شهدت كوبا في الأيام الأخيرة موجة من المظاهرات والاحتجاجات عقب وفاة أحد معارضي نظام آل كاسترو يوم 23 فبراير 2010، يتعلق الأمر بأورلاندو شاباتا تامايو الذي توفي بعد أن خاض إضراباً عن الطعام استمر لمدة 86 يوما. ينتمي أورلاندو شاباتا ابن ال 43 ربيعاً، إلى حزب «حركة البديل الجمهوري» المعارض. اعتقل سنة 2003 برفقة 75 ناشطا كوبياً آخرين في «الربيع الأسود» من تلك السنة، كما هو شائع في الجزيرة الكوبية. سبق لأورلاندو شاباتا أن اعتقل يوم 6 دجنبر 2002 بعد أن وُجهت إليه تهمة الإخلال بالنظام العام، ويوم 2 مارس 2003، أفرجت عنه السلطات ليقضي خارج أسوار السجن سوى 13 يوما، لأنها اعتقلته مجدداً يوم 20 من الشهر نفسه، في حي «بيدادو» بمعية 4 من رفاقه كانوا يخوضون إضراباً عن الطعام تضامنا مع رفيقهم القابع وراء القضبان، أوسكار إلياس بيسيت غونثاليث ومعتقلون آخرون. ألقيت على أورلادندو ثاباتا تهمة الإخلال بالنظام العام، وكان الحكم الصادر في حقه قاسيا جداً، فقد حكم عليه ب 25 سنة، تم تمديدها إلى 36 سنة بعد أحداث الشغب التي أثارها داخل السجن واحتجاجاته المتواصلة للتنديد بخروقات حقوق الإنسان في كوبا. دخل أورلاندو ثاباتا إضرابه المفتوح عن الطعام يوم 2 دجنبر 2010، بعد أن رفضت إدارة السجن الاستجابة لطلباته التي تقدم بها، فقد اعتبرته الادارة كأحد السجناء العاديين، بحمله على ارتداء زي يرتديه هؤلاء، مما أثار حفيظته معتبراً ذلك تنقيصاً من وزنه السياسي. دامت مدة الإضراب 86 يوماً توفي بعدها بأحد المستشفيات بالعاصمة الكوبية يوم 23 فبراير 2010. واتهمت والدته السلطات في كوبا بتدبير ما اعتبرته اغتيالا لإبنها بعد حرمانه من شرب الماء لمدة 18 يوما الأخيرة من حياته، ما أدى إلى تدهور حالته بشكل ملحوظ. أثارت وفاة أورلاندو شاباتا زوبعة من الاحتجاجات والانتقادات للنظام الكوبي، ووصف متحدثون عن الأحزاب المعارضة آل كاسترو «بالديكتاتوريين»، وحملوهم مسؤولية «الاغتيال». وتزامنت وفاة ثاباتا مع الزيارة التي كان يقوم بها رئيس البرازيل، لولادا سيلفا، الذي عبر عن أسفه العميق لما حصل. ولم يفت المعارضة وصف داسيلفا بالمتواطىء مع آل كاسترو بعد أن رفض استقبال زعمائها في البرازيل مؤخراً، وأنكر الرئيس البرازيلي من جهته أن يكون قد تسلم رسالة بعث بها المعتقلون السياسيون ليشفع لهم أمام راوول كاسترو، الرئيس الحالي لكوبا، والغريب في الأمر، أن هذا الأخير تأسف أيضا لما وقع، وأنكر أن يكون هناك معتقلون سياسيون في بلاده. وجاء الرد الرسمي في إسبانيا على لسان وزيرها الأول، خوصي لويس رودريغيث ثاباثيرو، الذي عبر عن أسفه الشديد لوفاة شاباتا، وطالب النظام الكوبي باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، على غرار التصريحات التي أفادت بها كاترين آشتون، الممثلة السامية للسياسة الخارجية للاتحاد الأوربي، التي دعت كوبا إلى احترام الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية التي وقعت عليها كوبا. ويرى البعض أن القسوة التي تعامل بها النظام مع أورلاندو ثاباتا لها علاقة بفولخينيو باتيستا الذي أطاحت به الثورة الغربية بزعامة آل كاسترو، فكلا الرجلين ينحدران من القرية نفسها. ودخل 4 من المعتقلين السياسيين في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجاً لما لحق برفيقهم، والضغط على السلطات للإفراج عن باقي المعتقلين المحكوم عليهم بعقوبات حبسية تفوق ال 20 سنة. في السياق ذاته، خاض الصحفي المستقل غييرمو فارينياس إضراباً عن الطعام ببيته، رافضاً تناول الماء حتماً، الذي عادة ما يعتكف عليه المضربون عن الطعام. وقبل 3 سنوات، أضرب الصحفي المذكور عن الطعام، احتجاجاً على الرقابة المفروضة على شبكة الأنترنيت، وكان قاب قوسين أو أدنى من مفارقة الحياة. وفي تصريح لإيليثاردو سانشيث، أحد مسؤولي لجنة حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية، أكد أن أزيد من 200 معتقل سياسي يوجد بالسجون الكوبية، 27 منهم في حالة صحية غير جيدة. ويعترض أغلب المعارضين عن خوض مثل هذه الإضرابات، لأن الحكومة عادة ما تقابل طلباتهم بالرفض والتعنت، وما وفاة شاباتا إلا دليلا قاطعا على ذلك. أعاد هذا الحادث مشكل حقوق الإنسان إلى الواجهة في كوبا، الذي لايزال محل جدل واسع لدى الجمعيات الحقوقية الدولية، التي تطالب كوبا بتفعيل المواثيق الدولية التي وقعت عليها في هذا المجال.