 فإنها تتم بواسطة الانسان وليس بواسطة تقنية آلية.
فإذن، نحن أمام تطور في إبداع آليات البحث على الجريمة بموازاة تطور وتعقد الجريمة بشكل عام والجريمة المنظمة بشكل آخر.
لكن، من المفيد الاشارة إلى أن مشروع قانون المسطرة الجنائية لسنة 2003 أتى بآلية التقاط المكالمات ليس باب البحث أي المواد 108 وما بعدها، وإنما قدمه، في أول الأمر، في باب الإثبات.
وبعد نقاش طويل تم تدارك هذا الأمر بنقل آلية التنصت من باب الإثبات الى باب البحث، ليبقى ما تم الحصول عليه من معلومات بواسطة التنصت لا يشكل حجة قاطعة وإنما عنصرا من عناصر البحث في ثبوت الجريمة.
غير أن التعديل المراد إدخاله يتعلق بالمادة 296 وإن كان مقبولا إحداث آلية الاختراق كما سبق بيانه وإعطاؤها الشرعية القانونية، فإن دمج التعديل في مادة تتعلق بالإثبات من جهة ما انتهت إليه المادة من عبارة «إلا إذا تصرف منفذ العملية بناء على هويته الحقيقية» من جهة أخرى نثير بعض التساؤلات أهمها: هل يعتبر من قام بعملية الاحتراف والذي تصرف بناء على هويته الحقيقية شاهدا تقام الحجة به وفق ما تنص عليه المادة 296 من قانون المسطرة الجنائية الحالية؟
إن قراءة التعديل المدخل على المادة 296 واستعماله لآلية نفي النفي «لايمكن إدانة...» «إلا إذا تصرف منفذ العملية بناء على هويته الحقيقية....» يعني أنه إذا استعمل هويته الحقيقية سيعتبر شاهدا وبالتالي تقام بواسطته الحجة بما سيصرح به بناء على السطر الاول من المادة 296 التي اعتبرت من طرف مشرع قانون المسطرة لسنة 2003 تقدما كبيرا لحماية المتهم أصلا وليس لحماية الضحية فقط، كما قد يتبادر الى الذهن.
ملاحظة حول المادة 304:
يعتبر التعديل الذي أدخل على هذه المادة وذلك بالنص على تحقق الرئيس من حضور الضحية سدا لفراغ كبير جدا كان تتعرض فيه حقوق الضحايا للضياع.
إذ أن بعض المحاكم كانت تذهب الى أنه لا يوجد نص يلزمه باستدعاء الضحية، وبالتالي يتم البت في الدعوى العمومية دون استدعاء للضحية.
وبهذا التحول يحقق التوازن بين المتهم والضحية أمام القضاء وهو ما سيؤكده مشروع التعديل الذي هم المادة 308 الذي ألزم استدعاء الضحية كذلك.
ملاحظة حول المادة 350:
لقد أتى مشروع تعديل المادة 350 بقاعدة قد تكون لها آثار مضرة بحقوق المطالب بالحق المدني محرك الدعوى العمومية، في الحالة التي تبقى فيها إرادة المشرع على هذا الحق، وذلك عندما نص على ضرورة أن تتضمن المذكرة البيانات الكفيلة للتعرف بالمتهم.
وأنه من المفيد الإشارة الى أن الفقرة 2 من المادة 350 تتكلم على الضحية الذي يريد أن ينتصب طرفا مدنيا في دعوى عمومية رائجة، لذا لم يكن مشروع قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959 أو مشرعها لسنة 2003 يشترط أن تتضمن المذكرة بيانات حول المتهم لأن الملف المفتوح يتضمن جميع بيانات المتهم بالتهم.
لكن، إن الإبقاء على هذا التعديل سيطرح مشكلا آخر أعوص وهو ضرورة أن تتوفر الشكاية المباشرة على الهوية الكاملة للمتهم، من اسم شخصي وعائلي وسن ازدياد وفخذة وإقليم ورقم البطاقة الوطنية، وهي معلومات لا يمكن للمتضرر أن يحصل عليها لأنها معلومات شخصية لا توجد أي إدارة أو مصلحة تسلمها، وهو ما أقره المجلس الاعلى منذ 1994.
لذا، من المفيد الإبقاء على المادة 350 بخصوص هوية المتهم كما كانت، ضمانا لحقوق الضحية، علما أن من شأن الإبقاء على مشروع التعديل هو المنع الكلي والنهائي لأي شكاية أو فتح متابعة ضد مجهول، وهو الامر الذي سيكون المغرب وحده من ينص عليه، نظرا لكون آلية فتح تحقيق ضد مجهول هي آلية موجودة ومقبولة في كل المساطر الجنائية لكل الدول.
(*) محام مقبول
لدى المجلس الأعلى
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.