رحلة بطول عمر، تجربة حافلة بالتنوع والعطاءات، سفر تلفزيوني من بداياته إلى اليوم الذي نعيش .. أربعون سنة ويزيد من الوفاء،.. خبر فيها محمد اقصايب التلفزيون وخبر التلفزيون محمد اقصايب، من عهد «الإذاعة والتلفزة المغربية» إلى عهد «الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة».. بصم على إبداعات تلفزيونية أثارها تأبى أن تمحى، بل تأبى ذاكراتنا أن تمحيها، جعلته من بين الأسماء المغربية الأكثر تتويجا بمهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.. دائما خلف الكاميرا، كان ولازال، لا يظهر أثر لهويته إلا عبر جنيريك البداية والنهاية، لكن مهنيته تتحدث كَعَلَم في الميدان، بدءا ككاميرامان بارز محترف بدار لبريهي في ستينيات القرن الماضي (1967)، ونهاية كمخرج، متواصل العطاء، بنفس الدار منذ السبعينات (1979) إلى الآن.. وقع على برامج ليست ككل البرامج، تاريخها يشهد له بذلك، بل الأسماء التي واكبته وواكبها، في التهييء والإعداد .. تبوح له بالتواضع والإنصات والإبداع.. أول توقيع إخراجي بصم عليه محمد اقصايب كان «إيقاع وأبطال»، ذلك الوثائقي الذي سيفتح له المجال الواسع للتعامل مع رواد في عالم السينما والمسرح والثقافة وهلم جرا.. لتنهمر البرامج تلو البرامج مع أسماء وأعلام هي علامات مضيئة في فن الوطن.. فكانت «ملفات السينما» ( 84 - 85)، و«أفلام المخرجين» رفقة نور الدين الصايل، و«تراڤلين» مع سهيل بنبركة ونور الدين الصايل أيضا، ومسرحيات بمعية الطيب الصديقي في «المجذوب» (86)، و«المعلم عزوز» وملحمات «مسيرتنا»، «نحن».. والملحمة التاريخية«أضواء وأصوات» ومع محمد حسن الجندي في «العهد».. تجربة محمد اقصايب لم تقف عند الرواد، فكان للشباب نصيب.. حيث خاض في أعمال إبداعية مع الإعلامية بشرى مازيه في برنامجيها «حضور» و«مشاهد»، كما كانت له تجربة من قبل في«كمبيوتر سبعة» ومن بعد في «كافي تي ڤي» و«أبواب» واستقبالا «بصيغة أخرى» البرنامج الثقافي الجديد الذي لم يبث بعد. الدراما الوطنية انجدب إليها كما انجذبت هي إليه.. فكان أول تشكيل إبداعي بالنسبة إليه «حتى إشعار آخر»، الفيلم التلفزيوني المستنبطة أحداثه عن رواية لمحمد الصوف، هذا العمل الذي حظي بالجائزة الفضية للعمل المتكامل بمهرجان القاهرة 2005، كما حظي بجائزة أحسن إخرج. ليأتي دور مسلسل «الأخطبوط» الذي حاز أيضا تنويها وجائزة بنفس المهرجان سنة 2006، بالإضافة إلى تتويج المخرج بذرع المهرجان تقديرا له كإعلامي لما قدمه للإعلام العربي.. وقبل ذلك كان قد توج بجائزة الإبداع من خلال برنامج «حضور» سنة 1998 . محمد اقصايب الذي تتوج مسيرته التلفزيونية الطويلة من خلال حفلات تكريم متواصلة، آخرها تظاهرة«نجوم بلادي» في دورتها السادسة التي ستقام مساء يوم الخميس القادم بمسرح محمد الخامس بالرباط، لم تكن طريقه مفروشة كلها بالورود، فقد عاني وكابد ليوصل الصورة التي يريد، حيث فرضت عليه في يوم ما حالة بطالة قسرية وهو المبدع المقتدر، منذ أن انتهى من تصوير مسلسل الأخطبوط في دجنبر 2006 .. قدم مشاريع واقتراحات وإبداعات ولكن لا مجيب .. وكأن النجاحات تلو النجاحات كانت تشكل للبعض غصة في حلق، منها، ومن منطلق الثقة والإيمان بكفاءة الرجل، سيناريوهان من كتابة السيناريست والناقد الصحفي المصري سمير الجمل، قدما له ليفعل فيهما خياله، لكن كانت العراقيل تلو العراقيل.. الآن الرجل عاد يبدع .. ويعد مشاهد «الأولى» بمنتوجه الدارمي الجديد في مستقبل الأيام «رياضستان»..